TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
أحداث الجامعات: مالكو يالنشامى
04/12/2016 - 3:00pm

طلبة نيوز-

الاستاذ الدكتور هاشم الطويل – جامعة الحسين بن طلال
اتصل بي صديق من المملكة العربية السعودية , يسألني : ونبرة الحزن واضحة بحديثه، متسائلاً عما فعله " النشامى " داخل أسوار الجامعة الأردنية ! لم يخلو حديثنا المتبادل من مرارة الموقف والاستهجان، أوضحت له موقفي، وبينت موقف علم الاجتماع من ذلك، حاولت اختصار الأسباب التي توصلت لها الأبحاث المنشورة ونتائج المؤتمرات والندوات وورش العمل العديدة، حتى أنني أوضحت قليلاً عما يدور من حوار داخل الغرف الصفية في المحاضرات، حاولت بقدر المستطاع إيصال الفكرة التي " نتمناها وندعيها " كأردنيين وكأكاديميين بشكل خاص، لكنه كان أسرع مني باستحضار الأفكار والكلمات، فذكر النشامى في كل جُملة رددها، وكان يعتصر حزناً وهو يقارن بين نشامى البطولات الرياضية، ونشامى القوات المسلحة، ونشامى الأجهزة الأمنية، ولم ينس نشامى الدفاع المدني الذين ملأت أخبار أفعالهم وسائل الاعلام المختلفة.....ثم عاد وتساءَل أين هؤلاء من " نشامى " فوضى الجامعات ؟!... وانتهى الاتصال.
البطالة، والفقر، وأوضاع الأسر الاقتصادية العنيدة والمؤلمة، وقيم المجتمع المتغيرة والمهزوزة ، والواسطة والمحسوبية المُسوغة، والأمراض النفسية المتأصلة، وسيادة القانون المرفوض ، والعدالة الاجتماعية الغائبة ، وطموحات الشباب المكبوتة ، ووظائف مؤسسات الوطن المدفونة.......، بعد كل هذا العصف الذهني، تساءلت بيني وبين نفسي: كيف لنا أن نتغلب على ما يجول بأفكارنا، كيف لنا أن نعالج جراحنا، كيف لنا التكيف مع طموحاتنا.... والأهم كيف لنا أن نُعيد أبناءنا إلى حضن الوطن؟! بتعزيز الولاء والانتماء ! بانتهاج الحوار بدل القمع والاستهتار ! بتسويغ الخلل بدل التفكير والابتكار ! ...... .
العدالة الاجتماعية، ثم العدالة الاجتماعية، ثم العدالة الاجتماعية، فهي الكفيلة بالإجابة على كل التساؤلات، أمّا أن نبقى ليل نهار نزاود على بعضنا، وعلى الآخرين بالولاء والإنتماء، من خلال الاستماع والاستمتاع بالأغاني والأهازيج الوطنية، بعيداً عن التطبيق العملي، غير آبهين حتى بنتائج البحوث المتخصصة، ولا بما جاء من توجيهات عامة للأفكار النيرة في خطابات التكليف السامي العديدة، ولا بما تضمنته الأوراق النقاشية لجلالة الملك والتي كان آخرها الورقة السادسة التي تحدثت عن الدولة المدنية، ودولة القانون والمؤسسات.
إنّ المتابع لما جرى ويجري داخل " الحرم " الجامعي في مؤسساتنا التعليمية , يصل إلى نتيجة مفادها أن " العنف الجامعي " ما هو الا امتداد " للعنف المجتمعي " الذي بات يضرب ليل نهار حتى داخل البيوت وبين أفراد الأسرة الواحدة، فهذه الظاهرة قد تخفي بين طياتها عيوباً كامنة في أساليب التنشئة الاجتماعية التي ننهجها، وفي مُجمل المسيرة التربوية-التعليمية!، من هنا نتساءل: هل البنية التربوية-المعرفية التي نزرعها في أذهان أبنائنا مشوهة !؟ ، هل اهتزت المنظومة القيمية لمجتمعنا إلى غير رجعة !؟، هل نستطيع معالجة ذلك بالإجراءات القانونية دون التوقف عند المحفزات الاجتماعية لهذه الظاهرة !؟، هل أنماط التربية وأساليب التنشئة مُسيطر عليها سلفاً من موروثنا الاجتماعي " السلبي " !؟، هل بات من المستحيل رفع سوية الوعي الديني والأخلاقي والحقوقي للأبناء !؟، وأخيراً وليس آخراً: هل نستطيع تعليم الأبناء سبل الحوار والتفكير النقدي وإكسابهم مهارات ذلك !؟ .
علينا الاعتراف أولاً بالخلل ! ثم البحث عن مُحفزات العنف ؛ ليتم اجتثاثها من مُخيلات أبنائنا، وزرع بذور فلسفة تربوية-تعليمية تقوم على مبادئ الاحترام والحوار والتسامح والتعاون وحب الوطن في رؤية استراتيجية حديثة وشاملة , تنبع من أصالة مكنوناتنا الدينية والحضارية والإنسانية.
إنّ التغيرات المجتمعية هي حصيلة طبيعية للحتمية التاريخية لتطور المجتمعات، فلا بُد من تطبيق القانون وإعادة الهيبة للدولة في نفوس الأبناء، فالتحولات التي حدثت في المجتمع، انعكست على جميع مؤسسات المجتمع ومنها الجامعات، فظاهرة العنف الجامعي ما هي إلا امتداد للعنف المجتمعي، الظاهرة الأشمل، التي تحتاج إلى مزيد من الدراسات الاجتماعية والانثروبولوجية، لأن ما جرى في الجامعة الأردنية ما هو الا نتيجة لتردي أوضاع التعليم العام (مدخلات ومخرجات)، والحل لمشكلة العنف لا يكون بتغليظ العقوبات فقط، بل بالإلتزام بمعايير تطبيقها المنصوص عليها وفق القوانين والأنظمة، ودون تراجع أمام ضغط اجتماعي أو واسطة أو محسوبية أو حتى رحمة، فالرد يجب أن يكون قانونياً وحازماً، حتى تبقى جامعاتنا منارات فكر وحاضنات إبداع وتميز، ولتبقى مجتمعاتنا مواقع عزّ وكرامة وتسامح، وحتى يستطيع الشاب أو الطالب التعبير عن رأيه بحرية منضبطة ومسؤولة ومنفتحة، وحتى لا يتكرر مثل هذا الأمر الذي أصبح يشكل " ظاهرة " باسم الحرية والتعبير عن الرأي، فإن إعادة العمل بقانون (خدمة العلم) أصبح المطلب الأول العاجل، وإعادة النظر بشكل علمي وعملي بكل ما يتعلق بالحرس الجامعي، ليكون قادراً (تشريعياً ومعنوياً) على التعامل مع المتطلبات المتنامية للجامعات، كذلك ضرورة وضع استراتيجيات ومواثيق شرف يُشارك في صياغتها المجتمع بكافة مؤسساته الرسمية والأهلية.
ولعلّ الفراغ الذي يعانيه الطالب الجامعي يكون دافعا له إلى بناء جسور من التواصل مع زملاء آخرين يعانون المشكلة ذاتها , ولديهم الإستعداد النفسي للقيام بأشكال من العنف , ومن هنا ياتي
دور عمادات شؤون الطلبة في تفعيل النشاطات الطلابية المختلفة , وتشجيع الطلبة للإنخراط بها ؛
فيمارسوا هواياتهم وطموحاتهم , وبذلك يقتلوا الفراغ والروتين المملّ لديهم .

التعليقات

د. وليد فندي العزام (.) الأحد, 12/04/2016 - 20:09

بهذا المقال الرائع وضعت النقاط على الحروف .... اامل ان يؤخذ كل حرف به بعين الاعتبار للحد من ظاهرة العنف المتزايدة في جامعاتنا العزيزة .... وان يطبق القانون على الجميع على حدا سواء و بدون اي مفاضلات على اخرى.
وفقك الله دكتورنا العزيز

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)