TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
إصلاح التعليم العالي والمقاومة من الداخل !!!
04/10/2015 - 4:45am

طلبة نيوز-

الأستاذ الدكتور أنيس الخصاونة

منذ إكمالي لدراستي العليا في الولايات المتحدة عام 1986 ومزاولتي لمهنة التدريس والإدارة الأكاديمية في عدد من الجامعات الأردنية الرسمية وأنا أسمع نفس العبارات المكررة التي يرددها المسؤولين في التعليم العالي والجامعات حول إصلاح التعليم العالي ، وإزالة الاختلالات التي تشوبه ،وموائمة المدخلات مع حاجات سوق العمل ،والتركيز على الجودة ،وتشجيع التعليم التقني. نعم منذ ثلاثون عاما لم يتحقق أي من هذه الأهداف ولم يتجسد أي من هذه الشعارات البراقة التي تدخل في باب علم الكلام لا في باب الوقائع والأفعال .كثيرون ممن يرفعون هذه الشعارات حفظوا الدرس ولديهم خطابات جاهزة ويتقنون استخدام المصطلحات لكنهم أنفسهم ساهموا بما وصل إليه التعليم العالي حاليا من خلال المواقع الجامعية التي شغلوها على مدار ثلاثة عقود من الزمن فهيهات أن يتحولوا هؤلاء إلى مصلحين حيث لم يسجل التاريخ قط إنجاز الإصلاح بذات المعاول التي تسببت بالعطب والانهيار.
لقد كانت جودة التعليم العالي في الاردن قبل ثلاثون عاما أفضل بكثير من سوية جامعاتنا ومعاهدنا اليوم سواء من حيث التعليم الجامعي أو التقني ناهيك عن أن جامعاتنا كانت أكثر فاعلية في غرس منظومة تربوية وقيمية لدى طلبتنا . أساتذة الجامعات كانوا أكثر جدارة وجدية في ممارسة أدوارهم التعليمية والبحثية والتربوية والطلبة كانوا أكثر استعدا وحرصا على التعلم ، ومنشآت الجامعات ومختبراتها وقاعاتها وتجهيزاتها كانت أفضل حالا وأحسن مواكبة لمتطلبات العلم والتكنولوجيا مع اننا لم يكن لدينا هيئات اعتماد ولا مراكز للجودة ولا صناديق للبحث العلمي لا بل لم يكن لدينا وزارة للتعليم العالي أيضا. أعضاء الهيئات التدريسية الذين يشكلون معاول التغيير كانوا قبل ثلث قرن من الزمان قد تخرجوا من أفضل الجامعات العالمية واليوم نرى حملة الشهادات العليا بالمراسلة من جامعات لم يزوروها على الاطلاق إلا يوم مناقشة رسالة الدكتوراه ناهيك عن انتشار مراكز ومكاتب متخصصة مهمتها استكتاب الرسائل الجامعية والبحوث العلمية المطلوبة لنيل الشهادات العليا. رتب وترقيات أعضاء الهيئات التدريسية في الجامعات قضية أخرى يشوبها ما يشوبها من شراء البحوث والسرقات العلمية واستكتاب أو استئجار زملاء آخرين وخصوصا من جنسيات عربية مهاجرة مقابل تمديد خدماتهم في الجامعات .
وزراء التعليم العالي المتعاقبين على اختلاف نحلهم ومدارسهم ونفوذهم كلهم ينادون بإصلاح التعليم العالي ويؤكدون على جدية الحكومة ووزارة التعليم التي يتربعون عليها في هذا المضمار ولكنهم يأتون ويذهبون ولا يتركون أثرا كبيرا في الإصلاح المنشود. هؤلاء الوزراء وزملائهم من المستوزرين يتنافسون على موقع الوزير وليس على قيادة الإصلاح .وهنا ينبغي أن لا يغيب عن بالنا أن اصلاح التعليم العالي أو حتى التعليم العام أو الصحة لا يتم وينبغي أن لا يتم على يد وزير أو شخص واحد ولا يجوز حتى أن يتم صياغة محتوى واتجاه التغيير في قضايا حيوية في التعليم بما ينسجم مع رؤى ومنظور وفهم وزير معين أو أمين عام. إصلاح التعليم العالي في الاردن على مدار العقود الماضية كان يتم على هذه الشاكلة أي وفقا لمعتقدات الوزير وأمينه العام وبضع اشخاص في مجلس التعليم العالي يتم اختيارهم وفق أسس غير أكاديمية مما يسهل توجيههم للموافقة على رغبات وتصورات الوزير ورؤى بعض الدوائر الرسمية من غير الأكاديمية.
منذ ما يناهز العامين شهد مجال إصلاح التعليم العالي دخول لاعب جديد نشأ من رحم مجلس النواب وتحت عنوان المبادرة النيابية لإصلاح التعليم العام والعالي. توسمنا خيرا في طروحات هذه المبادرة والقائمين عليها من النواب المهتمين بهذا الشأن الحيوي وفي مقدمتهم الدكتور مصطفى حمارنه الذي قاد هذا الجهد وتعرض لما تعرض إليه من تشكيك في المقاصد والغايات والارتباطات والحق يقال أن تشكيل هذه المبادرة إتاحة المجال للتمازج بين أفكار العاملين في منظمات التعليم العالي والنواب الذين يشرعون القوانين الناظمة لعمل الجامعات والمعاهد العلمية. وهنا لا بد لنا من أن نشير إلى أن تركيز المبادرة النيابية على صياغة مشروعها للإصلاح التعليم العالي بالاستناد إلى فهم وتصورات رؤساء الجامعات ورؤساء مجالس الأمناء الحاليين قد لا يسهم في تحقيق غايات المبادرة النبيلة. هؤلاء الرؤساء وتصوراتهم وإداراتهم أسهمت بما لا يدع مجالا للشك في وصول التعليم العالي للوضع غير المحمود الذي وصل إليه. نعتقد بأن إصلاح التعليم العالي يواجه اليوم مقاومة من ذات الرؤساء والقيادات الحالية في الجامعات والمعاهد العلمية ففي الوقت الذي يتحدثون فيه عن الاصلاح والجودة والتطوير تجدهم يختارون فرق إدارتهم استنادا لاعتبارات جهوية أو شللية أو عائلية. بعض هذه الإدارات الجامعية المدعية للإصلاح آثرت اختيار قيادات جامعية من أصهارهم وأصدقائهم وبعض الذين تدور حولهم شبهات مالية أو حتى تحريض الطلبة على العنف واعجبي..أما بالنسبة لمجالس أمناء الجامعات ورؤساء هذه المجالس الذين يفترض أن تتجسد فيهم وبهم حكمة وحاكمية جامعاتهم فنعتقد بأن هناك بون شاسع بينهم وبين الحكمة والحاكمية الرشيدة ،ونؤكد في هذا السياق على ضرورة أن يستمع القائمين على المبادرة النيابية لأعضاء هيئة التدريس في الجامعات الذين يتم على أيديهم تتحول مدخلات التعليم العالي إلى مخرجات لسوق العمل ،هؤلاء المدرسين لديهم رواية أخرى وقصة مختلفة عن تلك التي يراها ويرويها رؤساء الجامعات ورؤساء مجالس أمنائها.
نعم على القائمين على إصلاح التعليم العالي أن يتساءلوا ويجدوا جوابا لسبب عدم إنجاز إصلاح التعليم العالي على مدار ثلاثون عاما من مسيرة الجامعات ؟كما ينبغي أن ندرك أن مصدر مقاومة إصلاح التعليم العالي جله يأتي من الحكومة ومن القائمين على الجامعات الذين تم تعيينهم على أسس واعتبارات سياسية وأمنية وليست أكاديمية وتعليمية.

التعليقات

د. محمد نور الحمد (.) الأحد, 10/04/2015 - 22:19

مقال يستحق الوقوف عنده، واجمل ما فيه كيف لمن اتقنوا علم الكلام ومفاتيح الوصولية واللعب على اوتار الجهوية ولاقليمية والكوتات اسوداء ان يصلح تعليما افسده نهج " لتستمر المسيرة"

لغة عربية (.) الأحد, 10/04/2015 - 23:50

كل الاحترام للدكتور انيس ولكن في اللغة العربية الصحيحة نقول منذ ثلاثين عاما ولا نقل منذ ثلاثون ...ونقول قبل ثلاثين عاما ولا نقل قيل ثلاثون عاما ....ونقول يستمع القاثمون ولانقل يستمع القائمين ...رحم الله اللغوي العلامة مصطفى جواد صاحب برنامج قل ولا تقل

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)