TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
الإسْلامُ و ( إعْلامُ إثارةِ العوام ! ) ..
15/04/2015 - 5:00pm

طلبة نيوز- بقلم : الشيخ سعيد نواصرة العبادي  حفظه الله

إنَّ الحمدَ لله – تعالى - ، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه ، ونعوذُ بالله مِن شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده اللهُ فلا مُضلَّ له ومَن يُضلل فلا هاديَ له ، وأشهدُ أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمّداً عبدُه ورسولُه .
أما بعد ..

ففي عصر الإعلام المفتوح ( الحرّ ! ) هذا! ؛ انتشرت الفضائيات والمواقع الإخبارية بشكل زائد ( زائف ) ؛ إلى درجة لا يقدر الواحد منّا تتبعها ، ولا اللحاق بها من كثرة الأخبار – في أيامنا هذه – والتي تضاعفت مرّات ومرّات نتيجة حلول ( الربيع العربي ! ) في بعض البلدان ، وتفتح زهوره السوداء القاتمة ! ؛ وفي بلدان أخرى يجري ( العمل ! ) – دءوباً – من أجل ( ريِّ ) الأرض لعلَّ ( الربيع ! ) ينبُتُ ؛ فيقطفون ( ثمارَه ، وأزهارَه ! ) .. و ( دمارَه ) .

والناس لا بدَّ لها من التعبير ، وإبداء الرأي في ( أمور ! ) الأمة الجِسام ، و ( النوازل ! ) التي حلّت بها ، والمصائب العظام ؛ فخرجت – من أجل هذا – ( مواقع إخبارية ) بأسماءٍ وأسماء ؛ ( يذيعون ) فيها – من هنا وهناك – الأخبار والأنباء ، ثمّ يُتاح المجال للمشاركة بالتعليق على الخبر ، وطرح الآراء ؛ فيقول ( من شاء ! ) ما شاء .. !
لا يُؤخذُ – تَنزّلاً - على هذا شيءٌ من الأشياء ..
ولكن ! ألا ترى – أخي – ما تصنعُ ( بعض ) المواقع الإخبارية في سبيل ( استمالة ! ) الناس ، و ( استماتة ! ) الإحساس ؛ من عنوانِ خبرٍ يشدُّك و يحبس الأنفاس ! ؛ ثمَّ إذا طالعت - ذاك الخبر – فلا تجد له (علاقة ) بالعنوان ولا ( مِساس ) ! ؛ وإن كان – ثمّة – فعلى استحياءٍ ، وتلبيس وإلباس .. !
وأما ( المقالات ) التي تتناول – بالنقد والتفنيد – الأخبارَ الخاصّة و العامّة ؛ فحدِّث – بحرجٍ شديد – عن هذه الطامّة .. فهذا يهيّج ويثوِّر ، وذاك يحتج ويصوِّر ، وآخر لرموز ( الفساد ) والحكومات يفضح ! ، وغيره – لمصلحة البلاد – تراه للحاكم ينصح !
ألا ليت – كلّ ذلك – بالعلم ، أو شيء من الحِلْم ؛ لا .. بل ! كثيرٌ ما يكون فيه - من المخالفات الشرعيّة – جهلاً ، و - من المحالفات السياسيّة – ضمناً !
كلٌّ يدعو إلى ما له من ( حاجة ! ) ؛ وبأحسن ( ديباجة ! ) ، ويجمع من ( الأدلة والبراهين ! ) الغثَّ والسمين ؛ فلا يهم ذلك – عنده - في سبيل ( المحاجّة ) ! ؛ فتنازع القوم – بينهم – أمرَهم في ( لجاجة ! ) ..

سيقولون – لك - : ( حريّة الفكر والتعبير ) و ( حريّة الإعلام والتنوير ! )
فنقول : هنالك فرق بين التعبير و ( والتعكير ! ) ، وبين التنوير و ( والتشهير ! )
لاسيّما إذا كان الأمر متعلقاً – أصلاً – بالأمة والبلاد ، وأمن الوطن والعباد ؛ ألا يكون الأمرُ أخطر ؟
ألا تكون العواقب الوخيمة أكثر ؟
بلى ! إنّ إذاعة – أو قل : صناعة – الأخبار بين المسلمين من المسائل والوسائل التي يُستعان بها في استجلاب الخير ، وبثّ العلم النافع بين العوام ؛ فلا يُستهان بها بحجة ( حريّة التعبير والإعلام ) ! ، ونشر ( الرأي العام ) ! ..
و الرأي الهامّ - حول الأمر العام - في الإسلام ( للخواصِّ ) من أهل العلم والأعلام ..
فإنّ ( القلوب ضعيفة ، والشُبُهات خطَّافة ) .. وإذاعة ( أخبار الفتنة للفتنة ) – اليوم - آفة !
يقول الله – تعالى – في كتابه العزيز : { وإذا جاءهُمْ أمْرٌ مِنَ الأمْنِ أو الخَوْف أذَاعُوا بِهِ ولَوْ ردُّوهُ إلى الرَّسول وإلى أُولي الأَمْرِ منهُم لَعَلِمَهُ الذينَ يَسْتنْبِطُونهُ منهُم ولوْلا فضْلُ اللَّه عليكُم ورَحمتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيطانَ إلا قليلاً }[ النساء : 83 ]
قال الإمام السّعدي في ( تفسيره ) :
' هذا تأديب من الله لعباده ، عن فعلهم هذا ،غير اللائق [ أي : إذاعة الأخبار ] ، وأنه ينبغي لهم ، إذا جاءهم أمر من الأمور المهمة ، والمصالح العامة ، ما يتعلق بالأمن ، وسرور المؤمنين ، أو بالخوف الذي فيه مصيبة عليهم أن يتثبتوا ، ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر ؛ بل يردونه إلى الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] ، وإلى أولي الأمر منهم ، أهل الرأي ، والعلم والنصح ، والعقل ، والرزانة ، الذين يعرفون الأمور ، ويعرفون المصالح وضدها.

فإن رأوا في إذاعته مصلحة ونشاطاً للمؤمنين ، وسرورا لهم ، وتحرزاً من أعدائهم ، فعلوا ذلك ؛ وإن رأوا ليس فيه مصلحة ، أو فيه مصلحة ؛ ولكن مضرته تزيد على مصلحته ، لم يذيعوه ؛ ولهذا قال : {لعلمه الذين يستنبطونه منهم } ؛ أي : يستخرجونه بفكرهم وآرائهم السديدة ، وعلومهم الرشيدة .
وفي هذا دليل لقاعدة أدبية ، وهي أنه إذا حصل بحث في أمر من الأمور ، ينبغي أن يولي من هو أهل لذلك ، ويجعل إلى أهله ، ولا يتقدم بين أيديهم ، فإنه أقرب إلى الصواب وأحرى للسلامة من الخطأ .
وفيه النهي عن العجلة والتسرع ، لنشر الأمور ، من حين سماعها ، والأمر بالتأمل قبل الكلام ، والنظر فيه ، هل هو مصلحة ، فيُقدم عليه الإنسان ، أم لا ؟ فيُحجم عنه ؟

ثم قال – تعالى - : { ولولا فضل الله عليكم ورحمته } ؛ أي : في توفيقكم ، وتأديبكم ، وتعليمكم ما لم تكونوا تعلمون .
{ لاتبعتم الشيطان إلا قليلاً } لأن الإنسان بطبعه ، ظالم جاهل ، فلا تأمره نفسه إلا بالشر ؛ فإذا لجأ إلى ربه ، واعتصم به ، واجتهد في ذلك ؛ لطف به ربه ، ووفقه لكل خير ، وعصمه من الشيطان الرجيم ' اهـ كلامه رحمه الله .
قال الإمام الحافظ ابن كثير - رحمه الله - : ' ( وإذا جاءهُمْ أمْرٌ مِنَ الأمْنِ أو الخَوْف ) إنكار على من يبادر إلى الأمور قبل تحققها فيخبر بها ويفشيها وينشرها, وقد لا يكون لها صحّة '
أين المحطات الفضائيّة التي تبثُّ من الأرض ( العربيّة الإسلاميّة ! ) من هذا ؟! .. أين ؟!
لقد كان – لبعض ! – تلك الفضائيات ( الإخبارية ) دوراً ( كبيراً ) ، ويكاد يكون (منظماً ) في تأجيج الفتن القائمة الآن في كثير من البلدان الإسلاميّة ؛ تارة بكثرة ( التقارير ! ) و ( البرامج ! ) التي تبحث الفساد في ( دولة عربية ما ) وذلك لضرورة التغيير أو الثورة ( تمهيداً ! ) ، وتارة أخرى – بعدئذٍ - : بثِّ الأخبار عن الثوار ، و الأفكار ( تمجيداً ! ) .
والسؤال : لمَ – ذاك ! – في دولة دون أخرى ؟ في وقت ( قد ! ) تكون الأخرى من ( الفساد ) أعظم ، و من ( البُعْد عن الدين ) أقرب من ( تلك ! ) ؛ فأين حريّة واستقلال الإعلام عند ( أولئك ! ) القوم ؟!
بل : أين أخلاق ( المهنة ) عندهم ؟ الممتهنة منهم ؟!
وأما ( بعض ) المواقع الإخبارية على شبكة ( الإنترنت ) ، وكذا ( بعض ) الصحف والجرائد ! ؛ فهي – في أسلوبها – من تلك الفضائيات مُقاربة ، و – في خطابها - موارِبة !
فتبدو - كأنها - للحقّ مُحاربة ، وإلى ( مع ) الفتن هاربة !
تنشر عن الوطن ( الرذائل ! ) ، و ( تغضّ الطّرْف ) عن الفضائل .. !
تُظهرُ ( دعاة ! ) الفرقة والاختلاف ، وتخفي ( دعاة ) الاجتماع والائتلاف .. !
تُعلي صوتَ الغلوِّ والباطل والنفاق ، وتُخْفِت صوتَ الاعتدال والعدل والإحقاق .. !
ناهيك عن المقالات التي تُنبتُ الفتن بين ( المسلمين ) المتآخين في النسب والدّين ..
هؤلاء هم !
وهذه ( السبيل ! ) للإصلاح عندهم ! نسأل الله – تعالى – هدانا وهداهم ...
و والله ! لا ( نطمعُ ) أن يكون القائمون على تلك المواقع والمحطات من أهل العلم والفقه والدراية ؛ ولكن لا أقلَّ من العدل والإحسان ( وهما : التوسط وعدم الإفراط أو التفريط ) و اللذين أمر الله بهما في كتابه الكريم ؛ وأحوج ما نكون إليهما – اليوم – حيث ظهرت الفتن ؛ فمن أعان على ( إعمالها ) بين المسلمين – ولو بشطر كلمة – لقي من الله يوم القيامة العذاب و العقوبة ، ومن أعان على ( إخمادها ) كان له من الله الأجر و المثوبة .
خاتمة :
إنّ الكلمة إذا صَدَرت رُصِدت ..
يقول الله – تعالى - : { إذ يَتلقّى المتلقيانِ عَن اليمين وعَن الشّمال قَعيد ما يلفظُ من قولٍ إلا لديه رقيبٌ عَتيدٌ } [ ق:17- 18]
وقال رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم - : ' إنّ الرجل ليتكلم بالكلمة - من رضوان الله - ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه ، وإنّ الرجل ليتكلم بالكلمة - من سخط الله - كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه ' [ السلسلة الصحيحة ]
قال – تعالى - : { إنّ إلينا إيابهُم ثمَّ إنّ علينا حسابَهم } [ الغاشية : 25- 26 ]

{ إنَّ هذه تَذكرة فَمن شاءَ اتّخذ إلى ربّه سبيلاً } [ الإنسان :29 ]

أسأل الله تعالى أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل ، وأن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن ، وأسأله – تعالى – أن يجعل بلدنا آمنا مطمئناً وسائر بلاد المسلمين ، وان يوفق وليَّ أمرنا لما فيه خير البلاد والعباد .
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين

التعليقات

hala1 الاربعاء, 04/15/2015 - 22:24

بارك الله فيك يا شيخ على هذا النقد الرائع الصادق وجزاك الله خيرآ صدقت القول في كل ما خطيت وما هو الا واقع مؤسف ومؤلم لما آل اليه اعلامنا بدلا من ان يرتقي بنا اصبح يهدمنا ... والله المستعان

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)