TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
الجامعات الرسمية بين الدعم الحكومي المتواضع والاعتماد على النفس..
29/06/2016 - 12:30pm

طلبة نيوز- أ.د نضال يونس

لا أحد يعرف من كان وراء تنفيذ قرار توزيع الدعم الحكومي على الجامعات للعام الحالي بقيمة اجمالية وصلت الى 72 مليون دينار، فالمبلغ اقل بكثير مما كان يتوقع؛ لكن أياً يكن الشخص فحسناً فعل، فهو قرار استراتيجي مثله مثل قرارات من نوعية توزيع الطلبة على الجامعات الاردنية ، وتحديد نسبة الموازي، , او تحديد معدلات القبول فى الجامعات الاردنية..

ما نعرفه ونتذكره جيداً أن قرار "زيادة" الدعم الحكومي للجامعات الاردنية كان من بين جملة توصيات قدمتها اللجان المتعددة التى شكلت لاصلاح التعليم العالي فى الاردن وهو أمر يحسب لها؛ لأن اتخاذ هكذا قرار يحتاج إلى جسارة في الموقف، ورغبة في التنفيذ، وخطوط علاقات متشابكة داخل مؤسسات الدولة..

أهمية تقديم الدعم الحكومي للجامعات الاردنية تكمن في جملة أمور منها ما هو خارجي ومنا ما هو داخلي، فخارجياً سيسهم الدعم الحكومي فى تنشيط البحث العلمي واعادة الجامعات الاردنية إلى قلب الخارطة الدولية بعد أن بقينا لسنوات مركونين في هامشها؛ حيث لا انجازات نحققها، ولا مواقع متقدمة على التصانيف العالمية ، ولا قيادات تفرض وجودها، أما داخلياً فهي ستسهم في تنشيط حركة التطوير الجامعي لاسيما على صعيد بناء وتحديث البنية التحتية، والمنشآت التعليمية و البحثية..
الأهم من توزيع الدعم الحكومي هو وجود قرار حكومي بضرورة "الاسراع" فى تقديمه، و البحث عن مصادر جديدة "لزيادتة"، لان معظم الجامعات الرسمية باتت تعانى من اوضاع مالية صعبة فى السنوات العشر الأخيرة، وتحديدا منذ الازمة الاقتصادية العالمية التى ضربت معظم دول العالم بعد عام 2007 وما صاحبها من تراجع اقتصادى ، فغالبية الجامعات الرسمية باتت أمام خيارين اثنين لا ثالث لهما، إما أن تستمر فى ممارسة عملها وصرف الموازنة المرصودة للنفقات التشغيلية الجارية والرأسمالية عن طريق الاقتراض من البنوك ، أو أن تعتمد على نفسها وتعمل وفق ما تراه مناسبا.

الخيار الأول في التعامل مع البنوك بات ضرورة ملحة، في ضوء تنامي العجز المالي لدى معظم الجامعات الرسمية الذى وصل مع نهاية العام الماضى الى 159 مليون دينار اردني، خصوصا فى ظل تراجع الحكومة عن زيادة المخصصات المرصودة لدعم الجامعات، وتجميد قرارات رفع الرسوم الدراسية في ظل الاوضاع الاقتصادية الصعبة، وعدم قدرة اكثر من ثلثي المواطنين الانفاق على تكاليف دراسة أبنائهم الجامعية..

أما خيار الاعتماد على النفس واعادة جدولة النفقات والايرادات، فهو أمر بيد الجامعات، وتستطيع أن تتخذ القرار في ذلك دون الرجوع الى البنوك، لكن خطورة هذا الخيار تكمن في أن وضع الجامعات "الراهن" لا يمكن له ان يسير بأي اتجاه دون مساعدة "خارجية"، فهى لا تستطيع تنفيذ المشاريع المتعلقة بتجديد القاعات الدراسية وتطوير الكليات الجامعية والتحول نحو الجامعات الذكية، دون الحصول على الدعم الضروري عن طريق المنح او القروض البنكية التى باتت جزءا اصيلا من تمويل نفقات الجامعات المختلفة، فهل باستطاعة الجامعات الرسمية أن توفر الاحتياجات التمويلية من ايرادتها الذاتية، علما بأن جميع المؤشرات المالية للاوضاع المالية الواقعية للجامعات في المرحلة الحالية هي أقل من الارقام المقدرة لها في مشاريع الموازنة السنوية للجامعات!!

في الحقيقة؛ لم يترك رؤساء الجامعات الرسمية "السابقون" للرؤساء الجدد أي خيارات، فغالبية قرارات التوسع فى فتح تخصصات أو فروع غير مجدية اقتصاديا، أو تعيين الموظفين الاداريين أو دفع تعويضات نهاية الخدمة، أو الصرف على برامج الجودة، وتكاليف التحول نحو الجامعات البحثية او العالمية اتخذتها رئاسات سابقة ، مقابل عدم زيادة الايرادات التى ياتي معظمها من الرسوم الجامعية حتى وصلت الجامعات الى اسوء مؤشرات مالية، من حيث العجز المالي المتفاقم ، وهبوط الايرادات وتنامي الديون والقروض البنكية كما حدث مع الجامعة الاردنية التى وصل صافي العجز في ميزانيتها حتى نهاية شهر اذار من هذا العام قرابة 60 مليون دينار، واليرموك قرابة 19 مليون دينار، ومؤته قرابة 29.6 مليون دينار!!

تراجع الدعم الحكومي للجامعات وضعها في زاوية صعبة: إما الاستمرار بالصرف على النفقات التشغيلية المباشرة وغير المباشرة، أو أن تبقى وحيدة تدير امورها بعيدا عن الدعم الحكومي والاقتراض من البنوك، فكان القرار بالسير باتجاه الخيار الاول، وهو صعب، لكن الخيار الثاني اصعب بكثير، لانه في الحقيقة يهدد قدرة الجامعةعلى النمو والتطور والمنافسة. 

افلاس الجامعات - لا سمح الله - إن حدث بسبب عدم قدرتها على تلبية متطلباتها المالية فى هذه المرحلة سيكون أصعب وأكثر ألماً لنا كاعضاء هيئة تدريس من عدم تقدمها على مواقع التصنيفات العالمية، او عدم حصولها على الاعتمادات الدولية ؛ رغم ما يخلفه ذلك من وجع، لأن الموضوع هنا يمس هيبة وسمعة جامعات معروفة بثقلها التعليميى والاكاديمي!

معالجة الاوضاع المالية الصعبة للجامعات الرسمية يكمن فى ثلاثية تحسين الدعم الحكومي، وتخفيض الكوادر الادارية، واختيار القيادات الاكاديمية الكفؤة، القادرة على ادارة موارد هذه الجامعات.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)