طلبة نيوز
الجامعات الاردنية بين جدلية التمويل والمجانية والنخبوية
بقلم طارق الناصر
قرأت مع مطلع الاسبوع الفائت مقالا بعنوان التعليم العالي المجاني وجدلية تمويله كتبه شخصية اكاديمية مرموقة هو معالي الدكتور فايز الخصاونة رئيس مجلس امناء جامعة اليرموك دعا فيه المهتمين في الشأن العام لمناقشة وتحليل موضوع مجانية التعليم وقد تناول معاليه ادق التفاصيل التي تشير الى ان مثل هذا التوجه قد يعتبر اضرارا بمسيرة التعليم العالي الاردني وان اي قرار من هذا النوع هو قرار عاطفي لا عقلاني، داعيا الدعاة الى هذا الامر ان يلتفتوا الى ان البدائل المطروحة من قبلهم لتمويل الجامعات ستمس شرائح مختلفة من غير المستفيدين من هذا القطاع وهو بحد ذاته امر غير مقبول.
والسؤال الذي يجب طرحه هنا من وجهة نظري هل التفت دعاة المجانية الى ان المجتمع اصلا يتعامل مع مجموعة من التخصصات مثل الطب والصيدلة وبعض المسارات الهندسية على اساس انها تخصصات نخبوية ويسعى كل منا لدراستها، وهي بالفعل كذلك فهي تحتاج الى قدرات علمية خاصة الامر الذي التفتت له مؤسسات الدولة الاردنية فحددت معايير قبول هذه التخصصات ووفرت لكل طالب مبدع فرصة للحصول على منحة او قرض دراسي بما يحول الدراسة الى مجانية او شبه مجانية واعطت الطلبة دافعا اكبر للتميز بما انسحب على الكثير من التخصصات وجعل بعض النخب الاقتصادية تبحث عن فرصة للدخول الى تخصصات دون غيرها من خلال برنامج الموازي دون ان تؤخذ الفرص من مستحقيها.
ومفهوم التعليم النخبوي لم يجر مؤسسات التعليم العالي الى حصر الخيارات امام متوسطي المستوى العلمي بل سمح لهم باختيار تخصصات لم تعدل الجامعات رسومها منذ سنوات حفاظا على استمراريتها لضرورتها وتوجه الطلبة لدراستها فعلى سبيل المثال ما زالت بعض تخصصات الاداب مثل التاريخ والجغرافيا وتخصصات الاقتصاد كالمحاسبة وغيرها في جامعة اليرموك وهي تخصصات مطلوبة في سوق العمل تقدم للطالب باسعار اشبه بالرمزية اذا ما قيست بالتكاليف الحقيقة .
ويمكن الاشارة هنا الى انه ومن خلال حصر بسيط لعدد من طلبتي في بعض المساقات فأن اكثر من 50% منهم منتفعون من المكارم الملكية للعسكريين او المعلمين او المناطق ذات الظروف الخاصة ويضاف اليهم ما يقرب من نصفهم مستفيدون من انظمة القروض والمنح المختلفة المقدمة من وزارة التعليم العالي او القطاع الخاص والمؤسسات التنموية وغيرها ليتبقى عدد ضئيل ممن يدرسون على نفقتهم الخاصة بالبرنامجين العادي والموازي .
وضمن هذا السياق اجدني اوافق معالي الدكتور في طرحه بصعوبة تنفيذ مشروع مجانية التعليم للأسباب التي ذكرها في مقاله ولأعتقادي بأن القرار يحتاج الى استمزاج رأي الشارع الذي سيكون في غالب الامر رافضا لمثل هذا التوجه ، ناهيك عن ان الجامعات تحتاج في الظرف الحالي الى تطوير في مواردها المالية وضرورة دعمها دعما ماليا يتناسب مع الضغط على موازناتها ومصروفاتها العالية لا ان تشذب مصادرها المالية وتقنن ، ناهيك عن كون جل طلبة الجامعات حاصلين على فرص تمويل مناسبة ولا عدالة في ان يصبح كلهم متساوون
اضف تعليقك