TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
الحبُّ في زمنِ الكراهيَة " تأملاتٌ في عيدِ الحُبّ "
14/02/2017 - 8:15am

طلبة نيوز- بقلم الدكتور : حامد أبو صعيليك

ما زلت أجهلُ إن كان الحُبُّ في عالمنا مشروعا أم لا ؟! أو هل في عالمنا حبٌّ مشروعٌ وآخرَ ممنوعٌ ؟! رغمَ قناعتي بأنّ الحبَّ عربيُّ ألأصلِ والمنشأ ، كأصالةِ العرَبِ ولغتهمِ وتاريخهِم وثقافتِهم ، فإنْ عند غيرنا من الأممِ حبُّ فهو بلا شَكّ - جزء من زعمنا بأنه من التراثِ العربي المسروق الذي قامت عليه الحضارة الغربية - فقد طفحَت مؤلفاتُنا التراثية ، بالكثير من حكايا الحبِّ - عُذريا وصريحاً -!
وتعلمنا في مناهجنا - وما زلنا نُعَلِم - أنّ " قيساً " حبَّ " ليلى " ، وأنّ " عنترةَ " حبَّ " عبلة " ، وأنّ " جميلا" حبَّ " بثينة " والقائمةُ تطولُ ! وتعلمنا أنّ الحبَّ العربيَّ الأصيلَ يموتُ فيه العاشقُ لا المعشوقةَ ، فإنْ لم يَمُتْ أصيبَ بالجنون كقيس !
وتعلمنا أنّ العاشقَ العربيَّ - في معركة الأمس غير العاشقِ العربي في معارك اليوم -فقد ذكّرَه لمعانُ الرّماح ببريقِ أسنانِ معشوقَته ، ألم يَقُل : " فودَدَتَ تقبيلَ الرّماح لأنها لمَعتْ كبارق ثغرك المُتَبَسّم "؟! أو يجرؤ " العاشقُ العربيُّ في عالمنا أن يقول :" " فودَدَتَ تقبيلَ القذائفِ لأنها لمَعتْ كبارق ثغرك المُتَبَسّم "؟!
وفي تراثنَا الأدبي الذي نعتز به حكايا عن الحبّ يعرفها المتخصصون - ولا نشك أن الاستعمار قد أقام بناء حضارته عليها أيضا - 
لكني ما زلتُ أجهلُ أن كان الحب في بلادنا مشروعا أم ممنوعا ؟ وهل هناك نوعٌ من الحب المُشَرعِ له وآخر لا ؟! وما هو الشيء الذي يمكن للإنساننا أن يحبَه ؟! أو أن يكرهه إنْ كان ثمة عيدٌ آخرَ للكراهية !! فهل الحبُّ أن يحبَّ الفتى الفتاةَ التي يريدُ ؟ أو أن تكرهَ " الفتاةُ " " الفتى " التي لا تريدُ ؟ وهل في عالمنا المأسور بالكُره تشريعٌ يضمنُ هذا أو ذاك ؟ أم أن ثقافتنا الذكوريّة " صرّحَت للفتى " و " شرّحتْ " الفتاةَ !
أم أنّ الحبَّ شيءٌ آخر ؟! 
فهل من الجائز لمشردٍ أن يبوحَ بحبهِ لوطنه وأنّ يبوحَ بكرههِ لِمُغتَصِبِهِ ؟! أو " يحبَّ " الصالحَ في بلده ويكرهُ الطالحَ ، وهل في عالمنا المأسور بالحُبّ تشريعٌ يضمنُ هذا أو ذاك ؟   أم أنّ " الحبَّ " في عالمنا " بالقانون ، إذ عليك أن " تحِبَّ " ما يحبّه لك الآخرون ، وتكرهُ " بالقانون " ما يكرهونه لك ؟! لأنكَ في - شرعِهِم - لا تعرفُ أن تُحِبّ !
ما زلت أجهلُ إن كان في عالمنا اختيارٌ للحبّ ؟! 
فهلْ الحبَّ تصريحٌ وتعبيرٌ ؟! وهل من الجائزِ لمقهورٍ أن يبوحَ بحبّهِ لأفكارٍ يحبُّها بل ويعشقُها ، أو أن يبوحَ ببغضِه لفكرةِ لا يؤمنُ بها ؟! وهل في عالمنا المأسور - بحُريّة التعبيرِ - تشريعٌ يضمنُ هذا أو ذاك ؟ ما زلتُ أجهلُ أن كان الحبُّ في بلادنا مشروعا أم ممنوعا ؟
أليسَ الحبُّ - دواءٌ وشفاءٌ- منْ للمرضى الذين يحبونَ طبيبا أو مستشفى أو علاجا ثمينا يشفي أوجاعهم ، أم أنَّ الطبابةَ والدواءَ درجاتٌ وطبقاتٌ ؟ كما هو الحبُّ في - العقل العربيّ " وجدٌ " و " كلفٌ " و " وولعٌ " و" عشقٌ " ؟ فانظرْ يا أيها الموجوع في أي طبقاتِ الحبِّ أنت !
كم من "العاشقين " وُلِدوا وماتوا في عالمنا ، أو وُلدوا وسيموتون وهم يُحبونَ " عمَلا كريما " يسترُ حالَهم !أو " خُشّةً " تُؤي شملَهَم ..... كم من العاشقاتِ في عالمنا ماتتْ وهي " تُحِبُّ " أن تحضُنَ ابنَها المأسور ؟ أو تمسحّ دمعةَ زوجها المجحور ؟ أو " تتنفسَ " هواءَ وطنها المكسور ؟ 
كم من طوابيرِ العاشقين والعاشقاتِ قضوا في سراديب " مسالخِ الموت " ذلك لأنهم لم يحبوا ما أحبتْ أنظِمَتُهُم ؟ كم من المحبينَ والمحبات - لا يعلمُ حالهم إلا اللهَ - في سراديب البشاعة والقهرِ والاغتصاب ؛ ذلك لأنهم لم يحبوا مذهبَ ساستِهم ، أو أنهم لم يحبوا " آلهة " من دون الله ؟
الحبُّ - يا سادتي - في عالمنا مختَلِفٌ ومتَخَلّفٌ - إنّه " حبُّ الكراهية - " حبّ الدماء " ، " حبّ ثقافة الجريمة  حبّ المال والسّلطة والشهوةِ " ، يشُككُّ في حبّكّ لوطنك لترابهِ لدماءِ شهدائهِ ! إن لم تُحِبّ ما يحبّه الفاسدون ، يسلِبُ الأمعاء فلا يدعها تتعلّقُ ببيضٍ أو بطاطا ، حبُّ الأثرياءِ لقوتِ الفقراءِ ! ....كلّ شيءٍ في عالمنا مُشَرّعٌ ومُصّوَتٌ عليه في البرلمانات إلا " الحُبّ " ؛ فإنّه - لم ولن يُصّرّح به .
" حبُّ يأسرُ الجيوبَ قبل القلوبِ ".

 

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)