TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
الخيار السعودي
30/04/2016 - 4:00am

طلبة نيوز- د.باسم الطويسي

خلال أسابيع قليلة، حُركت رمال الصحراء الأردنية السعودية مرات عديدة، بعد فترة تجاوزت العام من حالة شبه ركود؛ رصد العديد من مؤشراتها. وهو ما ينطبق أيضا على العلاقة بين القاهرة والرياض قبل التحول الأخير في العلاقات الثنائية، والذي فتح الباب أمام استدارة سعودية جديدة نحو حلفائها التقليديين.
إعادة تقدير الموقف الاستراتيحي والسياسي السعودي يبدو أنها لم تبدأ من رؤية "السعودية 2030" التي أعلنها ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بل سبقها استدارات سياسية إقليمية، تسعى إلى إعادة بناء التحالفات الإقليمية، والعودة القوية إلى المجال العربي. وكل ما نتطلع إليه هو أن يكون تتويج العلاقات الأردنية-السعودية بالإعلان عن إنشاء مجلس التنسيق المشترك، خطوة استراتيجية تستكمل المسار السعودي-المصري، وليس مجرد ردة فعل ومحاولة استرضاء للأردن، أو محاولة لكفه عن البحث عن خيارات إقليمية متعددة.
الرسائل السياسية المحلية المتطايرة هنا وهناك، تبدو خلال الأيام الأخيرة متناقضة. بعض تلك الرسائل يتحدث تارة عن المليارات السعودية القادمة للأردن، والبعض الآخر يحذر من حجم التأثير الاقتصادي وربما السياسي الذي ستتركه الاتفاقيات السعودية المصرية على الأردن. في المقابل، تتحدث رسائل ثالثة عن حاجة الأردن اليوم، أكثر من أي وقت سبق، إلى تنويع خياراته السياسية الخارجية. وتتهم هذه الرسائل السياسة الخارجية الأردنية بالارتهان لخيارات محدودة، جعلت البلد أحيانا منقادا في العديد من الملفات، فيما ضيقت تلك السياسة حدود المناورة السياسية وبالتالي الاقتصادية.
ليست كل تلك الرسائل صحيحة، بل بعضها صحيح، وهذه هي السياسة. ولكنها تستحق جميعا التوقف والنقاش المعمق.
خلال السنوات الماضية، دخلت الخيارات السياسية والاستراتيجية الأردنية في اختبارات عديدة. صحيح أن الأردن استطاع أن ينجو من تبعات التحولات العربية، وهذا الإنجاز يعود للمجتمع والدولة على السواء، وعلى الرغم من إنجازات السياسة الخارجية التي لا يمكن إنكارها خلال هذه السنوات، إلا أنها بالفعل لم تستثمر الثراء السياسي أو الخبرة السياسية الأردنية في بناء دور أردني قادر على توسيع قاعدة الخيارات والمناورة.
لا يمكن للأردن أن ينظر إلى تطوير علاقاته مع السعودية والبدء بمرحلة جديدة، من دون تطوير رؤية استراتيجية جديدة للسياسة الخارجية، ضمن فهم جديد لإدارة المصالح الأردنية، يتبع تعدد الخيارات بدل الأحادية السلبية، ويتبع التفاعلات التعاونية القائمة على تبادل المصالح والاحترام وأحيانا الندية، بدلا من العلاقات الريعية ولغة المنح والمساعدات.
نعرف، إلى حد ما، ماذا نريد من السعودية؛ سواء في مجالات الاستثمار أو المساعدات التنموية أو غيرها. لكن السؤال الذي لا يقل أهمية هو: ماذا يمكن أن نقدم للسعودية؟ ما الذي تحتاجه من الأردن وفق معادلة القدرة والإرادة وتعريف الأردن لمصالحه المحلية والإقليمية، إلى جانب الحاجات الأمنية والاستراتيجية الإقليمية التي على الأردن أن يحسم رؤيته بشأنها، والتي تبدأ من حدود استخدام القوة الصلبة مرورا بالدعم الأمني والمعلوماتي، وصولا إلى مكافحة المخدرات وحماية الحدود الشمالية للمملكة الجارة؟
هناك الكثير من المصالح والتفاعلات التعاونية التي تؤكد أن الأردن جار مهم للسعودية، بينهما الكثير من الملفات الاقليمية، وعلى رأسها مرحلة الخروج من الصراع السوري، وصولا إلى ملف التحولات الداخلية السعودية، وتحديدا في الأبعاد الثقافية والاجتماعية التي لن تجد نموذجا للإصلاح الثقافي والاجتماعي أكثر ملاءمة لها من النموذج الأردني.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)