TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
الكراهية الخلاقة!
02/04/2015 - 12:45am

طلبة نيوز- د. صلاح جرّار

من حقّ أيّ إنسان أن يكره ما يشاء ومن يشاء كما هو من حقّه أن يحبّ ما يشاء ومن يشاء، مثلما هو من حقّه أن يقف على الخط الفاصل بين الحبّ والكراهية، إذ ليس أيّ منهما خياراً يختاره الإنسان، بل هو شعور يفرض عليه بتأثير من عوامل خارجيّة في أكثر الأحيان.
وإذا كان يمكن توظيف الحبّ توظيفاً إيجابياً بنّاءً، من خلال اقتداء المحبّ بالشخص الذي يحبّه والسعي إلى تقليده والتشبّه به وامتلاك إيجابياته، أو من خلال محاولة نيل إعجابه بالسعي الجادّ للتفوق وعمل إنجازات وإبداعات، فإنّه كذلك يمكن توظيف الكراهية توظيفاً بنّاءً ما دامت ليس لحاملها يدٌ فيها، إذ ليس من الضروري أن تترجم الكراهية إلى قتالٍ وسفك دماء وإمعان في الإيذاء وتدمير ممتلكات وتشويه حقائق وكذب وافتراءات ومحاولات إبادة واستئصال، بل يمكن البحث عن الجوانب الإيجابية في الكراهية وذلك من خلال تحويل هذه الكراهية إلى تنافس مع من نبغض، فإن بنى بيتاً بنينا بيتين، وإن زرع شجرة زرعنا بستاناً، وإن أبدع في صناعة أبدعنا في أخرى، وإن خدم مواطنيه سعينا للتفوّق عليه في خدمة مواطنينا، وإن ألّف كتاباً ألّفنا كتاباً في مقابله وهكذا، بحيث تتحول الكراهية إلى عامل إنتاج وإبداع وخدمة للمجتمع والإنسانية.
إنّ الكراهية، وإن كانت كريهة جدّاً في معظم الأحيان وتمثّل ضيفاً ثقيلاً علينا، ليست مذمومة دائماً، فلا بدّ من البحث عن جوانب مقبولة فيها، فكراهية العدوّ الذي يغزو الأرض ويحتلّها ويقتل أبناءها ويشرّد شعبها، هي كراهيةٌ مشروعةٌ بل مطلوبة حتّى تكون وسيلة ومسوّغاً لمواجهة ذلك العدوّ ودحره والقضاء عليه.
وما دامت الكراهية أمراً خارجاً عن إرادتنا -كما هي المحبّة- فإنّ من الممكن توجيهها توجيهاً إيجابياً والاستفادة من طاقتها بحيث تعود بالفائدة على المتباغضين، أو على الاقلّ تخفّف من الضرر الناجم عنها، وربّما تتحوّل هذه الصورة من التنافس إلى سبيل للمصالحة وتبدّد الكراهية وتحوّلها إلى محبّة وتعاون في مصلحة الطرفين المتباغضين.
ومن أنني أدعو إلى إعادة توجيه الكراهية في حال نشوئها، توجيهاً يمكننا من الانتفاع بها عن طريق ما يعرف بإعادة التدوير، إلاّ أنني أدعو قبل كل شيء إلى توفير الظروف التي تجعل من نشوئها أمراً متعذراً من خلال نشر قيم المحبة والتسامح والتعاون والاحترام والإيثار والعفو والصفح وغير ذلك.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)