TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
المجلس الثامن عشر
30/09/2016 - 6:30am

طلبة نيوز- جميل النمري

لم أدقق بصورة كافية في تركيبة مجلس النواب الجديد، خصوصا أن نسبة كبيرة من النواب الجدد من دون خلفية معروفة في العمل العام. وربما نكتشف حالات قابلة للتقدم بسرعة، لكن انطباعي الأولي هو أن المجلس الجديد ليس أكثر تقدما من البرلمان الماضي أو الذي قبله، وهو مجددا سيكون أمام مهمة تطوير نفسه.
أنا الآن خارج القبة بعد أن خسرت الانتخابات. لكني بالتأكيد لن أكون بعيدا عن المجلس، وخصوصا التلاوين الإصلاحية والمتنورة فيه. والأفكار التي اشتغلت عليها للتطوير من الداخل سأستمر في العمل عليها من الخارج، وتقديم كل مساعدة ممكنة بالاستفادة من تجربتنا الصعبة وأكاد أقول المضنية للارتقاء بالعمل البرلماني. وأنا أعرف جيدا ما هي المعيقات وما هي خلفيتها، وما هي المطبات التي تواجه النواب الجدد خصوصا.
أول مطب أمام النواب هو انتخابات الرئاسة التي بدأ الاستقطاب لها سلفا، وهي بالعادة تحكم تشكيل الكتل والتحالفات، وتأخذ المجلس إلى أولويات مشوهة موضوعها المنافسة على المناصب والتي تصبح قضية بذاتها، بل قضية رئيسة تشغل النواب وتشاغلهم وتشوه العمل النيابي كله.
وينسحب الأمر على مناصب المكتب الدائم واللجان وغيرها، والتي تتشكل بطريقة فوضوية أساسها التحشيد للحصول على المناصب. أقصد أن عضوية اللجان تتشكل من دون أسس وضوابط، وغالبا بتحشيد من قبل كل طامح لرئاسة لجنة لمؤيدين محتملين لعضويتها. ويسبق ذلك ويتخلله مناورات ومقايضات وتبادل التزامات، عنوانها الوحيد المنافسة على المناصب. ولهذا السبب، حاولت باستماتة في البرلمان الماضي تغيير الآلية كلها. ونجحنا في إدخال تعديل جزئي على النظام الداخلي لم يتم تفعيله، لأن الآلية البديلة المقترحة مشروطة بالتوافق وليست ملزمة، وهي أن تتشكل اللجان على أساس التمثيل النسبي للكتل.
المشكلة أن التغيير في موضوع الانتخابات الداخلية لمجلس النواب يقتضي إجراء تعديلات جوهرية على النظام الداخلي، وهذه لا يمكن أن تبدأ قبل الانتخابات الداخلية في المجلس. والكتل نفسها التي يجب أن تكون أساس تشكيل اللجان، لن تكون موجودة رسميا عند تشكيل اللجان في مطلع عمر المجلس. ولذلك، كنت قد قلت في آخر دورة للمجلس السابع عشر إن خير ما يفعله المجلس للبلد قبل الحل هو تعديل النظام الداخلي، حتى لا يدخل المجلس الجديد إلى دورته الأولى بنفس الطريقة القديمة. لكن مع الأسف، كانت اهتمامات النواب ورئاسة المجلس نفسها أبعد ما تكون عن القلق بشأن المستقبل. وها نحن، مع الأسف أيضا، سنعيد في أول دورة للمجلس الجديد المشهد البائس نفسه لسباق المناصب الذي سيحكم العلاقات الداخلية والثقافة التي ستتكرس للعمل البرلماني عند النواب الجدد.
الصراع على رئاسة المجلس والاستقطاب على هذه الخلفية، بدآ منذ الآن. وهناك أغلبية من النواب الجدد تجد نفسها مباشرة أمام هذا الاستقطاب قبل أن تتعرف على أي شيء، وربما سيأخذها ذلك إلى انحيازات مبكرة من الولاء الشخصي والاستزلام والشللية، بدل التموضع على أساس الأفكار والبرامج والتوجهات. وقد يحكم هذا وجود هؤلاء النواب اللاحق في المجلس، وفهمهم للعمل البرلماني؛ أي ستحدث عملية إفساد مبكرة للنواب وللمجلس.
مع الأسف، ليس هناك وسيلة لتجنب هذا المسار ما دمنا محكومين إلى النظام الداخلي بصيغته الحالية. لكن وقد تأجلت الجلسة الأولى إلى 7 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، فإن هناك وقتا كافياً يمكن استثماره للتعارف واللقاءات المكثفة وتشكيل الكتل بعيدا عن الاستقطابات الخاصة بانتخابات الرئاسة. وعلى كل حال، فإن جهوزية الكتل مع انعقاد الدورة ستمكّن الرئيس المقبل -إذا أخلص لفكرة التطوير- من تطبيق مبدأ تشكيل اللجان على أساس التمثيل النسبي للكتل، بدل الطريقة القديمة البائسة.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)