TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
امتحان الثانوية العامة والانعكاس الخطير
18/12/2014 - 3:15am

طلبة نيوز- د. سلامه يوسف طناش

مقدمة:

تؤكد كل دساتير العالم على توفير التعليم الأساسي للأطفال إذ يتم توفير هذا التعليم مجانيا لهم، ذلك لما فيه مصلحة الفرد، والمجتمع، وتطوره وازدهاره الاقتصادي، ولبناء المواطن القادر على العمل المنتج. وبذا تزدهر الحياة، ويعم الأمن وتنتشر الطمأنينة بين الناس في المجتمع الواحد، وفي العالم أجمع.  ووفق نظم تربوية قادرة على صناعة الفرد الذي تريد، المنتمي، والوفي لوطنه ومجتمعه، ولعالمه الإنساني. وقد نص الدستور الأردني وفقا للمادة رقم: (20) على أن التعليم الأساسي إلزامي للأردنيين وهو مجاني في مدارس الحكومة. وبالتالي فهو حق لكل طفل، ومن هو في هذه المرحلة التعليمية. وهذا ما تم تأكيده في قانون التربية والتعليم رقم (3) لعام 1994، وفي المادة رقم (10) الفقرة (أ).
وقد أشار تقرير اليونسكو عن التعليم لما بعد عام 2015 إلى ضرورة ضمان أن جميع الأطفال لهم الفرصة للحصول على تعليم متساو، وبغض النظر عن جميع الظروف المحيطة بهم. إذ ليس من العدل أن يبعد أي طفل عن فرص التعليم المتكافئ بسب فقره، أو جنسه، أو مكان إقامته، أو خصائصه الجسدية، أو عرقه. كما أن هذا الحق في التعليم يرتبط بقدرات الفرد نفسه، وبحاجاته، وفي جميع مراحله العمرية. إذ يجب ربط هذه القدرات بإمكانياته للوصول به إلى أعلى درجة ممكنة من الإبداع. كما يجب أن يرتبط هذا التعليم بسوق العمل، سواء أكان التعليم بشكل رسمي أم غير رسمي.
وفي التقرير العالمي لرصد التعليم للجميع الصادر عن اليونسكو والمعنون: « التعليم يحوّل الحياة»، الصادر عام 2013، وضمن طبعته الأولى، أشار إلى ضرورة الانتفاع بالتعليم وفسح المجال أمام الأفراد للالتحاق بتعليم ذي جودة عالية. 
كما بين التقرير أن الوضع الاقتصادي والاجتماعي يؤثر تأثيرا كبيرا على مستوى تعلم الأطفال ممن هم في سن التعليم بمراحله المختلفة، وينعكس ذلك من خلال تحصيلهم في الاختبارات النهائية للمراحل التعليمية. وبالتالي فإن على كل من له علاقة برسم السياسات التعليمية والتربوية والاقتصادية معالجة هذا التفاوت الهائل لهذه الجوانب للوصول إلى تقارب يمكن أن يبين مقدار العدالة في التعليم.
إن الدراسات ذات الصلة في الأدب التربوي لمرحلة التعليم الأولى ( الصفوف الأربعة الأولى للمرحلة الأساسية ) تؤكد على أنها مرحلة تعليمية مصيرية بالنسبة للمتعلم لإتقان المعارف والمهارات والسلوكيات المرتبطة بمستقبله العلمي. والعناية بهذه المرحلة يكمن في تقديم تعليم جيد لتحقيق الغايات المنشودة للمجتمع والفرد. إذ تعتبر هذه المرحلة «جوهرة التعليم». وبالنظر إلى إطار العمل الصادر عن اليونسكو (دكار‘ ابريل عام 2000) فإنه يلزم الدول وضمن الهدف الثاني المنشود بتوفير تعليم ابتدائي جيد. ويتضمن الهدف السادس تقديم تعهدات لتحسين كافة الجوانب للوصول إلى تعليم نوعي، وضمانه للجميع، وبحيث يحقق الطلبة نتائج معترف بها، ويمكن قياسها، وخاصة في القدرات القرائية، والحسابية، والمهارات الحياتية الأساسية. إذ إن الوقت المخصص للتعليم يتراوح بين 1000 ساعة في السنة و850 ساعة، وتدار بكفاءة عالية، وليس مجرد وقت يمضي. وتشير الدراسات والتقارير العالمية أن تعليم القراءة والكتابة أمر حاسم للتمكن من العلوم والمعارف الإنسانية الأخرى مستقبلا. فإتقان القراءة والكتابة دليل ومؤشر على ارتفاع تحصيل الطلبة وحسن الحياة. إذ كيف يمكن للفرد الطالب أن يفهم العلوم أو الرياضيات أو أي شيء يرتبط بحياته وهو لا يتقن اللغة قراءة وكتابة، وأساسيات الحساب. إن أولئك الذين خرجوا إلينا بتخفيض حصص اللغة وإلغاء الإملاء، والنسخ، والقراءة الجهورية في تعليم اللغة العربية، إنما كانوا يرسمون سياسات أو يقدمون لسياسات التجهيل المدروس
. إن أولئك الذين نادوا بعدم حفظ جدول الضرب لأن آلة الحساب في الجيب. كما أنهم ادعوا المعرفة ببواطن العلم الخفي، ونظرياته التربوية المبتدعة، وعلم العلوم والمعرفة، وهم لم يقرأوا كتابا، رصينا، ولا بحثا في مجلة علمية مصنفة، فطالبوا بعدم وجود الكتاب المدرسي الملموس،لا بل طالبوا بإلغائه.  إنما كانوا هؤلاء يسعون لتعقيد مشهد الأمية في الوطن. لذا فإن من أبجديات تعليم الأطفال هو تملكهم للغتهم الأم. إذ بدونها لا يمكن أن يكتب لهم النجاح، والنجاح في الحياة، والعمل والإنتاج، والمواطنة الصحيحة. والقدرة على فهم الواقع، ودراسة خياراته، وتحسين ظروفه المعيشية، والقدرة على فهم المجتمع الإنساني، والتعامل مع الآخرين.
العوامل المؤثرة في التعليم:
   يتأثر التعليم في الأردن بمجموعة من العوامل المختلفة، والتي ترتبط بخصائصه الاجتماعية، والثقافية، والاقتصادية، والسياسية. وشانه في ذلك شأن المجتمعات الأخرى. فهو لا يعيش بمعزل عن العالم، وهو يتأثر، ويؤثر بغيره من النظم التعليمية الإقليمية، والعالمية. ويمكن بشكل عام الإشارة إلى مجموعة من العوامل العامة التي تؤثر بالتعليم الأساسي، والثانوي، وما ينعكس ذلك على التعليم العالي:

أولا) العوامل الاقتصادية:
يرتبط التعليم الجيد بالواقع الاقتصادي للمجتمع بشكل عام. وليس أدل على ذلك هو ما نشاهده من تعليم متميز في الدول ذات الاقتصاد القوي، إذ يرتفع مستوى دخل الفرد، وتتحسن حياته بالإضافة إلى حسن توزيع الموارد. فكلما ارتفع مستوى دخل الفرد، كلما أمكنه ذلك من توفير فرص تعليمية أفضل لنفسه ولأبنائه. كما أن الدولة تصبح أكثر قدرة على توفير تعليم ذي نوعية متميزة. وفي المجتمعات المختلفة، فإن الأسر الميسورة الحال تعمل على إرسال أبنائها إلى مدارس ذات سمعة وقدرات تعليمية ممتازة، وذلك أنها قادرة على دفع رسومها المرتفعة وتوفير مستلزماتها المادية المتعددة .
لذا، فإننا نجد أن الأسر الغنية هي الأكثر قدرة على تعليم أبنائها ومنذ نعومة أظفارهم في رياض أطفال متميزة، بينما نجد أن الأسر الفقيرة غير قادرة على فعل ذلك إطلاقا. ومثل هذا العمل ينعكس وبشكل مباشر على قدرات الطلبة التعليمية في مرحلة التعليم الأساسي، وكذلك في مرحلة التعليم الثانوي. وعلى العكس من ذلك، فإن الطالب الذي يعيش ضمن ظروف اقتصادية صعبة، فإنه لن يستطيع أن يلتحق بمدارس تضمن تعليماً مميزاً، علاوة على ذلك فإنه في كثير من الأحيان قد ينفق جزءا، إن لم يكن جلّ وقته في العمل لمساعدة أسرته والعمل معها لتدبير شؤونهم المعيشية، مما يؤثر ذلك بشكل سلبي على أدائه في التعليم اللاحق. إذ إن الفئات الأكثر فقرا تضغط على أبنائها للعمل بسن مبكرة، ولا تولي تعليمهم الاهتمام الكافي.

ثانيا) العوامل التعليمية:
هناك حقيقة مفادها بأن توفير الفرص التعليمية المتساوية لجميع أفراد المجتمع في مرحلة التعليم الأساسي والثانوي لهو أمر غير واقعي. ويدعم هذه الحقيقة واقع التعليم. إذ إن المعلمين مختلفين في مؤهلاتهم العلمية والسلوكية، وخبراتهم التعليمية، وحتى دافعيتهم لمهنة التعليم متباينة، وهذا بالتالي ينعكس على طبيعة العملية التعليمية التربوية ومخرجاتها. إذ يبدو أن المعلمين الأكثر تأهيلا، وخبرة، ودافعية يتجهون للعمل في مدارس خاصة أو في المدن الرئيسة في المجتمع. وهذا هو الواقع العملي والحياتي المعاش.
   وكذلك فإن المدارس الأساسية والثانوية في مجتمعنا متباينة في مدخلاتها المادية، من أبنية مدرسية، ووسائل تعليمية، ومختبرات ومكتبات وملاعب ومرافق ضرورية وخدمات مساعدة. إذ أن لكل المدخلات المادية أثراً على مخرجات العملية التعليمية. وكذلك فإن مديري المدارس الأساسية والثانوية لهم دور أساسي في التأثير على العملية التعليمية، وذلك باعتبارهم مؤشرا لفاعلية المدرسة، وقدرتها على الارتقاء بتحصيل الطلبة. إذ أنه كلما امتلكت الإدارة المدرسية المؤهلات العلمية والسلوكية والخبرات، كلما كان أداء المدرسة أفضل، وبالتالي فإنه يفترض أن تتواجد مثل هذه المؤهلات والخبرات الإدارية في المدن الرئيسة وبدرجة أعلى من مدارس الريف أو البادية.

ثالثا) العوامل الاجتماعية والثقافية:
 من الأمور المؤكدة أن للمستوى الثقافي والاجتماعي للأسرة أثراً واضحاً على تعليم الأبناء ورعايتهم وتطويرهم وتحسين أدائهم، وكذلك تشكيل اتجاهات ايجابية نحو التعليم. إذ أنه كلما ارتفع المستوى الثقافي والاجتماعي للوالدين، كلما كانت اتجاهاتهم أكثر ايجابية نحو التعلم، وبالتالي فإنهم أكثر قدرة على رعاية أبنائهم وتوجيههم نحو التعليم وفرصه المتاحة والتي يوفرها المجتمع. 

التعليم والعدالة الاجتماعية:
إن من التحديات التي تواجه التعليم في الأردن هو القدرة على توفير المساواة للأفراد للالتحاق ببرامجه، وليس كإضافة عددية، ولكن باعتباره عنصرا نوعيا بحيث يوفر الدمج للثقافات، والأطر الفكرية والوطنية، والاجتماعية، وبالتأكيد للغايات الاقتصادية. كما وأن للتعليم قيما متقدمة باعتباره مفتاحا رئيسا للعدالة، والحياة الديمقراطية، وتفتيت الفوارق في المجتمع. إذ يعتبر نقطة مضيئة وعلى المستوى العالمي، والتطوير الإنساني. وله الإضاءة نفسها على المستويات الاجتماعية والفردية في تحقيق الذات. 
إن المتتبع لحركة التعليم في الأردن يدرك إدراكا واعيا ما قدمه عبر السنين من مساهمات في تطوير الأفراد والمجتمع الأردني. إلا أن مفاهيم متعددة غابت وتغيب عن طبيعة المهمة الأساسية للتعليم الأساسي، والثانوي، وما ينعكس عنهما نتيجة للظروف الاقتصادية المترتبة عليه. إذ إن الطلبة القادمين من أسر غنية لهم فرص عالية للالتحاق بتعليم نوعي وفي كافة مراحله، لا يمكن لغيرهم توفيرها. إذ يمكنهم شراء هذه الفرص من مؤسسات خاصة ومتخصصة ذات تكلفة عالية. لذا، فإن مفهوم العدالة الاجتماعية بدأ يظهر بشكل جلي في المجتمعات الديمقراطية. 
وبشكل مبدئي، فإن العدالة الاجتماعية لها علاقة بالجهود المبذولة لجعل كل فرد أو جماعة لهم الحق المتكافئ بالتمتع في دخول التعليم النوعي. كل ذلك لا يعني إغفال المستويات التعليمية المختلفة، (وحتى الجامعي منها)، ونوعيته، وظروف الملتحقين بهذا المستوى من التعليم. وهكذا، فإن العدالة الاجتماعية ليست معنية بالمساواة بمفهومها المجرد، بل هي معنية بتزويد واضعي سياسات التعليم بالفرص المتساوية لمن ليس لهم فرص متساوية أصلا وفق النظم التعليمية وظروفها غير المتكافئة. 
 وبالتأكيد، فإن الغاية من التعليم لا بد وأن تأخذ بعين الاعتبار العدالة الاجتماعية. ويتم ذالك من خلال نظام شمولي لكل أفراد المجتمع بحيث يعد الطلبة لقاعدة عريضة من المعارف والمهارات والسلوكيات، للقيام بأدوارهم المستقبلية وبشكل متميز. وإعداد  الأفراد لمجتمع متسارع، بحيث يلبي حاجاته الاقتصادية المتغيرة. إن المنظور الفردي أو الأسري للتعليم غالبا ما يدخل ضمن الإطار العام للمنظور الوطني الاجتماعي. فالفرد يسعى للتعليم باعتباره مصدرا للتمتع بالأمان والسعادة المستقبلية، وفرصة للوصول لمواقع متقدمة في المجتمع. وهو بالتأكيد، استثمار بعيد المدى للفرد كما هو للمجتمع. وينظر للتعليم على أنه يوفر فرصا للوصول بالمجتمع إلى منظور مقبول وآمن لمكوناته، وتقليصاً للاختلافات الاقتصادية، والاجتماعية، وضمانة لمشاركة الأفراد بفاعلية في التنمية وفي جميع المجالات الإنسانية.  

ضبط الإجراءات التعليمية:
يحتاج النظام التعليمي في أي مجتمع إلى ضبط إجراءاته بشكل شمولي، ويعزز هذا الضبط عادة التشريع. إذ تتسق الأمور بنصوصه وتتضح الرؤية، وإليه يتم الرجوع عند تباين القرارات. وأقصد هنا بضبط الإجراءات التعليمية: أن يتعرض جميع من هم في مراحل التعليم لبيئات تعليمية متماثلة، أو متقاربة. إذ كيف يمكن أن يتم تعريض الطلبة لبيئات مختلفة وظروف ومكونات تعليمية متباينة، ثم نقول لهم تنافسوا على المراحل اللاحقة من التعليم. فالحقيقة تقول بأن للبيئة التعليمية ومكوناتها دوراً رئيساً في تعلم الطلبة وتحصيلهم الأكاديمي وإعدادهم للحياة. كما أعني: أن الطلبة عند تقديمهم للامتحان يجب أن تكون البيئة وظروف الامتحان متماثلة للطلبة، سواء أكانت بيئة مادية أم بشرية أم معنوية. فهل يعقل أن نطلب من طالب يتعلم في بيئة محدودة الموارد التعليمية، والمادية، وضعيفة الموارد البشرية، منافسة طالب آخر يتعرض لبيئة غنية بالموارد التعليمية، والبشرية؟ إذ سيؤدي ذلك حتما إلى تعزيز الفوارق الاجتماعية والاقتصادية الموجدة أصلا في المجتمع. إذ التعليم عادة يسعى إلى جسر هذه الفوارق، وتقريب القيم الإنسانية، والحياتية بشكل عام.
 إن ضبط الإجراءات في تقييم البرامج لا يعني فقط تشديد الرقابة في قياس الأداء، بل يعني ضبط كل إجراءات العملية التعليمية ومنذ بدايتها. أي منذ التحاق الطالب بالمؤسسة التعليمية. لذا، فإن المجتمعات عادة تسعى إلى توفير بيئات تعليمية متكافئة للوصول بالأفراد إلى أعلى مستويات قدراتهم العقلية والجسدية والنفسية، والسلوكية، وذلك لتحقيق الأمن الاجتماعي والنفسي وبالتالي الأمن الوطني. وهذا الأمر يتطلب رؤية واضحة، وجهوداً مستمرة ومخططا لها بشكل شمولي. إذ لا يكفي أن يتم تناول جزئية هنا وجزئية هناك، لعمل متكامل. إن ضبط الإجراءات التعليمية تتطلب الوصول بالبيئة التعليمية وبكل مكوناتها من معلمين وبرامج وموارد مادية وتجهيزات بحيث يتعرض الطلبة إلى بيئات متماثلة، ولنحكم على انجازاتهم وقدراتهم، ونستطيع أن نقارن بينها، آخذين بعين الاعتبار مجمل الظروف الاقتصادية والاجتماعية، والبيئية. إذ كيف يمكن قياس قدرات الطلبة والمقارنة بينها وهم لم يتعرضوا لنفس البرامج من مدخلات وعمليات. إذ إن الإجراءات كانت غير مضبوطة أصلا.
نتائج الثانوية العامة:
تشير نتائج الثانوية العامة للدورة الصيفية لعام 2014، إلى أن هناك تباينا كبيرا بين نسب النجاح في المدارس وفقا لمديريات التربية والتعليم. إذ نجد أن بعض مديريات التربية لم تتعد نسبة النجاح فيها بشكل عام 8%، بل قد تكون هذه النسبة 2%. بينما بعض المديريات تتجاوز النسبة فيها 60%. كما أن بعض مديريات التربية لا يتجاوز متوسط معدل  الطلبة فيها   في الفرع الأدبي 20، وفي الفرع العلمي 62، وفي الفرع المعلوماتية 43. 
وتشير نتائج الثانوية العامة إلى أن 335 مدرسة حكومية لم ينجح منها أي طالب. إذ نجد أن توزيع هذه المدارس يتركز في مديريات خارج المدن الرئيسية، وضمن الفئات الاقتصادية والتعليمية المتواضعة. فمثلا نجد أن مديرية تربية الجيزة كان عدد المدارس التي لم ينجح فيها أحد 26 مدرسة. 
ومديرية تربية الموقر بلغ عدد المدارس التي لم ينجح منها أحد 9 مدارس. وكل هذه المدارس تتبع فعليا محافظة العاصمة، ولكنها خارج مدينة عمان العاصمة. ومديرية تربية البادية الشمالية الشرقية 50 مدرسة، والبادية الشمالية الغربية 21 مدرسة. كما أن مديرية تربية قصبة المفرق يوجد فيها 13 مدرسة لم ينجح منها أحد، وهي مدارس في القرى وأطراف المدينة. أما مديرية تربية البادية الجنوبية فقد بلغ عدد المدارس التي لم ينجح منها أحد 19 مدرسة، وفي مديرية تربية العقبة فبلغ العدد 18 مدرسة أيضا. بينما نجد في مديرية تربية الأغوار الجنوبية يصل هذا العدد إلى 8 مدارس، ومديرية تربية قصبة السلط 12 مدرسة.
 ويبدو أن مجمل المدارس إن لم يكن كلها هي من مدارس ليست في المدن الرئيسية، مما يؤكد على أهمية البعد التعليمي في تحصيل الطلبة، وكما أشرنا سابقا إلى العوامل المؤثرة في تحصيل الطلبة. وكذلك إلى توفر الفرص التعليمية والتأكيد عليها، فهي بشكل عام في المدن أكثر حظا مما هي عليه في القرى والبادية. إن عرض النتائج وفقا للمحافظات لا يعطي صورة واضحة متكاملة عما هو عليه الحال. كما أن دمج المدارس الخاصة ضمن مديريات التربية يعطي ضبابية في المشهد الواقعي للظروف التعليمية والاقتصادية، ودرجة تأثيرها على هذه النتائج. إذ نجد أن مدارس خاصة وبعينها تبلغ نسب النجاح فيها ضعف النسبة العامة للنجاح في المملكة. وليس الأمر كذلك إذ إن متوسط علامات الطلبة في الكثير منها يتجاوز 80 من مائة علامة، بينما نجد أن متوسط علامات بعض المدارس لا يتجاوز 10من مائة علامة. وهكذا ينعكس المشهد الاقتصادي الاجتماعي الثقافي بصورة أكثر وضوحا. 

الخلاصة:
  إن نتائج الثانوية العامة للعام الدراسي 2014 هي نتيجة لمنظومة من السياسات التربوية التي اتبعت ومنذ ما يزيد عن عقد من الزمان. إذ لم يتم العمل على توفير الفرص المتكافئة لجميع ممن هم في سن التعليم، ومنذ الصف الأول، أي ومنذ مرحلة ما يعرف بجوهرة التعليم. إذ غدا المنظرون للتعليم، وكأنهم يسيرون في واد غير ذي زرع. فبقيت مجمل العوامل المؤثرة في التعليم، والمعروفة عالميا، بعيدة المنال، فكان هذا الحصاد.
ويمكن القول بأن هذه النتائج قد لعبت دورا رئيسا، في تجفيف منابع المدارس الأقل حظا، إذ حرمت هذه المدارس التي لم ينجح منها أحد من هذه الفرصة. وحتى مديريات التربية، فكانت بعيدة عن نسبتها في الالتحاق بهذه المؤسسات التعليمية العليا.
وكذلك، يمكن الإشارة وفقا لهذه النتائج، إلى أن الجامعات الخاصة ضمن محافظة العاصمة لم تتأثر بهذه النتائج، إذ بقيت نسب النجاح في العاصمة ضمن مستواها تقريبا، وبالتالي فإن الفئة المستهدفة لهذه الجامعات بقيت قريبة مما هي عليه سابقا. لذا، فإن القوى المعاكسة سكتت عندما أدركت الواقع، وعرفت الحقيقة لهذه النتائج. وأعتقد بأن على راسمي السياسات التربوية، أن يعملوا جاهدين لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. لأن التعليم الأساسي والثانوي هما ركيزة الحياة المستقرة، وهما القادران على بناء الجيل المنتج المنتمي لوطنه ومجتمعه. 

 تنويه:
لم يتمكن الباحث من الحصول على بيانات تفصيلية مهمة للدراسة من وزارة التربية والتعليم رغم طلبه للبيانات البحثية وبكتاب رسمي من الجامعة الأردنية.

* أستاذ الإدارة التربوية والتعليم العالي/ الجامعة الأردنية
 

التعليقات

د.نذير العبادي (.) الخميس, 12/18/2014 - 09:26

أ.د سلامه طناش هذه الدراسة الوطنية التي تعد الاولى وانت دوما صاحب الاولى في العلم وفي العطاء.وهي تنم عن حسكم في قضايا وطننا وعلى راسها قضية التعليم ويشهد الله اننا دوما عرفناكم بعلمكم وعطائكم المتميز لوطنكم دونما ان تنتظروا شيئا. دراسه مميزة وجريئة مثلكم وبجراتكم بالحق وتميزكم بالعلم .وفقكم المولى لتبقون سندا لنا وللوطن

د.نذير العبادي (.) الخميس, 12/18/2014 - 09:27

أ.د سلامه طناش هذه الدراسة الوطنية التي تعد الاولى وانت دوما صاحب الاولى في العلم وفي العطاء.وهي تنم عن حسكم في قضايا وطننا وعلى راسها قضية التعليم ويشهد الله اننا دوما عرفناكم بعلمكم وعطائكم المتميز لوطنكم دونما ان تنتظروا شيئا. دراسه مميزة وجريئة مثلكم وبجراتكم بالحق وتميزكم بالعلم .وفقكم المولى لتبقون سندا لنا وللوطن

مجهول (.) الاثنين, 12/22/2014 - 00:04

كرا على المعلومات

ختام العيدي/ م... (.) الأحد, 12/28/2014 - 22:52

استاذنا الفاضل أ. د سلامه طناش . هذه الدراسة قدمت لنا نتائج قيَمة , ستكون ان شاء الله منطلقا للاصلاح . لكم مني كل التقدير والاحترام , وفقكم الله ورعاكم .

ختام العيدي/ م... (.) الأحد, 12/28/2014 - 22:54

استاذنا الفاضل أ. د سلامه طناش . هذه الدراسة قدمت لنا نتائج قيَمة , ستكون ان شاء الله منطلقا للاصلاح . لكم مني كل التقدير والاحترام , وفقكم الله ورعاكم .

فريال الخطيب (.) الخميس, 03/03/2016 - 14:17

السلام عليكم استاذي الفاضل
نشكرك على المعلومات القيمةالتي تم توضيحها بكل شفافيةوهذا هو اسلوبك الشفافية والوضوح والعلم النافع

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)