الفكر الطيب يبني المجتمع ويرفع من منظومة قيمه ويحميه من الانحراف والتصلب ويضع الانسان في اعلى مراتب الانسانية، لكن اين هو الان؟ لماذا يغيب لصالح الفكر المنحرف ؟ولماذا بدأ الفكر المنحرف يتجذر بين فئات الشباب ويفرض وجوده في المجتمعات ؟ واين المجتمع من حملة هذا الفكر الظلامي، ولماذا نترك لدعاة هذا الفكر أن يمسحوا عقول الشباب،وما دور المدارس والجامعات والمنابر والمساجد والدعاة ورجال الفكر من هذه الموجة التي باتت تفرض ارهابها وافكارها حتى اختلط الحابل بالنابل وغدا العالم يعيش على ايقاعات افكارهم،ولماذا تستمر الفضائيات في استعراضاتها وألوانها وعلى مدار الساعة ولا تفكر بهؤلاء الشباب من اتجاه اخر، وهي تعلم ان نتائج عروضها يشكل ردات فعل قاسية وغاضبة ، يحصد المجتمع منها المزيد من العنت والقهر والدماء والارهاب، والمعروف ان هذا الضرب من الفكر يأتي من الخارج وتقوم عليه جماعات تضلل الشباب وتوهمهم ان هذه الدنيا لا قيمة لها، وحتى يصلوا الى الجنة لا بد من قهر العدو المفترض باتباع الاساليب الانتحارية، بحيث لا يفرقون بين عدو وصديق، وبين مؤمن وملحد، وبين محتل وآمن ،الكل امامهم واحد-مع انهم كانوا يحصدون تعاطفا كبيرا في المجتمعات العربية والاسلامية حين كانت اهدافهم واضحة- وحين تحول الهدف وانحرف الفكر الى قتل الابرياء والناس البسطاء في الشوارع والمتاجر والفنادق صار لزاما على الناس ان يعيدوا التفكير في تعاطفهم واساليب تفكيرهم وطرق تعليمهم واعادة النظر في مناهج حياتهم وطريقة انتماءهم، وتفعيل مواطنتهم بحيث لا يتركون لهؤلاء ان يفتكوا بأمنهم واستقرارهم، والمواطن الصالح سواء كان في الشارع او السيارة او شاهد شخصا او فئة او اي شيء يشك به عليه سؤاله والابلاغ عنه، والمواطن هو الشرطي ورجل الامن في مكان عمله وتواجده، وعليه مسؤولية تجاه نفسه ووطنه، ولا بد من الحذر والانتباه لكي نفوت الفرصة على عشاق الدماء؛ لأن هذا المستوى الوضيع من الاجرام ينشر السخط والأحزان ويقطع الأوصال، وهؤلاء لا يشعرون بأوضاع الناس وظروفهم، فمتى يقلعون عن اجرامهم وبطشهم، ويواجهون مسؤولياتهم تجاه أنفسهم وأولادهم وانسانيتهم ودينهم، ويعرفون ان الاسلام يرفض القتل والارهاب بكل اشكاله وألوانه؟ ومتى يقرأون قوله تعالى ويفهمونه ويتدبرونه: « ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق»؟ وقوله تعالى: « ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه واعد له عذاباً عظيماً»، وقوله تعالى: « من قتل نفساً بغير نفس او فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما احيا الناس جميعاً»، وقول رسوله عليه الصلاة والسلام: « لزوال الدنيا أهون على الله من قتل امرىء مسلم بغير حق»؟ فإلى متى يبقى فكر هؤلاء التلذذ بقتل الأطفال والافراح والشيوخ والنساء وينتسبون الى الاسلام شكلاً ؟ وهذه الأساليب بكل اشكالها والوانها مرفوضة ولا تقرها شريعة او دين اوعقيدة او مبدأ ولا حتى شريعة الغاب.
والاردن المعتدل والوسطي نجح في محاربة مثل هذا الفكرالهدام، وعلينا جميعا مسؤولية ترسيخ فكر مضاد له ينهض على الاسلام المعتدل والمحبة والاخوة والتسامح والعدل والأمن على الدماء والأعراض والأوطان والحياة، وجهود الاردن واضحة في رسالته القائمة على الاسلام المعتدل الذي يقدم صورة مشرقة للعرب والمسلمين، والمؤمن الحق يخاف الله في السراء والضراء ولا ينتهك حرمات الناس ، ولا يشذ عن الطريق القويم، ومتى قتل المسلمون الناس؟ ان استهداف الارهابيين والظلاميين والمتطرفين للابرياء والأسرى دليل على انحراف هذا الفكر الضال الذي يشوه صورة الاسلام والمسلمين بما هو دين الرحمة التي تعد اعظم صفات هذا الدين؛ فاذا كانت المسيحية دين السلام، فان دين الاسلام دين الرحمة، وهؤلاء لا يحملون رحمة ولا محبة ولا رسالة سوى القتل والترويع؛ لان فكرهم انتهى الى الانغلاق والسادية ،ولذلك، فان القضاء على الارهاب يستلزم تحرير هذا الفكر ومعالجته بالوعي والحذر والانتباه للبؤر التي تفرّخ الافكار المتطرفة وتحاول الهروب بالاسلام الى المجاهل، لكي يبقى الاسلام النور الذي يحقق الخير والصلاح والبناء لكل بني البشر، وبالتالي تحقيق امن الناس واستقرارهم، وهذا يتطلب منا ان نكون جميعاً في استعداد تام ويقظة ووعي وحذر من هذه الأفكار الظلامية التي تعيد المنطقة بين حين واخر الى الوراء، فضلا غن تفعيل معنى المواطنة والانتماء لتفويت الفرصة على حملة ذلك الفكر الذي لا يمت للاسلام باية صلة. ويبقى الأمل باجهزة الاعلام والمؤسسات التعليمية ورجال الفكر والدعاة الانتباه للشباب كلّ من موقعه لتحصينهم من هذه الفكر الظلامي الذي يفتك بالاسترار والآمان.