TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
تراجع مستوى طلبة الثامن بالرياضيات والعلوم نتاج مناهج تقليدية لا تلبي الاحتياجات
01/12/2016 - 3:00am

طلبة نيوز- الراي

امام ورقة الامتحان يملك الطالب مفاتيح النجاح ، يحدق بالاسئلة الواردة ، يستذكر الاجابات التي حفظها من الكتاب فيدونها ، في حين يقف مطولا امام الاسئلة التي تحتاج الى التفكير والتي تكون عادة في الرياضيات والعلوم ، فيعجز في اغلب الاحيان عن احراز علامات مقبولة ، ليس لكونه لا يمتلك القدرة على ذلك او لانه يعاني من صعوبات تعلم لكنه لم يعتد مسبقا على التفكير والاستنتاج انما تبرمج عقله على اتباع اساليب الحفظ ونقل ما تعلمه على ورقة الامتحان ليأخذ مسارا ابعد ما يكون عن تنشيط العقل وبذل مجهود في التفكير والربط والاستنتاج.

هو حال عدد كبير من الطلبة الذين يعانون من ضعف واضح في مادتي الرياضيات والعلوم وهو نتاج وحصيلة سنوات تعليمية لم تسهم في تعليم الطالب كيف يفكر وكيف يكون قادرا على الاستنتاج ، كيف يتعدى حدود المعرفة والتلقين ليصل الى القدرة على التحليل والتفكير قبل ان يكتفي بحفظ طرق الوصول الى الاجابات الصحيحة دون ان يدرك كيف ولماذا.

واقع تعليمي يتحمله المعلم والطالب والسياسات التعليمية والمنهاج لتشكل جميعها نواة واحدة لا تخرج عن فلك ومسار واحد بعيدا عن تنمية مهارات الطلاب وتمكينهم ، ليصبحوا قادرين على الوصول الى نتائج مرضية في مادتي الرياضيات والعلوم التي لا تقوم في اساسها على التحفيظ والتلقين انما هي مؤشر واضح على قياس قدرات الطلاب بالتفكير والاستنتاجات والابداع.

النتائج الاخيرة التي اعلن عنها المركز الوطني لتنمية الموارد البشرية لاداء الطلبة في الدراسة الدولية للرياضيات والعلوم والذي اجري في مطلع العام الماضي اظهرت تراجعا ملحوظا بمستوى الاردن في اختبار الرياضيات للصف الثامن وتراجعا في امتحان العلوم لطلبة الصف الثامن عن عام 2011 حيث شارك الاردن من ضمن 39 دولة تقدمت لهذا الاختبار من ضمنها عشر دول عربية وجاءت الاردن بالمرتبة الخامسة.

هذا التراجع الذي اعتبره وزير التربية والتعليم الدكتور محمد ذنيبات مؤشرا على اهمية الاستمرار في دعم المعلمين وتوفير جميع اسباب النجاح لهم من خلال تدريبهم وتحسين البيئة التحتية للمدارس لتمكينهم من القيام بمهامهم بكفاءة ليتمكن الاردن من تجاوز هذا الضعف لدى طلابه بهاتين المادتين والعمل على الاستفادة من تجارب الدول الاخرى التي كانت لديها مثل هذه النتائج وتمكنت من تجاوزها وتحقيق تقدم تفكير ايجابي يلامس الواقع ولا ينكره او يخفيه لكنه يحتاج الى اكثر من ذلك والى نظرة شمولية لاستراتيجيات التعليم التي يشترك بها اطراف عدة بدءا من المنهاج والمعلم وتمكينه عمليا قبل الالتحاق بالخدمة ليصبح هو قادرا على احداث التغيير فكرا واسلوبا لا يعتمد على اساليب قديمة محدودة التفكير داخل الغرفة الصفية الى تلمس نقاط الضعف عند الطلاب في مراحلهم التعليمية الاولى وعدم الاكتفاء بالتعامل معها بسطحية والاعتماد على مراحل اخرى بحياة الطالب لتصحح اخطاء كبيرة تبدا مبكرا.

من الذي يتحمل مسؤولية ضعف قدرات الطلاب بهاتين المادتين وتراجع الاردن بنتائج طلبته بعد ان يحرز نتائج متقدمة في هذا الاختبار الذي يشارك به الطلبة بهدف قياس مستواهم والخروج بمؤشرات يبنى عليها في رسم الخطط والاستراتيجيات التعليمية ؟

كيف سيكون حال الطلاب في مراحلهم التعليمية القادمة ومن سيضمن عدم اتباع هذا الضعف لديهم في الجامعات ليصبح التعليم بمجمله يعاني تحت وطأة اخطاء متتالية لم تؤخذ بعين الاعتبار ولم تجد طريقها للحل الجذري قبل استفحالها والحاقها ضررا كبيرا بمنظومة فكر وتعليم لدى الجيل القادم.

تساؤلات اصبحت اليوم مشروعة امام نتائج غير مرضية لمادتين تعتبران في غاية الاهمية وتسهم في تمكين الطلبة بمهارات اساسية للمنافسة في اسواق العمل العالمية كونها تركز على التفكير والاستنتاجات والتحفيز للاكتشاف والتطوير الذهني.

القادري: النظام التعليمي

يحتاج لإعادة نظر

الدكتور سليمان القادري متخصص بمنهاج العلوم في جامعة ال البيت قال ان نتائج الاختبار الذي شارك به طلاب من الاردن جاءت متواضعة ودون المستوى المطلوب بعد ان كان الاردن في سنوات سابقة يحرز نتائج مرضية.

وربط الدكتور القادري النتائج بمستوى التعليم بشكل عام واصفا اياه بتراجع مستمر مبينا ان هناك جوانب ضعف واضحة تبدا من طبيعة المنهاج التي تقوم على اساس الحفظ والتلقين فقط بحيث يحفظ الطالب هذه المعلومات ويقوم بتدوينها بورقة الامتحان لينسى مباشرة ما حفظه

خاصة وان طريقة صياغة المنهاج الحالية لا تعمل على تحفيز عقول الطلاب وتكتفي بحدود التلقين فقط.

واضاف هناك فجوة بين فجوة يعيشها المعلم والطالب فالمعلم لا يمتلك مهارات وان ما خضعوا لتدريب عملي فانهم بمجرد انتهاء تدريبهم يعودون لاساليبهم التقليدية بالتعليم اضافة الى دور المنهاج الهام والمحوري في تحفيز عقول الطلاب واتاحة الفرصة لهم للتميز والابداع

واعتبر القادري ان النظام التعليمي برمته يحتاج لاعادة النظر من جديد بدءا من المراحل التعليمية الاولى وصولا الى التوجيهي الذي يركز على الحفظ دون ان يكون قادرا على مساعدة الطلاب وتحفيزهم على التفكير فهم لا يفكرون الا بالاجابات الصحيحة في حين ان غالبيتهم لا يتقنون مهارات تقودهم لمعرفة لماذا تم حل اسئلة بهذه الطريقة دون غيرها الامر الذي يضعهم امام صعوبة واضحة اذا ما جاءت الاسئلة مغايرة لما حفظوه وتعلموه بحدود ضيقة.

واشار الدكتور القادري الى ان الوضع الحالي للتعليم لا يبشر بالخير الامر الذي اصبح بحاجة ماسة للتغير من خلال ماسسة التعليم وعدم ربطه بشخص معين او مسؤول ما ان يتسلم مسؤولية ادارة دفة التعليم حتى يلغي ما جاء قبله وهذا امر غير صحيح فنحن بحاجة لسياسات تعليمية واضحة واستراتيجيات بعيدة المدى يتم وضع اهداف محددة لها لا تقوم الا على اساس احتياجات الطلاب والمجتمع وتغير في منهجية التعليم القائمة.

واضاف: ان العمل بمؤسسية واشراك واختيار متخصصين مؤهلين من ذوي الخبرة لتشكيل هيئة تعمل على اعادة تقييم التعليم برمته من طبيعة المنهاج ومدى ملاءمتها للطلاب وتلبية احتياجاتهم بحدود ابعد من المعرفة فقط واستقلالية هذه الهيئة بحيث تعمل بكفاءة علمية عملية هدفها الارتقاء بمستوى التعليم واعادته للمستوى الذي كان عليه سابقا هو الاساس في ايجاد حلول لمشاكل كبيرة بات التعليم يعاني منها ليتم الاخذ بتوصيات ما ينتج عن هذه الهيئة او اللجنة والعمل بها بعيدا عن المزاجية او ارتباطها بوجود مسؤول او رحيله عن موقعه.

واعتبر القادري ان الطلاب في دول اخرى والذين احرزوا نتائج مرضية بهاتين المادتين ليسوا افضل من طلابنا لكنهم يحظون بتعليم مختلف من حيث النوعية ووجود معلمين قادرين على تحفيز عقولهم والوصول بهم الى مرحلة التفكير والاستناج والربط بين المعلومات وبين ما يفكرون هم به.

واشار الى ان التعليم الجامعي يعاني ايضا من ذات المشاكل التي تعاني منها المدارس فالمعلم الذي يكتفي بالوقوف امام طلابه وتلقينهم او اعادة ما جاء بالمنهاج عليهم دون ان يمتلك القدرة على الحوار وحثهم على التفكير والتجربة لن يكون قادرا على اخراجهم من دائرة التعليم المحدودة والتي تنتهي بهم الى ضعف واضح في كثير من المهارات مبينا ان الدراسات الحديثة تبين ان الطالب عندما يكتب بيديه ويمارس التجارب على ارض الواقع اكثر من استخدامه للحاسوب والنظر على شاشات العرض يمتلك القدرة على تخزين المعلومات وترسيخها بعقله وربطها على ارض الواقع بما يحتاج اليه.

واكد الدكتور القادري على ان المناهج يجب ان تخاطب التفكير لدى الطلاب ولا تعتمد على المعرفة فقط فعلى الطالب ان يتعلم كيف يفكر وكيف توصل الى المعرفة لينتقل تدريجيا الى ما وراء المعرفة التي تقوده الى تنمية مهارات عديدة هي ابعد اليوم عن اذهان طلابنا.

عياش: يجب ان يخضع المعلم لتدريب نوعي

الدكتورة امال عياش تخصص منهاج علوم قالت ان الوضع الحالي للتعليم غير مرضي وهي معضلة اساسية يشترك بها المعلم وطبيعة المنهاج وضعف قدرات الطلاب بمراحلهم التعليمية الاساسية وافتقادهم لمهارات اساسية.

واضافت: ان برامج تدريب المعلمين لم ترتق الى الان لمعايير هامة يجب ان تتضمن في برامج تدريبهم ليفقد المعلم قدراته ومهاراته بتعليم طلابه كما يجب خاصة وان هناك مشاكل تعليمية عميقة يعاني منها الطلاب في القراءة والكتابة والمهارات المتعلقة بالعلوم والرياضيات تحتاج لاجراء حوار معمق مع المختصين والخبراء من ذوي الخبرات ليعملوا بشكل تشاركي جاد منظم للخروج بتوصيات تؤخذ بعين الاعتبار عند وضع المنهاج واعداد الاستراتيجيات المتعلقة بالتعليم.

واضافت: ان الطلاب في الصفوف الثلاث الاولى يعانون من مشاكل في مادتي الرياضيات والعلوم وقد تبدو واضحة لدى المعلمين لكنهم لا يتوقفون امامها كثيرا خاصة في ظل عدم وجود تقييم حقيقي لمستوى الطلاب بهاتين المادتين ومعالجة نقاط الضعف عندهم مبكرا قبل ان ينتقلوا لمراحل تعليمية اخرى.

واشارت الى ان منهاج العلوم للصف الثالث الاساسي منهاج زخم ويحتوي على معلومات كبيرة وهامة يمكن للطالب ان يستفيد منها بشكل كبير لكن المشكلة في كيفية التعامل مع هذا المنهاج من قبل المعلمين الذين يكتفون بالتلقين دون ان يقودوا طلابهم للمعرفة والاكتشاف من خلال التجارب الميدانية التي تسهم بدرجة كبيرة بربط المعلومة بالتجربة والاكتشاف والتي بمجملها تسهم بتحفيز عقل الطالب وتمكنه من استيعاب المعلومات بطريقة ايجابية.

واعتبرت عياش ان هناك دورا كبيرا يقع على عاتق المعلم الذي يحتاج لاخضاعه لتدريب نوعي ينمي مهاراته ويسهم في تغير اساليبه التعليمية داخل الغرفة الصفية خاصة في مواد معينة كالرياضيات والعلوم مشيرة الى ان على المعلم ان ينقل ما خرج به من حصيلة تدريب الى طلابه لكن واقع الحال يشير الى ان كثيرا من المعلمين يعودون الى اساليبهم التقليدية بالتعليم ليصبح هناك فجوة بين النظرية والتطبيق تنعكس سلبا على الطلاب.

وطالبت الدكتورة عياش باهمية ايجاد حلول جذرية لمشاكل تعليمية اصبحت تسهم في تراجع مستوى التعليم بشكل عام تبدا بتشكيل لجنة متخصصة تعمل على دراسة نقاط الضعف عند الطلاب وتعيد قراءة المنهاج بشكل مختلف وتعمل على تحليل الوضع القائم لتتمكن من وضع الحلول المناسبة والمطبقة على ارض الواقع مشيرة الى ان اساليب التعليم في تطور مستمر والاكتفاء بالجانب المعرفي وكم المعلومات الكبير الذي تحمله المنهاج للطلاب لم يعد مقبولا فالتعليم عليه ان يحفز عقول الطلاب ويقودهم الى ابعد بكثير من المعرفة فقط.

حرب: تراجع التعليم

في الأردن لتغير المعايير

الدكتور ماجد وصفي حرب تخصص منهاج ومدرس في جامعة زايد في الامارات اكد على تراجع التعليم بالاردن مقارنة بسنوات سابقة عازيا ذلك لتغير المعايير الاساسسة التي تقود مسيرة التعليم.

واضاف: ان المشكلة الاساسية بالتعليم وتراجع مستوياته ونتائج طلبته مرتبطة بالدرجة الاولى بطبيعة المنهاج التي يجب ان يعاد النظر بواضعيها ومدى قدرتهم على صياغتها بطريقة تلبي احتياجات الطلاب وربطها بالواقع المعاش واعتمادها على جوانب التفكير بدلا من تضمينها لمعلومات حفظية بحتة بحيث اصبحت المناهج منفرة لدى الطلاب بعيدة عن المهارات التي يحتاجها الطالب.

وبين ان دور المعلم لا يقل اهمية عن المنهاج فالمعلم غير قادر على تنمية مهارات الطالب واثراء المنهاج بطريقة ايجابية فهو يكتفي بما هو مدون بها دون ان يمتلك المهارات اللازمة لتسخير المعلومات لصالح الطالب وتحفيز معلوماته وحثه على التفكير والاستتناج.

وبين ان الاكتفاء بالمعرفة وان يكون المعلم هدفه فقط نقل المعلومات المعرفية للطالب اسلوب تعليمي قديم لم يعد يلبي اهدافنا ورؤيتنا للتعليم بالاردن مؤكدا على ان على المعلم ان يصبح باحثا ومتاملا لذاته ولرسالته وان يسهم بتغيير الكثير بابتعاده عن الاساليب التقليدية بالتعليم.

واشار الى ان العقبات كثيرة وتتطلب تبني اتجاهات مختلفة لتنمية المهارات لدى الطلاب من خلال نخبة من الخبراء والمختصين يعملون على صياغة رؤية شاملة للتعليم من خلال دراستهم لواقع التعليم الحالي واسباب تراجعه ونقاط الضعف عند الطلاب.

واعتبر ان المعلم لم يعد مقبولا ان يحقق الكفايات بحدها الادنى ليصبح معلما من حصوله على شهادة اكاديمية والتحاقه بالتعليم في الوقت الذي عليه ان يضع نصب عينيه اهمية رسالته ودوره في حياة الطالب الذي يعول عليه كثيرا باخراجه من حدود تعليم ضيق لا يمتلك افاقا مستقبلية تفتح له ابوابا ابعد بكثير من المعرفة.

ويبقى التعليم بمحصلة الامر حياة وهدفا ومستقبلا يعول عليه الاردن ويسعى الى تطويره بكافة امكانياته من خلال رؤية هادفة تحمل افاقا كبيرة وتطلعات ايجابية ليبقى الاردن في طليعة الدول التي تحقق نتائج متقدمة كون التعليم اولوية وطنية لا بديل عنها وطريقا لرسم مستقبل افضل لابنائه.

فالمعلم الذي يؤمن برسالته ودوره... وبرامج التدريب الهادفة لتطوير مهاراته وتنمية قدراته التي ينقلها لطلابه بعيدا عن جوانب التلقين وزج كم كبير من المعلومات باذهان الطلاب دون مساعدتهم على التفكير وتحفيز جوانب هامة بعقولهم تقودهم الى عالم من الابداع والمهارة الفكرية... والمناهج التي تعتمد على اطلاق قدرات الطلاب واستغلالها وتوظيفها بمكانها الصحيح بعيدا عن «التقليدية « و « التلقين « والمعرفة المحدودة التي لم تعد غاية بقدر ما هي وسيلة للوصول الى ما هو اعمق من ذلك.

جميعها اليوم اولويات لا بدائل عنها ان تاخذ مكانها ودورها الحقيقي والايجابي ان ما كان الهدف الاساسي لمسيرة التعليم ان يبقى الاردن متقدما متميزا بمنظومة التعليم قادرا على ايصال الطلاب بمختلف مراحلهم التعليمية الى مرحلة يفكرون بها لا يقفون عند حدود المعلومة بقدر ما يبحثون... ويسالون لماذ وكيف نتعلم...والى اين سيصل بنا التعليم ان لم يوظف لاطلاق قدراتهم الذهنية والفكرية ليسجلوا بصماتهم على خريطة العالم بعلم وكفاءات لا حدود لها..

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)