TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
تقرير جون شيلكوت
19/07/2016 - 10:00am

طلبة نيوز-  أ.د. مصطفى محيلان

«ثلاثة أسئلة» هي قصة من روائع المؤلف الروسي ليو توليستوي، وتدور أحداثها حول قائد يبحث عن إجابات لثلاثة أسئلة يعتبرها أكثر الأسئلة أهميةً في الحياة، وقد راود ذلك القائد الشعور بأنه إذا ما جدّ في معرفة إجاباتها فإنه لن يُخفق في حياته أبدا، فصاغ أسئلته على النحو التالي:
ما هو الوقت المناسب للشروع في عمل ما؟
من هم الذين يوثق بهم ويستمع إليهم؟
ما هي أهم الأشياء التي يشتغل بها؟
لم يدر في خلد توليستوي أن أسئلة ثلاثة قريبة من تلك التي نسجها خياله قبل ما يزيد على المائة عام سوف تطرح على رؤساء وزارات ورؤساء دول أثناء تحقيقات تُجرى معهم بعد افتعالهم لحرب الخليج الثالثة أو ما يسمى غزو العراق، تلك التي خلفت قرابة ثلاث مائة إلف قتيل ونحو المليون جريح بالإضافة إلى بضعة ملايين من المُهجَرين، ودمار مادي شامل تتجاوز قيمته بضعة مئات من المليارات «من فئة اليورو أو الدولار فليس الفرق كبيراً بينهما اليوم»، ودمار معنوي لا يقل تأثيراً على مجتمع بأكمله يتمثل في إعادة ذلك القُطر الشقيق عشرات السنوات إلى الخلف، وإدخاله في دوامة تآكل ذاتي لا تبقي ولا تذر.
لقد جاء تقرير جون شيلكوت، رئيس اللجنة البريطانية المكلفة بالتحقيق فى ظروف وملابسات غزو العراق إلى أن الغزو الذي تم عام 2003 جرى «دون استنفاد جميع الخيارات السلمية». واعتبرت أن «تقديرات المسؤولين آنذاك، حول أسلحة الدمار الشامل التي من المفترض أنها كانت بحوزة العراق لم تستند إلى مبررات كافية!
إلى ذلك، فلقد ارتأى بعض البرلمانيين المنتسبين إلى بعض تلك الدول التي قادت الحرب أن يتقدموا بمذكرات لبرلماناتهم يتهمون من خلالها قادة دولهم بازدراء مجالس نوابهم في تلك الفترة واعتبر البعض ما حصل هو «تضليل البرلمان وبالتالي للشعوب خمس مرات على الأقل»، وهذا يعني المطالبة بمحاكمة مَن أعتُبِر أنهم خططوا ونفذوا لحرب بشكل غير قانوني شابَهُ الكذب في أكثر من مناسبة وكذلك تضليل الرأي العام لدى دولهم بالإضافة إلى خوض حرب لم تستنفذ جميع السبل القانونية لتلافيها حيث تضمن تقرير اللجنة والمكون من 12 مجلداً، عدداً كبيراً من الشهادات والوثائق.
عوداً إلى أسئلة توليستوي والتي يمكن إعادة طرحها واحداً بعد الآخر «وبعد إذنه طبعاً، فنحن نحفظ حق الأموات حتى ملكياتهم الفكرية، تماماً كالأحياء» وبشكل مقارب يتناسب مع الزمن الذي نعيش لأسأل:
هل شُرع بالغزو في وقت مناسب خاصة بعد أن أنهك العراق حربين سابقتين؟
هل استُمِع إلى الذين يوثق بهم؟
هل كان غزو العراق أهم الأشياء التي اشتغلوا بها؟
وحيث أن لجان تحقيق وجدت أولئك المسؤولين متجاوزين في اتخاذ القرار وقد تجدهم مستقبلاً مذنبين وبالتالي تعاقبهم فعندئذ سوف تتبلور لدي «كما حصل مع رفيق تولستوي من قبلي» ثلاثة أسئلة هي:
من سيدفع ديات مئات الآلاف من القتلى العراقيين لذويهم (هذا لو أننا اعتبرنا أن من قُتل منهم قُتل خطأ وليس عمداً)، ومن سيتكلف بدفع تعويضات لمليون جريح ومصاب ومن سيُغرّم بدل تعويضات لملايين المهجرين، وهذا حق لهم حسب شريعتنا فهل هذا موجود في أسفار وقوانين النظام العالمي الجديد؟
من سيتَكلف بإعادة إعمار العراق؟
من سيضمن لأي دولة في العالم عدم غزوها مستقبلاً خطأ؟
 
 
 

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)