طلبة نيوز- د. صلاح جرّار

هل يليق بأيّ أمّة أن يصبح أيّ من أدبائها الكبار أو فنّانيها المعروفين أو أعلامها المشهورين غير قادرٍ على مواجهة عارض صحّي أو معيشيّ عندما يبلغ سنّ الشيخوخة أو إذا داهمه مرضٌ خطير يحتاج علاجه إلى مبلغ ماليّ يزيد عن إمكانياته المالية؟!
لقد عرفت الكثير من الأدباء الأردنيّين المشاهير الذين نشأ الجيل على قراءة إبداعاتهم الشعرية والقصصية، كما عرفت الكثير من الفنانين الأردنيين المعروفين الذين ملأوا آذاننا ووجداننا أنغاماً منذ صغرنا إلى اليوم، ممّن عانوْا في أثناء مرضهم قلة الحيلة وضيق ذات اليد، وتردّدوا كثيراً في مدّ يدهم إلى أيّ مخلوق حتّى لا تنخدش صورتهم في أعين الناس، أو ربّما مدّوا أيديهم وباؤوا بفشل ذريع، وربّما آثر بعضهم أن يرحل عن هذه الدنيا نتيجة مرضه على أن يريق ماء وجهه لأحدٍ من الناس. وأعرف كذلك الكثيرين من هؤلاء الأدباء والفنانين الذين لم تجد عائلاتهم بعد وفاتهم من يعيلها أو يساعدها بأيّ صورة.
وآخر هذه الحالات أديب أردنيّ معروف له احترامه وشهرته في الأوساط الأدبيّة وله عشرات الأعمال الأدبيّة من شعر ودراسات نقدية وسواها، وله سيرة حافلة في إدارة العمل الثقافي، ابتلاه الله سبحانه وتعالى بمرضٍ أدخله في غيبوبة منذ عدة أسابيع، ولم تتمكن أسرته من دفع مستحقات المستشفى الخاصّ الذي أدخل فيه للعلاج، فقرر أهله نقله إلى مستشفى حكوميّ، لكنّ المستشفى الخاصّ الذي كان فيه طالب أسرته بخمسة آلاف دينار تكاليف إقامته فيه، إلاّ أنّ ذلك الأديب لا يملك لا هو ولا أسرته هذا المبلغ، فهل يليق بمثل مجتمعنا أن يدع أبناء هذا الأديب يمدّون أيديهم إلى الناس باسمه؟!
إنّ من غير اللائق ولا المقبول بمثل بلدنا الذي تقدم في رؤيته الثقافية على كثير من البلدان المحيطة بنا، أن يحدث فيه مثل ذلك.
إنّ الاقتراح الذي لا مناص من تنفيذه، هو إنشاء صندوق الشيخوخة والمرض للأدباء والفنانين، تسهم في إيراداته كلّ من وزارة المالية ونقابة الفنانين والروابط والهيئات الثقافية وتبرّعات المحسنين وأهل الخير. وأقترح في هذا المجال أن تشترط وزارة الثقافة قبل منح أي ترخيص لأي هيئة ثقافية أن تخصص تلك الهيئة نسبة من اشتراكات الأعضاء السنوية لدعم ذلك الصندوق، مما يحفظ كرامة المثقف والفنان ويحافظ على سلامته وأمنه في شيخوخته ومرضه.