TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
عين قادحة
31/10/2014 - 3:00pm

طلبة نيوز- ماهر ابو طير

هناك عين تقدح قدحا في البلد، فكلما رأت قطاعا اقتصاديا، بات سمينا، تم الهجوم عليه، والبدء بإذابة لحمه وشحمه، باعتباره بات سمينا، فلا يتم ترك قطاع واحد لينمو ويستمر.
علينا ان نتأمل عشرات القطاعات، من المدارس الى المطاعم والسيارات والشقق المفروشة، مرورا بمن يربون الاغنام، وصولا الى المزارعين، مرورا بمن يحملون الاسهم، وغيرها من قطاعات.
فجأة ومن غامض علم الله، تسمع عن قرار جديد على المدارس الخاصة، يصب في سياق المضايقات، وزيادة الرسوم او الضرائب عليها، مثلا، فقد سمنت وآن اوان تشليحها ملابسها، وفجأة تسمع عن حملة على المطاعم، ولان المطعم الفلاني لديه مادة منتهية الصلاحية، يتم توظيف القصة للهجوم على كل قطاع المطاعم، واجبار اصحابها على دفع غرامات مالية مرعبة، بذريعة المخالفات، والغاية الجباية، وليس تقويم الخطأ.
فجأة يتم رفع سعر الاعلاف مثلا، فينهار قطاع مربي الدواجن او الاغنام وهو قطاع يعيش منه عشرات الالاف، وفجأة يتم وضع عراقيل في وجه قطاع آخر صناعي او تجاري او اي قطاع، فلا يمكن ان يتم ترك قطاع ليستمر ولينمو.
العين القادحة شرار، لا تترك قطاعا ليستمر، كل قطاع ينمو ويزدهر، تأتيه صاعقة او مصيبة او ضريبة، ولدينا الف نموذج، من قطاع الاتصالات الى بقية القطاعات، وهذه السياسات تترصد اي قطاع يزدهر بعيدا عن الاعين، او بهدوء، فتخرج القرارات فجأة بتغريمه او فرض ضرائب عليه او ملاحقته وفتح ملفاته، وهز كل سمعته لخطأ ارتكبه شخص واحد، او مؤسسة واحدة، وهذه العين الحمراء، مثل الوباء تتنقل من قطاع الى آخر.
الخلاصة ان كل القطاعات، اما باتت معرضة لضربات لاحقة، او انها تخسر تحت وطأة القرارات التحصيلية، او تتعب تحت وطأة المضايقات والملاحقات.
هذه سياسات يجب ان تتوقف، دون ان تتوقف الرقابة مثلا على القطاعات المهمة، لكن الفرق كبير، بين الجباية المالية والترصد لاي سبب تافه، وبين الرقابة والمتابعة.
الدول التي تجد قطاعات مزدهرة لديها، تسعى لدعمها او تركها على الاقل، لانها تشغل الناس، لكن الحكومات لم تعد قادرة على تشغيل الناس، وفي ذات الوقت،

نتوارث سياسات اقتصادية ثأرية تضر القطاع الخاص، بدلا من تركه بديلا مزدهرا عن القطاع العام، وتضايقه، فيصير متعثرا طاردا للموظفين، وغير قادر على النمو، وهذه اخطاء كارثية، في ظل توقيت صعب حافل بالمخاطر الاقليمية وتدفقات اللجوء الى الاردن، وكأنه يراد خنق الجميع بهكذا سياسات، فوق البطالة وضيق الحال.
هذا كلام لا يوجه لجهة محددة، وهو موجهة لذات السياسة العامة التي قد تطبقها وزارة او مؤسسة او بلدية او اي جهة اخرى، وهؤلاء جميعا لا يتلفتون الى الفكرة الاخطر وسط مطارقهم التي يضربون بها كل القطاعات الكبيرة والمشاريع الصغيرة، اي تدمير البنى الاقتصادية، وكأنه مطلوب ان لا يسمن قطاع، ولا يسمن فرد، وان سمنا، فهذا مؤقت حتى يأتي اوان اذابة اللحم والشحم معا.
ذات العين القادحة، قد تصحو غدا، فتكتشف ان لدينا الاف محلات الموبايلات كمشاريع صغيرة، فيتم اختراع ضريبة، وقد تصحو على باصات النقل المشترك، ويتم اختراع ضريبة، وقد تصحو على مزارعي التمر في وادي عربة فيتم اختراع ضريبة، والعين تتقلب بحثا عن كل سمين، قطاعا ام فردا، لتغزوه وتذيبه.
الناس يشعرون بالترصد، وان هناك من لا يريد لاي قطاع ان يقف على قدميه، فاذا وقف تركوه قليلا، ثم عادوا اليه فجأة ، والنتيجة تراجع اقتصادي وضيق شعبي، وتحول البيئة الى منفردة تأكل بعضها البعض.
كلما رأيتم قطاعا ازدهر، وكلما رأيتم محلا تجاريا ازدهر، فانتظروا قدوم اللعنة عليه، تحت مبررات كثيرة، لاننا بتنا نأكل بعضنا البعض، تحت رعاية العين القادحة!.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)