TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
كتاب التربية الوطنية للصف السادس: المؤلفون يتجاهلون محاور المنهاج!
04/10/2015 - 3:30am

طلبة نيوز- الغد

د. ذوقان عبيدات

لم يتوقف التراجع في مضمون مناهج وزارة التربية والتعليم، او الثبات في أحسن الاحوال، على كتب اللغة العربية، بل امتد الى كتب التربية الوطنية والمدنية الجديدة. وكتاب الصف السادس أنموذج لذلك، فقد نشروا في كتاب الصف الخامس أن الأردنيين يدينون بالإسلام، دون مراعاة لآخرين لهم دينهم، او حتى للآية الكريمة "لكم دينكم ولي دين".
وفيما يأتي بعض الملاحظات على الكتاب الجديد:
1 - بدأ الكتاب بخريطة الأردن التي تظهر تقسيماتها الإدارية دون وجود أية روابط مع مادة الكتاب، فلا وظيفة لها، ولم تمهد لأية موضوعات ذات صلة.
2 - وفي مقدمة الكتاب -غير الموقعة- تم ذكر أن الكتاب أعد على ضوء فلسفة التربية في الأردن، المنبثقة من الدستور الأردني، والحضارة العربية الاسلامية، ومبادئ الثورة العربية الكبرى والتجربة الوطنية الأردنية. ولكن وحدات الكتاب بجزأيه لم ترتبط بوضوح بهذه الفلسفة ومشتقاتها. ويمكن ملاحظة أن وحدات الكتاب الجديد، خلافا للكتاب القديم، خلت من موضوعات مهمة جدا جدا، عن حقوق الانسان والديمقراطية وحقوق المرأة والطفل، وكأن التجربة الوطنية الأردنية، قد خلت من نضالات وإنجازات عديدة، في هذا المجال.
فهل حذف موضوعات الديمقراطية والحقوق سياسة رسمية ام مجرد تجاهل مؤلفين؟ وهل يحق للمؤلفين حذف موضوعات وردت في المنهاج؟ اذن ما مصادر الكتاب؟ هل هي ثقافة المؤلفين وآراؤهم السياسية والوطنية؟ يبدو ان المؤلفين قد استبدلوا بمشكلات المرور الديمقراطية وحقوق الانسان.
3 - احتلت مشكلات المرور وحدة كاملة، اي شهرا ونصف الشهر تقريبا من الفصل الدراسي، يبقى الطالب محاصرا بمعلم يحذره من مشكلات المرور، ويعلمه كيف يميز بين الدهس والصدم!! ( ص46 )
مَن من الطلبة لا يعرف مدلول اشارات المرور، الحمراء والصفراء والخضراء؟ (ص59 )
ويعرف الكتاب (ص46) حوادث المرور بأنها الاضرار البشرية والمادية، التي تتسبب بها مركبة واحدة متحركة. فهل الاضرار هي الحوادث ام نتيجة للحوادث؟ فاذا كان الكتاب لا يميز بين الاسباب والنتائج، فكيف يدّعي انه يعلم مهارات التفكير؟
ثم يذكر الكتاب ( ص47) ان الحوادث تزايدت بين عامي 2010-2013، دون وعي بأن عام 2015، قد قارب على الانتهاء! الأغلب ان المؤلفين لم يتكلفوا عناء البحث واكتفوا بالتاريخ القديم.
4 - قدم الدرس الاول عن الاسرة بالآية الكريمة: "ومن آياته أن..... "، وأفرد صفحة عن احاديث نبوية شريفة وعبارات تشيد بدور الاسلام وحرصه على الاسرة واحترام الوالدين. والآية الكريمة: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا"، وهي آية ستتكرر مع الطلاب عشر مرات، على الأقل في دروس الدين واللغة العربية، ثم أليس هناك في الأردن أسرة غير مسلمة؟؟ هذا الكتاب في التربية الوطنية، يهدف لبناء الروح الوطنية والمواطنة.. وفي مجال القيم المجتمعية (ص18)، قدم الكتاب تعريفا غير علمي للقيم، بأنها الصفات والسلوكات الحميدة المحببة. وهذا تعريف خاطئ تماما، فالقيم ليست سلوكات، وليست كلها حميدة، فهناك قيم سلبية، وأخرى ايجابية، فأين نضع الثأر والتفاخر والقتل دفاعا عن الشرف!
يبدو أن المؤلفين اكتفوا، وأنجزوا المهمة حين:
- وضعوا حديثا نبويا عن الكرم "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم ضيفه"؟ فهل الكرم واجب ديني؟ وهل من لا يمتلك الكرم لا يؤمن باليوم الآخر؟ انه استشهاد بحديث شريف ليس في مكانه.
- وفي تعريف التسامح بأنه مقابلة الاساءة بالعفو، هل هذا هو التسامح؟ أم أنه تقبل الاختلاف والتعايش والثقة بالآخرين؟
ومرة اخرى اكتفى المؤلفون بالآية الكريمة "والكاظمين الغيظ، والله يحب المحسنين"، أليس هذا توظيفا في غير مكانه ايضا.
- وفي مجال التعاون: "قيمة حضّ عليها الاسلام"، وكأن ابرز صفة للتعاون هي هذه. المطلوب ان يعرف الطالب اهمية التعاون والعمل في فريق، والمشاركة والاعتماد المتبادل، وللمرة الثالثة اكتفى المؤلفون بالآية الكريمة: "وتعاونوا على البر والتقوى" (ص18). وهذا توظيف جديد ليس في مكانه، وكأننا في درس للتربية الاسلامية.
وليس دفاعا عن اصحاب الديانات الاخرى، وهم أردنيون اصلا، أليس لديهم قيم؟ ألا يتسامحون ويكرمون، وهل كان حاتم الطائي مسلما؟ ألا يتعاونون؟ ألم يكن العرب قبل الاسلام كرماء؟
وللمرة العاشرة، ليس اعتراضا على الآيات الكريمة، فلا احد في الأردن ضدها، ولكن توظيفها كان هدفا من موقع التسلل كما يقول الرياضيون!!
دعوا غير المسلمين، والمسلمين المعتدلين، الذين تضطهدونهم، يشعرون بالمواطنة، وأن الكتاب يحترمهم، وانهم كرماء ومتعاونون ومتسامحون!!  وأقسم أنني لا أحرض أحدا- فكل فئة بشؤونها عارفة!
5 - وفي درس التكافل الاجتماعي، يبدأ الدرس بالحديث الشريف "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد..." (ص21) والحديث النبوي الشريف: "تآخوا بالله أخوين أخوين". فالتكافل كما عرفه الكتاب: "ادخال السرور الى نفس كل فرد" (ص23)، فادخلوا السرور الى قلب كل طالب، وآتوهم بأمثلة ونصوص انسانية، يشتركون فيها جميعا:  فالدين المسيحي، مثلا، هو دين التسامح والتكافل، الا يستحق الامر نصا منه؟ فالتكافل صفة وعادة وقيمة انسانية، علينا أن نعطيها معناها الانساني:
والتكافل بالصدقات والزكاة (ص23) نعم! هذا صحيح، لكن أليس هناك وسائل أخرى، يشترك فيها المسلمون وغيرهم. ما الذي يدفع لاعب كرة قدم، كرونالدو (غير مسلم) لأن يتبرع لاطفال فلسطين، او لطفل مريض؟! لو قدمتم هذا المثال، لكان فيه إلهام لكل الأطفال!!
6 - وفي مجال تعليم التفكير، الذي غاب تماماً وبنسبة 100 ٪ لصالح الحفظ والتذكر. نرى ما يلي: ففي ص 27:
1 - أعدد وظائف الاسرة. 2- أعدد العوامل المؤثرة على الاسرة. 3- أعدد نتائج التفكيك الاسري. 4- أعدد بعض المظاهر السلبية. 5- أعدد خصائص المجتمع الأردني. 6- أعدد اهم القيم. 7- أعدد اهم مجالات التكامل.
وإذا كانت اجاباتك على احدها لا، فاستعن بمعلمك لتصبح اجابتك نعم! ما هذا يا وزارة التربية؟ يا مؤلفين؟ ولكي لا يقولوا انتقائية فقد ذكروا ايضا: "أحلل عوامل التوافق (والمقصود هنا أعدد). "أميز بين العادات والقيم (والمقصود أعرّف كلاً منها).
7 - وفي درس الحوار، وكالدروس الاخرى، قدم المولفون الدرس بالآية الكريمة: "ادع إلى سبيل ربك..."، وبـ"وجادلهم بالتي هي أحسن". وهذا اسلوب اعتدنا عليه، ولكن هل الحوار يهدف الى الدعوة الى الله؟ أليس للحوار أهدافاً اخرى كالتواصل والتفاهم والتشارك وغيرها. أليس هذا توظيفاً في غير مكانه؟
 ثم يقول وجادلهم بالتي هي احسن، وفي (ص 32 ) يقول ان "هدف الحوار احترام آراء الآخرين وترك الجدل!" ماذا لو سأل طالب: ما هذا التعارض؟ هل ستضطر الى الدخول في جدل فقهي، لتوضح المقصود بالجدل في الآية الكريمة؟!
8 - وعودة الى التسامح (ص 34)، عرف الكتاب التسامح بأنه "العفو عند المقدرة، والارتقاء بالنفس البشرية الى مرتبة أخلاقية عالية"، وهذا مقبول نسبياً، لكن انتقل بسرعة الى التسامح في الاسلام، مستشهدا بالآية الكريمة: "فمن عفا وأصلح فأجره على الله. إن الله لا يجب الظالمين"، وهذا توظيف خاطئ للآية الكريمة اعتدنا عليه، وكأن المؤلفين يعملون في الليل، ويريدون انجاز مهمتهم قبل الصباح. ثم يذكرون الفتح الاسلامي، وان الاسلام قد جاء لهم بالعدل في وقت الظلم فانتشر الاسلام. بالتأكيد نسي المؤلفون أن هذه تربية وطنية، وليست دعوة دينية!!
ماذا لو قال طالب ما: ما الفرق بين الفتح والاحتلال؟
ألم تدع الولايات المتحدة أنها نشرت الديمقراطية في العراق وقت الظلم؟ وألم تدع اسرائيل انها حررت فلسطين، وعلى رأي حسني عايش: "الم نحتل الاندلس؟ ونحكم أهلها؟".
المطلوب هو التحرر من الأطر التي نحشر انفسنا فيها، وننطلق الى كتب موضوعية، وحديث موضوعي، وانسنة الحوارات والتعلم.
9 - تحدثنا عن الحوار، والتسامح، وحل الخلافات، وخلطنا بين الخلاف والاختلاف (ص 38)، وتحدثنا عن طرق حل الخلافات (ص 39)، ولم نشر اطلاقاً الى: - الحوار مع الآخر. - من هو الآخر. - كيف يفكر الآخر. - موقفنا من الآخر.
كل ما تحدث به كتاب التربية الوطنية الجديد، هو عن الذات. والذات هي نحن المسلمون، وكأن لسان حالهم يقول: "انا عربي أعداؤه، غربي غربي غربي"!
ويا ليتهم قالوا ذلك، فليس هناك اشارة الى رابطة العروبة، ليتعرف الجميع اننا عرب وأردنيون، وهذا ما يجمع الجميع.
لا نسأل لماذا اختفت حقوق الانسان من الكتاب، مع انها ما زالت في المنهج، ولا اختفاء الديمقراطية، وهي ما زالت في المنهج. فالمؤلفون طلقاء أحرار، لا يسألون ولا يحاسبون.
فمجلس التربية ينأى بنفسه عما نكتب، وينأى بنفسه عما يكتب المؤلفون.
وأي قيم إنسانية مشتركة، ومع من؟ وقد احتكر المؤلفون جميع القيم لديننا الحنيف، دون اشارة للإسهامات من الأديان السماوية والأرضية الأخرى؟
وفي الختام، اذكر بما كتبه الكاتب حسني عايش منذ فترة قريبة، متسائلاً "من الذي علّق لافتات على أعمدة الطريق؟ ولماذا ركزت اللافتات على العبادات، وصفات وأسماء الله الحسنى، مبرزة: المنتقم، الجبار.. الخ، ولماذا خلت اللافتات من ذكر عبارات واحاديث اسلامية راقية، مثل من غشنا فليس منا!! وإنما المؤمنون إخوة!!".
لا يتصور احد عاقل، ان التربية الوطنية تهدف إلى غير المواطنة والوحدة الوطنية، وكتابنا العتيد، نتمنى لو فعل ذلك. لقد أنكر بعضهم علينا استخدام مفهوم الداعشية، اليس كل ما سبق داعشية؟!

التعليقات

علي العزمي (.) الثلاثاء, 10/06/2015 - 06:58

إما لعيب أو خريب !

فاطمة (.) الثلاثاء, 10/06/2015 - 07:02

سعادة الدكتور مسكون بالاسلاموفوبيا . تؤرقه الآيات ، وتقض مضجعه الأحاديث . هداه الله

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)