طلبة نيوز

الأستاذ الدكتور نضال يونس

كيف يتم اختيار أعضاء مجالس الامناء للجامعات الرسمية؟

أثار ت التشكيلة الجديدة لمجالس امناء الجامعات الرسمية صدمة كبيرة للزملاء اعضاء هيئات التدريس فى الجامعات الاردنية، والعديد من المهتمين بالشأن الاكاديمي، فمنذ أن رشحت اسماء اعضاء مجلس التعليم العالي قبل بضعة اسابيع والجميع يتحدث عن الالية التى يعمل من خلالها وزير التعليم العالي لتزكية الاشخاص الذين ينتظر منهم "تطوير" مسيرة التعليم العالي والخروج به من عنق الزجاجة، ولكن لا بد من الاعتراف انه وعلى الرغم من وجود بعض الشخصيات الاكاديمية المعروفة "بالخبرة والحكمة"، فان تشكيلة مجالس الامناء الاخيرة غير مرضية وغير منسجمة، ولا تعبر عن كفاءات سترفد الجامعات بخبرات تساعد على معالجة التحديات التى تعاني منها أغلب الجامعات الأردنية!!

الغريب أننا فى الجامعات الاردنية ما نزال نتلقى الأخبار الموجزة عن الاسلوب الذى يتبعه وزير التعليم العالي فى تزكية اعضاء المجالس الاكاديمية المختلفة رغم أننا في عمق القضية وتداعياتها، ومن الغباء تصديق ما يقال عن "النزاهة والحياد والشفافية"، بينما الأسرار يحتكرها الوزير، وتنسيب هذا الشخص اوذاك يرتبط "بمزاج" الوزير وأجندته الخاصة وهي مشاهد وقراءات لمرحلة دقيقة وحساسة فى مسيرة التعليم العالي تغيب عنها المكاشفة الصريحة عن الاسس والمعايير التى تعتمدها وزارة التعليم العالي فى اختيار الاشخاص، مما يدفعنا لنفتح الباب على نقد تلك الاسماء وتداعياتها وآثارها.

والاسئلة المطروحة، لماذا تم إقصاء الكثير من رؤساء الجامعات، ووزراء تعليم عالي سابقين عن رئاسة مجالس الامناء ؟ ولماذا جئ ببعض الأشخاص الذين لا تربطهم بالاكاديميا اية صلات الى عضوية ورئاسة مجالس الأمناء؟ ولماذا جاءت تشكيلة الامناء استفزازية للاساتذة المعروفين بخبراتهم الاكاديمية و البحثية، أو الذين تم الاستغناء عن خدماتهم لبلوغهم سن السبعين، ولماذا لم تتم قراءة تشكيلة مجالس الأمناء بشكل نهائي قبيل إعلانها؟ 

حسن اختيار اعضاء تلك المجالس المهمة يبقى "المحور" الاساس فى اصلاح التعليم العالي، فنحن نريد قيادات اكاديمية قادرة على احداث التغيير المنشود، مجالس تتمتع " باستقلالية" قادرة على اتخاذ القرارات التى تصب فى مصلحة الجامعات، مجالس "فاعلة وقريبة" من الوسط الاكاديمي، مجالس على "اطلاع" بالتحديات التى تواجه الجامعات و لديها حلول عملية لمعالجتها، لا نريد مجالس "شكلية" لا يتعدى دورها سوى المصادقة على قررات و تنسيبات الرؤساء الذين يتقنون فن أدارة اللعبة بما يخدم مصالحهم و توجهاتهم، نريد مجالس "حقيقية" تمسك بالخيوط الأساسية التى تتحكم فى توجية دفة التعليم العالي، قادرة على حمل أمانة اختيار "الكفاءات" لآعادة سيرة توزيع الأدوار والقوى فى الاوساط الاكاديمية .
ملف اصلاح التعليم العالي فى صلب عملية الاصلاح والتحول الديمقراطيى التى ينادى بها الملك عبد الله الثاني، وعملية تعيين رؤساء الجامعات وأعضاء مجالس امناء الجامعات، واعضاء مجلس التعليم العالي، قبل أن تكون مناصب "فخرية" أو "مغانم" يتسابق البعض على اقتناصها، هي "استراتيجيات" و"خطط " تنفيذية يدخل في صلبها استقرار العمل الاكاديمى، وتطوير جهود البحث العلمي،وتطوير الجامعات لمواجهة عصر التكنولوجيا وتدفق المعلومات، ولكنها بهذا الاخراج المتواضع لا تعدو كونها مساومات وتنازلات وصفقات!!!

فى عالم عربي يسوده "القهر والاستباحة والتعثر" كما تقول ريما خلف فى مقدمة تقرير عن التكامل العربي، فان مسيرة التعليم العالي فى الاردن، معادلة ناقصة في حال لم تكتب بعرق اصحاب الخبرة البحثية والكفاءة الاكاديمية والرؤى المستقبلية، والجامعات الاردنية عاشت مراحل تحتاج إلى إعادة كتابة سيرتها العلمية لجعل الأجيال تدرك كيف كانت الطموحات والانجازات، وكيف سقط ذلك القناع وكشف عن حقائق اليوم ومآسيه!