TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
لماذا فشلت الأمم المتحدة في حل الأزمات العالمية ؟
31/07/2014 - 3:00am

طلبة نيوز-

بي بي سي نيوز، نيويورك

لماذا لم تبذل الأمم المتحدة مزيدا من الجهد لإنهاء العنف في غزة؟ أو لوضع حد للصراعات في سوريا والعراق وجمهورية أفريقيا الوسطى وجنوب السودان وليبيا وأفغانستان وأوكرانيا؟

هذه هي الأسئلة التي يجد مسؤولو الأمم المتحدة أنفسهم مضطرين للإجابة عليها، ليس بوتيرة متصاعدة فحسب، ولكن بعاطفة وإحباط متناميين. ولذا يصعب أن نتذكر وقتا يواجه فيه العالم مثل هذا العدد الهائل من الأزمات التي تبدو مستعصية على الحل، في الوقت الذي تقف فيه الهيئة التي يتمثل دورها في التوسط لحل تلك المشكلات عاجزة تماما عن القيام بدورها.

وجاء المقال الرئيسي لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية ليوجه أصابع الاتهام للأمم المتحدة ودبلوماسييها، إذ تساءل: "لماذا لا تستطيع الأمم المتحدة حل المشاكل في العالم؟"

ليس هناك بالتأكيد تقصير في الجهود الدبلوماسية. وكان فبراير/شباط الماضي أكثر الشهور ازدحاما في جدول أعمال مجلس الأمن الدولي منذ إنشائه عام 1946، ويعود السبب الرئيسي في ذلك إلى انعقاد سلسلة من الاجتماعات بشأن شبه جزيرة القرم.

وخلال الأحد الماضي والذي سبقه، عقد أعضاء المجلس اجتماعا منتصف الليل. وأثناء المشاورات حول الشرق الأوسط الأسبوع الماضي، تحدث سفراء أكثر من 40 دولة في الغرفة، بالإضافة إلى أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشرة، في اجتماع استغرق يوما كاملا. ومن المتوقع أن يكون أغسطس/آب، الذي عادة ما يكون هادئا، شهرا محموما على نحو غير عادي.

ولكن إلى بأي هدف؟ لقد ذهبت مطالب وقف إطلاق النار بشكل فوري وغير مشروط، وهو ما دعا إليه مجلس الأمن بالإجماع في ساعة مبكرة من صباح الاثنين، دون أن تلتقت إليها حماس أو إسرائيل.

وعلاوة على ذلك، لم تثمر الرحلات المكوكية ودبلوماسية المكالمات الهاتفية السريعة للأمين العام للأمم المتحدة بان غي مون عن نتائج ملموسة حتى الآن. وأصبح الكوري الجنوبي، الذي يشغل منصبه للعام السابع، رئيسا غير فعال لمنظمة غير فعالة.

وباتت تصريحاته شبه اليومية بشأن غزة مثل الضوضاء الغامضة التي لا يستمع إليها الناس بأي اهتمام.

جمود وعجز

وبالرغم من كل ذلك، فإن السبب الرئيسي في أن الأمم المتحدة تبدو عقيمة هو أن الدول الأعضاء غير متعاونة على الإطلاق مع بعضها البعض، فالأمم المتحدة عبارة عن كتلة من الأجزاء وعندما تعمل هذه الأجزاء ضد بعضها البعض فإن النتيجة الحتمية ستكون الجمود والعجز.

يبدو مقر الأمم المتحدة المكون من 39 طابقا على مشارف نهر الشرق في نيويورك وكأنه برج بابل الحديث، لكن مرة أخرى، إنه خطأ الدول وليس الأمم المتحدة. وربما أفضل وصف لهذه الحالة ربما يكون ما قاله ريتشارد هولبروك السفير الأمريكي السابق لدى الأمم المتحدة الذي اعتبر أن "توجيه اللوم للأمم المتحدة حينما يحدث شيء خطأ هو أشبه بإلقاء اللوم على فريق ماديسون سكوير غاردن (للهوكي) حينما يقدم (نيويورك) نيكس أداء سيئا".

ليس الأمر في الحقيقة أن الأمم المتحدة لا تفعل شيئا، في الصراع الحالي الذي يدور في غزة، تأوي الأمم المتحدة أكثر من 180 ألف شخص في مدارسها، وقتل خمسة من موظفي الأمم المتحدة على الأقل خلال عملهم في غزة.

من المهم التفريق بين وكالات الأمم المتحدة مثل مكتب تنسيق الشؤون الانسانية في الامم المتحدة ، الذي يقدم مساعدات ويخفف من المعاناة، وبين منظمات الأمم المتحدة مثل مجلس الأمن الذي يعرقل باستمرار هذه الجهود جراء الانقسامات الدبلوماسية.

يرغب مكتب تنسيق الشؤون الانسانية منذ شهور في تسليم مساعدات عبر حدود سوريا دون إذن من نظام الرئيس السوري بشار الأسد، على أمل زيادة المساعدات المقدمة لنحو مليوني شخص. لكن الأمر استغرق شهورا من المفاوضات المضنية للتوصل إلى قرار من الأمم المتحدة بسبب المخاوف الروسية بشأن انتهاك السيادة السورية.

وفي أغلب الأحيان فإن وسائل الإعلام العالمية التي تعمل خارج مجلس الأمن تقضي وقتا أطول في تغطية التقاعس منه في تغطية النشاطات.

عرقلة الفيتو

تفاقم جوانب القصور المؤسسي في الأمم المتحدة بلا جدال من عجزها، وقد كان منح حق النقض "الفيتو" للدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وهي الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين، بمثابة وصفة للجمود بشكل واضح.

لكن للأسف، كان هذا هو الثمن الذي كان من الضروري دفعه لضمان مشاركة القوى الكبرى بعد فترة الحرب العالمية الثانية، ولمنح الأمم المتحدة فرصة للنجاح فيما فشلت فيه عصبة الأمم.

استخدمت الولايات المتحدة الفيتو 14 مرة منذ انتهاء الحرب الباردة، بينما لجأت إليه روسيا 11 مرة. واستخدمت كلتا الدولتين الفيتو لحماية حلفائهما، إسرائيل بالنسبة للولايات المتحدة، وسوريا مؤخرا بالنسبة للروس.

والعديد من مشاريع القرار لا تصل حتى إلى مرحلة التصويت، بسبب التهديد باستخدام الفيتو.

عودة الجفوة

خلال الأشهر الأخيرة عادت أجواء الحرب الباردة إلى قاعة مجلس الأمن الدولي، خاصة منذ ضم روسيا لشبه جزيرة القرم.

وأصبحت قاعة المجلس مليئة بالانتقادات اللاذعة، والمقتطفات الصوتية الجاهزة مسبقا، وأصبحت في الغالب مكانا لعرض المظالم وتبادل الاتهامات، أكثر منها للانخراط في دبلوماسية بناءة.

وتسبب إسقاط الطائرة الماليزية التي تقل الرحلة رقم MH17 في تعكير الأجواء. ومع إشارة العديد من أصابع الاتهام إلى روسيا، أصبحت القاعة أشبه بقاعة المحكمة.

لكن برغم ذلك، لم يصل الأمر إلى القول بأن المجلس أصبح غير فعال بالمرة.

فقد لعب المجلس دورا حاسما في المساعدة على التخلص من الأسلحة الكيميائية السورية، بعد صدور قرار في سبتمبر/ أيلول الماضي يطالب بتفكيكها.

كما وافق المجلس أيضا على إرسال قوات حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة إلى جمهورية أفريقيا الوسطى، حتى وإن كانت تلك القوات لم تصل بالفعل إلى هناك حتى الآن.

بالإضافة إلى ذلك، فإن هناك قوى أخرى في اللعبة تفسر إلى حد ما هذه الفترة من الاضطراب العالمي.

الولايات المتحدة، المتأثرة بحروب طويلة خاضتها في أفغانستان والعراق، أصبحت مترددة في لعب دور الشرطي العالمي وكذلك في استعراض قوتها العسكرية.

لكن ذلك أدى إلى ضعف النفوذ الدبلوماسي لإدارة أوباما، سواء في تل أبيب، القاهرة، كابول أو بغداد.

وفي استغلال لهذه اللحظة من الضعف الأمريكي، سعى فلاديمير بوتين إلى تعزيز نفوذ روسيا، حتى وإن أدى ذلك إلى انتهاكه للقوانين والأعراف الدولية، كما كان الحال في ضم شبه جزيرة القرم إلى بلاده.

ويبدو أن النظام العالمي الجديد الذي بشر به انتهاء الحرب الباردة، قد مهد الطريق لاضطراب عالمي جديد.

وهكذا، فإن الأمم المتحدة منظمة ثنائية القطبية تكون أحيانا فعالة وفي أحيان أخرى غير فعالة. لكن اللوم الأساسي يقع على عاتق الدول الأعضاء نفسها :الأمم التي هي أبعد عن أن تكون متحدة.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)