TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
ما الذي يحدث في معان؟
05/08/2014 - 6:30pm

طلبة نيوز- الدكتور محمد الفرجات

في اتصال هاتفي قبل يومين، سألني الأخ  علي العزام/ موقع طلبة نيوز الاخباري: "ما الذي يجري في معان؟"، ولمست لديه الرغبة بحديث مكتوب عن ذلك. فمعان المدينة والتي كنت فيها وعائلتي في ليلة الثامن والعشرين من رمضان، نتسوق ونشتري حاجيات الأطفال للعيد، كانت تخفي فرحة العيد، فهي لن تفرح بقدوم العيد وجرح غزة ينزف لأنها عربية أصيلة، كما ولن اخفيكم سرا بأنها تضمد جراحات أصابتها مؤخرا.
معان حاضنة التاريخ السياسي للمملكة، ومنطلق الثورة العربية الكبرى، وحاضنة هبة نيسان عام 1989م، والصامدة في قلب الصحراء، فما أن يبلغ فيهم الصبي السابعة من العمر، الا وترى فيه معالم الرجولة والأنفة، فتراه ورعا، شديدا، ويفتخر بكرم أهله وقبيلته وربعه، ويعتز بوطنيته، ويغازل السيف والسلاح ويتصور بجانبه كتقليد يفتخر به كل أبناء البادية الغالية في أردننا الحبيب، فاذن من نشأ على ذلك لن يقبل الضيم ممن كان وكيفما كان، فعلى الأقل فهو لم ينشأ في عبدون ومولات عمان ومدارس الفرير، وانما في مدينة تعانق الصحراء القاسية نهارا، وتفترش السماء في الليل الموحش بظلمته.
لن أتحدث عن وقفة أبناء معان مع الملك في 24 آذار 2011م، ولن أتحدث عن الأفواج التي خرجت للعاصمة عمان، ولن اتحدث عن الأمر، بل سأختصره بالقول "المخلصون للملك والوطن باتوا في مرمى الرصاص". لقد عشت هذا الموقف تماما وأعي كل حيثياته بتفاصيله الدقيقة، واليوم حكومة النسور لا تعي هذا الموضوع أبدا، بل وتقتل في الناس الولاء. 
لنتحدث عن اقتصاديات معان: فالمدينة كانت مركزا لمحافظة معان، والتي كانت اداريا تظم مدينة العقبة وقرى رم والديسة والقويرة ووادي عربة الجنوبي وغيرها لتستقل قبل عقدين في محافظة العقبة وتحرم معان فيما بعد من خيرات مشروع المنطقة الاقتصادية الخاصة، وكان الطريق الصحراوي يمر منها ويشكل مصدر رزق للناس فخرج الخط الى الغرب عنها، وأغلق مصنع زجاجها لأسباب كثيرة لا يمكن تغطيتها في هذا المقال، كما وأهملت مدينة الحجاج والتي كانت لتشكل مصدرا اقتصاديا كبيرا لها، وأسست فيها مدينة تنموية صناعية لم تؤتي أكلها لسوء ادارتها. كما وقد أخرجت منها كلية معان وجامعة الحسين بن طلال لتصبحان الى الغرب عن المدينة بحوالي ثمانية كيلومترات. كان واقع الحال يحتم كذلك استصدار قانون خاص للبترا الأثرية، والتي ألحقت اداريا وماليا باقليم البترا التنموي السياحي والذي أخذ استقلالية شبه تامة عن المحافظة من الناحية الانمائية، وتم انشاء اقليم الشوبك الزراعي كذلك، هذا وقد ألقت الخلافات الأخيرة بين معان المدينة والبادية الجنوبية بظلالها على الحركة الاقتصادية والتجارية في المدينة، الأمر الذي وضعها في عزلة اقتصادية. 
الا أن معان كباقي مدن المملكة فيها نمو سكاني، وفيها توجه واقبال كبير من شبابها على التعليم العالي، وتخرج سنويا مئات الشباب من حملة الشهادات العلمية في مختلف الدرجات والتخصصات، كما وأن هنالك من لا يكمل مشواره العلمي، ويشكلون معا مزيدا من الطلب على فرص العمل، وتنتهي الأمور بهم في مدينة تعاني اقتصاديا، ولا يوجد فيها فرصا للعمل في صفوف البطالة. أما الفقر الذي يجتاح المدينة فلن يتحدث عنه أحد هناك لسبب بسيط، وهو أننا نتحدث عن قوم كرماء، والكريم يجود كالطائي ولا يشكو فقرا.
الحكومات المتعاقبة أهملت معان، وكان في اهمال معان قصد العقوبة، أو التخوف من طرحها على الخطط التنموية، حيث أن رجال الدولة لدينا (الا من رحم ربي) متسلقين ووصوليين وقناصي فرص، نار على من تحتهم عبيدا لمن فوقهم. فمع غياب أو ندرة المرافق الخاصة بمليء وقت الشباب كالصالات الرياضية والمكتبات والمتنزهات العامة وغيرها أمام وقت فراغ قاتل، وبجانب بطالة مؤرقة وفقر يدق العظام الصلبة، وحكومة أهملت المدينة منذ عام 1989م لغاية في نفس يعقوب (نتحاشى ذكرها هنا)، وتعيينات موقوفة منذ نصف عقد، فلقد أفرز هذا عددا قليلا من الشباب ممن يبحثون عن الرزق بالتهريب أو التجارة بالمواد المهربة من كهربائيات وغيرها (حال كل المدن الحدودية). وهذا تماما ما حصل في البدايات في معان، ويسمى هؤلاء بالخارجين عن القانون، وخاصة بعدما تم تبادل اطلاق النار المفتعل أحيانا معهم.
من المعروف أن الحكومات أحيانا تغطي على ملف خطير بفتح ملف يمكن السيطرة عليه، وذلك لاشغال الرأي العام ووسائل الاعلام عنه، فلقد كانت معان المدينة ومجموع الشباب المسمى "بالخارجين عن القانون" أو "المطلوبين للعدالة" هذا الملف الأمني الصغير، والذي كان وما يزال كبش الفداء للتغطية على ملفات خطيرة.
وليد الكردي مثلا وبجريمته الاقتصادية الكبرى بحق الدولة الأردنية يعتبر ملفا خطيرا جدا، وقضية جلبه ليمضي فترة محكوميته، ودفع ما عليه من مبالغ للخزينة (حوالي نصف مليار دينار) تعتبر خارجة عن مقدرة الرئيس النسور، والذي يتمنى البقاء لأطول فترة رئيسا للوزراء (الأمر الذي لمسته بتملقه للنواب في لقاء البترا الأخير). 
معان لا ولم ولن تدعم داعش، ومعان لو كان هنالك من يقدر الموقف (ان لم يكن مفتعل ومفبرك)، فهي وبرجالها لسان حال الشهيد الملازم خضر شكري يعقوب درويش (ضابط ملاحظة المدفعية) ابن معان، والذي طلب المدفعية الأردنية تدمير موقعه في معركة الكرامة لكي لا يستولي العدو الذي حاصر موقعه على شيفرات التخاطب وأجهزة اللاسلكي التي بحوزته ومجموعته، وآثر الموت ليبقى الوطن.
اليوم وبعد تحقيقي هذا (والذي كتبته بمخافة الله تعالى وبكل جرأة وشفافية) فمعان التي أحالت الحكومة ملفها لمجلس النواب بحاجة الى فكر تنموي اقتصادي فقط لا غير، فماذا عن مطار وميناء بري في محافظة معان، يحيي مدينة الحجاج خاصة في ظل الظروف الاقليمية والتي غيرت مسارات الحجاج بريا عبر الأردن، ويحيي سياحة البترا التي تعاني، ويحيي الزراعة والتصدير الزراعي في الشوبك، ويحيي المدينة الصناعية التنموية في مدينة معان، بتصدير منتجاتها واستيراد مدخلاتها الصناعية الخام، ويحيي البرنامج الدولي عبر دول الخليج في جامعة الحسين بن طلال. المطار بعد دراسة الموقع يمكن أن يعلن للاستثمار الدولي بناءا وتشغيلا على نظام BOT. المطار سينعش المدينة والمحافظة والمحافظات المجاورة، وسيحرك فيها سلسلة الفائدة الاقتصادية، ويفتح فرص عمل مباشرة وغير مباشرة ناتجة عن التنمية التي ستليه بعشرات الآلاف خلال عدة سنوات فقط.
ماذا عن تطوير البنى التحتية والفوقية وجودة الخدمات والارتقاء بها في معان، وماذا عن احياء مصنع زجاج معان، وماذا عن اعطاء معان حصة بما لا يتجاوز خمسة مليون متر مكعب سنويا من خط الديسة، ماذا عن تقديم جزء من المنحة الخليجية لتنمية معان المدينة وقراها والبادية، ماذا عن جلسة مجلس وزراء في معان (دون استعراض دولة الرئيس المعهود) مع حزمة من القرارات التي تنعش المدينة وتعيد الثقة بين الحكومة والمواطن هناك، ماذا عن تغييرات شاملة في ادارات مؤسسات معان الحكومية والأمنية، ماذا عن تفهم ماذا يريد الناس، وليس ماذا يريد من وراء المكاتب لمعان، وأخيرا وليس آخرا فماذا عن كف القبضة الأمنية عن معان كلما كان هنالك ملفا خطيرا يتطلب اخفاءه عن الرأي العام.
وأختم بأن السحر قد ينقلب على الساحر ان بقيت معان قضية تتلاقفها الحكومات المتعاقبة، وفرصة لكل من أراد الظهور بزيارة وجهائها والتصور معهم والاذاعة عبر وسائل الاعلام بحثا عن الحلول، فاليوم لم يبقى أحد بجيبة أحد، لا بجيبة شيخ يتقاضى راتب رئاسة أو ديوان، ولا رجل دولة سابق يسكن عمان الغربية ويحرك ربعه على الريموت، فاليوم هنالك شباب يريد العمل والزواج ولقمة العيش... وهنالك تنمية مفقودة بحاجة لفكر ورجال يعملون بصدق. 

 

التعليقات

د أحمد الهويدي (.) الثلاثاء, 08/05/2014 - 20:44

يا رجل هلكتونا بمعان ... هو مافي بالهلبلد غير معان ...
روح شوف المفرق وشو صار فيها ...
وروح شوف الزرقا وبلاويها ...
واعطي عين للخالدية والضليل والمبروكه واعداد العاطلين فيها ...
ولا تنسى تنزل على الغور من جنوبه لشماليها ...
هاي مناطق فيها ناس ما بتبتز الوطن لو صارت الدنيا عاليها واطيها ...
احنا بنحب معان واهل معان والطفيله والكرك ومادبا وكل اهاليها ...
لكن انت دكتور وبال البيت الجامعه ولازم تكتب عدل وتجمع هم الوطن وتعرض المسألة من اولها لتاليها ...
يا عزام العلي ... ان كنت للحق حقاني ... اعرض كلامي وبلا تنقيص ولك حبه وبعد الحبه .... قهويها ....

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)