TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
ما يحدث في تركيا ليس فيضٌ من لا شيىء
30/06/2016 - 8:45am

طلبة نيوز-  خالد امين الربيدي

قبل ايام تابعنا اعتذار اردوغان المتأخر من روسيا و تصريحات رئيس وزراء تركيا الجديد بن علي يلدريم اهمها اعلانه عن اعادة التطبيع مع الكيان الصهيوني بعد خلاف استمر ست سنوات، تلك التصريحات لم تأتي من فراغ و انما على علم بحجم المأزق و التحدي الذي تقع فيه تركيا حالياً.
المتأمل بحال تركيا تلك التي تسلقت على سلم الدول الكبرى اقتصادياً في فترة قياسية بسواعد حزب جذوره اسلامية لا يسعه الا ان يعجب بحجم هذا الانجاز. فتركيا استطاعت ان تصبح من اعظم 17 دولة اقتصادياً بعد ان اهلكتها الحكومات المستبدة، معدلات الفقر الشديد انخفضت من 13% الى اقل من 4.5%، استطاع اردوغان النهضة بتركيا بمجالات الصحة و التعليم و اقام التجارات وانشئ المصانع و الجسور و اصبحت تركيا تصنف من الدول المتقدمة.
كما واصبحت تركيا حلقة وصل حقيقية بين الشرق و الغرب نتيجة موقعها الاستراتيجي بين اسيا واوروبا وصارت وجهة سياحية مفضلة للكثير. افتتح اردوغان العديد من المطارات الدولية و زاد عددها الى اكثر من 96 مطار دولي و هم الان بصدد انشاء اكبر مطار بالعالم في اسطنبول. هذه الانجازات الضخمة فتّحت اعين اصحاب الاطماع على تركيا. 
اردوغان لطالما كان حازما في موقفه داخلياً و خارجياً... سياساته الخارجية تجاه اسرائيل و سوريا و مصر جعلت له الكثير من المعجبين الاسلاميين الذين اعتقدوا لوهلة انه هو الرجل المنتظر لكن ايضا جعلت له الكثير من الاعداء و اصحاب المطامع بدأت نتائجها تنعكس سلبياً على سلامة و اقتصاد تركيا و المشروع الذي وضعه اردوغان في مخيلته لتركيا.
نقطة اخرى مهمة جديرة بالمناقشة هي مساعي تركيا الجاهدة للدخول في الاتحاد الاوروبي. دخول تركيا بالاتحاد الاوروبي قد يعود بفائدة كبيرة على الاتحاد. بلا شك ان بلد كتركيا ذو منحنى نمو اقتصادي متزايد من الاسرع عالمياً سيعود بفائدة على الاتحاد اكثر من بلاد متهالكة اقتصادياً كاليونان واسبانيا. انضمام تركيا يرفع من حظوظ الاتحاد الاوروبي لكي يبقى منافساً على صدارة اقوى اقتصادات العالم حيث اقتصاد اميركا يعتلي المنصة وفقاً لبعض المصادر. انضمام تركيا له فائدة اخرى من الناحية العسكرية والاستراتيجية فهي تمتلك ثاني اكبر جيش عسكري بين دول حلف الناتو وهذا يعزز من نفوذ الاتحاد الاوروبي في منطقة الشرق الاوسط و البحر الابيض المتوسط. على الجهة المقابلة الاسباب التي ما زالت تجعل اوروبا رافضة و معركسة لعملية الدخول بالاتحاد متعددة اهمها موضوع الهجرة و اللاجئين و الحدود مع دول كسوريا و العراق و ايران والنمو السكاني السريع لل78 مليون تركي مسلم الذي قد يجعل لهم 96 مقعد في البرلمان الاوروبي. الاسباب المتعددة على الجهتين تزيد من غلة الاسباب التي تجعل من القضاء على تركيا مطمع البعض.

اكثر من 20 عمل ارهابي خلال اقل من سنتين لا يمكن المرور عليه مرور الكرام ولا يمكن افتراض حسن الظن فيه فهذا عمل لا ينتج الا من استخبارات دول حاقدة و "داعش" دائماً جاهزة لاتهامها بأي عمل ارهابي يبعد الانظار عن المدبر الحقيقي. فهنا لا يهم جنسيات الانتحاريين بقدر ما هي جنسية سارق العقول.
نتائج هذا الارهاب بدأت تظهر لاردوغان، فقطاع السياحة الذي يشكل جزءًا اساسيا من اقتصاد تركيا يتوقع خسائر قد تفوق ال12 مليار دولار، الطيران التركي حقق خسائر في الجزء الاول من هذا العام بلغت اكثر من 400 مليون دولار هي الأسوأ منذ 1999 و بعد ان حققت ارباح قياسية في عام 2015، ناهيك عن الخسارات الاقتصادية نتيجة قطعها العلاقات مع روسيا. لا استطيع تصديق ان كل هذه الخسائر محض صدفة و ليست نتاج مؤامرة تحاك على بلد يُضيق البعض نجاحه.
في المحصلة يتضح لنا ان الخطوات التي قام بها اردوغان مؤخراً من اعادة علاقاته مع بعض الدول لها مبرر وليست شغفاً بالكيان الصهيوني او قاتل الاطفال بوتين انما سعياً للمحافظة على صمود بلاده في وجه التحديات الحالية. فالحل حالياً لا يمكن الا ان يأتي بتبني سياسة خارجية قائمة على الاحتواء و ليس الصدام الذي كان يتبعه اردوغان و كلفه كثيراً.
 

 

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)