TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
متلازمة ابشر بالفزعة " الرقابة والتشريع بين الديمقراطية والفزعة "
20/09/2016 - 11:45am

طلبة نيوز- بقلم الدكتور : حامد ابو صعيليك

ابشر ! وابشر بالفزعة ! شعاران من اكثر الشعارات التي ترافق صور المرشحين للمجالس النيابية المتعاقبة،والمجلس الثامن عشر بشكل خاص ، وكلما زاد الوعي السياسي وتجذرت التجربة الديمقراطية في مجتمعنا زاد الانتشار العريض ل " ابشر " و "ابشر بالفزعة ".
وغالبا ما يترافق هذان الشعاران مع الترشح المنبثق من قاعدة عشائرية او مناطقية او الترشح القائم على ارتباطات ومصالح خاصة .
وكثيرا ما يغيب هذا الهتاف عن مرشحي الكتل ذوات الارتباط الحزبي وان كنا نلحظة لبعض مرشحي هذه الكتل بشكل منعزل عن كتلهم .
ان تأمل فكرتي "ابشر "و"ابشر بالفزعة " ،ليكشف مدى التصادم بين القناعة الديمقراطية وسيطرة الفكر الآني ، وبخاصة اذا كان الاقتراع مقرونا باعتبارات لا تحتكم لشرطي الكفاءة والنزاهة في من يتم انتخابه ممثلا للامة .
في حين يمكن اعتبار متلازمة "ابشر "من مكملات النهج الديمقراطي اذا كانت "الفزعة "على اساس من الكفاءة والنزاهة سالفي الذكر .
ابشر ! التي تزين بها قطاع عريض من مركبات الفزعة في يوم العرس الديمقراطي اليوم ! سلاح ذو حديين ،فالذين بشروا وفق قناعة راسخة في اقبالهم بالفزعة لاختيار الافضل كفاءة ونزاهة وامانة وجراة في قول الحق ، واحقاق العدل -حتى لو على رقبته- اولئك المبشرون جعلوا من الفزعة نهجا ديمقراطيا يستحقون عليه الاجلال والتقدير .
اما الذين بشروا وفزعوا لانتخاب مرشحين وهم يعتقدون ان الفزعة كانت لاجل الفزعة ، او انهم فزعوا لتحقيق مآرب خاصة ،او انهم فزعوا لقريب او صديق لا يعتقدون في قرارة انفسهم بكفاءته او نزاهته او انه ليس اهلا لان يكون ممثلا للامة، فهؤلاء قد جعلوا الفزعة سما في الدسم ،وارتضوا بالقشور الديمقراطية ،وضروا واضروا ،اذ إن فزعتهم ستفضي حتما الى اختيار مجلس تشريعي لا يتحلى "المفزوع لهم فيه" بشيء من شروط النزاهة والاهلية ،ومن ثم فستكون مخرجات هذا المجلس وتشريعاته وبالا على الوطن والمواطن معا.
لكن سؤلا قد يخطر بالبال ؛ هل تعرف الديمقراطيات العالمية في الشرق والغرب -اعني غير العربيين - متلازمة الفزعة ؟!
وهل كان منهج ابشر بالفزعة " وراء وصول حزب المحافظبن بزعامة "ديفيد كامرون "الى مجلس العموم البريطاني؟!
وهل كان اخفاق حزب العمال البريطاني في الانتخابات ومن ثم استقالة "اذميليناند "من رئاسة الحزب ؛لانه لم يبشر بفزعة البريطانيين؟!
وهل حظي البرلمانيون الفرنسيون في عهد شيراك بفزعة الفرنسيين حين ناقشوا ومن ثم اقروا "قانون منع الحجاب في المدارس ؟!
وهل الفزعة التي "ابشر بها " اسماعيل قهرمان رئيس البرلمان التركي هي التي دفعته للقول :"ان صغحة الانقلابات قد طويت بشكل كامل في تعقيبه على فشل الانقلاب الاخير.
وهل "تبشر "هيلاري كلينتون"في الايام القادمة بالفزعة ؛ في حين لن "يبشر بالفزعة " منافسها" ترامب"!كيف يمكن ان تكون "ابشربالفزعة " مكملا ديمقراطيلا ونحن نشهد "الفزعة لنواب"كانت اصواتهم صادمة للوطن في اقرار بعض التشريعات ،وكيف يمكن ان نقنع انفسنا بنائب"فزعنا له " ولم نسمع له حسا طوال فترة نيابته؟ وكيف بمكن ان نفسر حزمة التشريعات التي اثقلت كاهل الوطن والمواطن والتي اقرت باصابع قيل لها "ابشر "؟!

ان اجراء مقارنة ومقاربة بين منهج "الاقتراع بالفزعة " ومنهج الاقتراع الديمقراطي السليم يكشف لنا عن خلل في تجذر التجربة الديمقراطية او نجاعتها في عقول غالبية كبيرة من الناخبين ،ثم ان الفزعة التي تحيد الاكفأ والاحرص على قصايا وطنه وامته لتأتي باللاهث وراء مقعد نيابي ولوحة حمراء ، انما هي طعنة في صميم الامانة والنزاهة التي تحدث تغرة في جدران الوطن الامن .
وان ثمن الفزعة لاعتبارات غير نزيهة سيكون باهظا في وقت احوج ما نقول فيه "ابشر"و"ابشر بالفزعة يا وطن !"

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)