TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
مجلس التعليم العالي يطلق رصاصة الرحمة على التعليم التقني
19/02/2017 - 5:15am

مجلس التعليم العالي يطلق رصاصة الرحمة على التعليم التقني!!

د. مفضي المومني.

اكرر ما قلته من قبل عن التعليم التقني والاهتمام به والذي أصبح من أولى أولويات جلالة الملك وكل العارفين بأهميته، ولا ننسى تجارب الدول المتقدمة والتي عمادها الاهتمام بالتعليم التقني، ولم تأتي هذه الأهمية عبثا، بل لان التعليم التقني هو عماد قطاع الإنتاج والخدمات، إضافة للتعليم المهني والمتخصص الهندسي والتطبيقي الجامعي، ولأنه أي التعليم التقني يعد محركا لقطاع الصناعة ورافعة للاقتصاد الوطني وأيضا رافعة مؤثرة في الجانب الاجتماعي من خلال الحد من البطالة وما يترتب عليها من تضييع لجهود فئة الشباب، وتوجههم نحو التطرف وغير ذلك من المشاكل الاجتماعية التي تهدد بنية المجتمعات والأوطان.
أسوق هذه المقدمة لتأكيد ما قلته من قبل في مقالات عدة بموضوع التعليم التقني وتراجعه، إذ أن أهم سبب لتراجع التعليم التقني وتدني نسبة الإقبال عليه هو السياسات التراكمية العقيمة والتي عملت وبشكل مباشر على تعزيز التوجه نحو التعليم الجامعي الذي يغذي سوق البطالة، على حساب التعليم التقني.
أقول هذا بعد أن أتحفنا مجلس التعليم العالي في جلسته المنعقدة بتاريخ 18/2/2017 والتي حملت قرارا الموافقة على قبول الطلبة الأردنيين الحاصلين على معدلات (60-64.9%) في شهادة الثانوية العامة في جامعات الأطراف (جامعة مؤته، جامعة آل البيت، جامعة الحسين بن طلال، جامعة الطفيلة التقنية)على البرنامج الموازي فقط، وعلى الفصل الدراسي الثاني للعام الجامعي 2016/2017 في التخصصات الشاغرة في الجامعات ووفق الطاقة الاستيعابية بما لا يز العالي مقررات اللجنة الوطنية لتنمية الموارد البشرية وتوصياتها التي تصب في تعزيز ورفع نسب الالتحاق في التعليم التقني الى ما فوق20% خلال عشر سنوات؟ هل وهل وهل؟؟؟ وألف إشارة استفهام.
هذا القرار مهما تم تجميله والادعاء بمحدودية تأثيره، هو مخالفة صريحة لمقررات اللجنة الوطنية لتنمية الموارد البشرية، ومخالفة للتوجيهات الملكية لتطوير وتعزيز التعليم التقني.
كيف يحل مجلس التعليم العالي تدني مستويات القبول في جامعات الإطراف على حساب التعليم التقني، كيف يتم تخفيض معدلات القبول في جامعات الإطراف دون 65 إذا علمنا أن ثقافة مجتمعنا بشكل عام هو التوجه للجامعات حيثما كان ذلك متاحا، وإذا علمنا ومن خلال تجاربنا أن ذوي المعدلات دون 65 والذين لم يحصلوا على مقعد جامعي يذهبون إلى التعليم التقني على محدودية عددهم، من قال أن التعليم الجامعي بتخصصاته الراكدة والتي يجب أن تلغى أو تعلق، وبإعداد الطلبة فيه والتي وصلت إلى 320 ألف طالب على مقاعد الدراسة يعاني ويجب ضخ المزيد من الطلبة فيه!! هذا القرار سيساهم وبشكل كبير في الحد من نسب القبول في التعليم التقني والذي بحاجة إلى كل جهد ممكن لرفع نسب المسجلين فيه، والتي انخفضت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، التعليم الجامعي يا سادة بحاجة إلى تقنين فهو يعاني من التضخم أصلا، وتخريج جيوش من العاطلين عن العمل، بينما نحن بأمس الحاجة لرفع نسب القبول في التعليم التقني، حيث أصبح هذا الأمر هما وطنيا يقوده جلالة الملك، فكيف يعمل مجلس التعليم العالي على تخفيض معدلات القبول في هذه الفترة الحرجة، مخالفا كل الجهود الوطنية لرفد التعليم التقني وتحسين نسب القبول به، لأنه الرافعة الحقيقية لمشاكلنا الاقتصادية والاجتماعية، بعكس التعليم الجامعي والذي أضحى نتيجة التخبط وعدم رسم السياسات الصحيحة، وسيطرة رأس المال عالة على الاقتصاد الوطني، لتركيزه على الكم دون النوع، والتوسع غير المبرر فيه، والذي يعد من باب اقتصاديات التعليم هدر لا تعود عوائده على الاقتصاد الوطني في ظل نسب البطالة الكبيرة بين الخريجين.

ولا أنسى، التوصية المنسوبة لتقرير اللجنة الوطنية لتنمية الموارد البشرية، بوقف التجسير للتعليم التقني خلال 3 سنوات وكما سمعت فإن وزارة التعليم العالي أصدرت تعليمات بذلك، ومع أنني كنت عضواً في إحدى لجان محور التعليم التقني إلا أنني لم اسمع بهذه التوصية في حينه أنا ومجموعة من المشاركين، ولا نعرف من أقحم هذه التوصية ضمن التقرير، والسبب انه ومن خلال تجاربنا مع التعليم التقني في الأردن قبل السماح بالتجسير، حيث كان الإقبال ضعيفا جدا، وتطور الإقبال بعد السماح بالتجسير ويمكن الرجوع إلى التقارير الإحصائية لوزارة التعليم العالي بهذا الخصوص، ومع أن التجسير لم يكن مطلقا بل كان مقننا بما لا يتجاوز 20% من الخريجين وضمن محددات لمعدلات القبول للمجسرين والتخصصات، ومع ذلك بقي الالتحاق بالتعليم التقني في حدوده الدنيا، وأصبحت المطالبة بوضع حوافز تشجيعية للطلبة، للالتحاق بالتعليم التقني من أهم توصيات كل واضعي السياسات له، واستغرب كيف يتم النكوص عن ذلك ووضع توصية لوقف التجسير والقرار الأخير خفض معدلات القبول عن 65 لجامعات الأطراف، والذي إن حصل سيكون إطلاقاً لرصاصة الرحمة الأخيرة على التعليم التقني في الأردن، ونحن نعرف ثقافة مجتمعنا والتي نسعى إلى تغييرها ولكن ليس بهذه الطريقة، فمن يعتقد أن هذه التوصية ستوجه الطلبة للتعليم التقني حصرا يكون واهماً، ولا اعرف على ماذا اعتمد مجلس التعليم العالي بذلك، وكيف يتفق ذلك مع توصيات اللجنة الوطنية لتنمية الموارد البشرية والتي تؤكد على زيادة نسب الالتحاق حتى 2025 ، وأيضا من الناحية التربوية والحرية الفردية التي تكفلها كل الدساتير في العالم بحرية التعليم والتعلم، يأتي هذا القرار ليحرم من لديه الرغبة والقدرة على مواصلة تعليمه، وتأتي هذه التوصية بوقف التجسير مخالفة للتجارب والممارسات العالمية الفضلى والتي تؤكد على النهايات المفتوحة للمستويات التعليمية المختلفة، وقد تكون التوصية مقبولة في الدول الصناعية المتقدمة ، والتي تعطي التقني وضع اقتصادياً واجتماعياً يفوق خريجي الجامعات، وهذا ما لم نصل إليه بعد في بلادنا، فبرغم كل التوصيات بتحسين وضع التقني، ووضع نظام للحوافز المالية لتشجيع الالتحاق في التعليم التقني، ولان كل القراءات الإحصائية في بلدنا تشير إلى تغول وانفلات التعليم الجامعي والذي وصل عدد الطلبة فيه 320 الف طالب كما أسلفت، في حين أن عدد الملتحقين في التعليم التقني قد تناقص إلى ما دون 20 ألفا بكثير، فيجب التركيز على عمل كل ما يلزم لتشجيع الالتحاق في التعليم التقني والحد من الالتحاق في التعليم الجامعي الذي أصبح يخرج جيوش من العاطلين عن العمل.
ولأننا اعتدنا على التخبط والعشوائية في اتخاذ القرارات دون أسس موضوعية ،
مطلوب من مجلس التعليم العالي و الحكومة وصانعي القرار ودون تردد، إلغاء هذه هذا القرار وعدم العبث بالحد الأدنى لمعدلات القبول في الجامعات، حتى لو تناقصت أعداد المقبولين في جامعات الأطراف، وكذلك إلغاء التوصية بوقف التجسير، والاستعانة بخبراء وإحصائيات موجودة في التقارير الإحصائية لوزارة التعليم العالي للتأكد مما أسلفت، وعدم الذهاب بعيدا في ذلك فالتعليم التقني لا يحتمل الأفكار والقرارات الفاشلة، ولا تكرار السياسات التي أضعفته وجعلت منه تعليما لمتدني التحصيل، نريد للتعليم التقني أن يتطور وتتطور نسب الالتحاق به لنصل إلى النسب العالمية والتي تصل إلى 40% أو أكثر في بعض البلدان، ونريد دعما حقيقيا لهذا القطاع من خلال جامعة البلقاء التطبيقية لتتمكن من تنفيذ استراتيجياتها وخططها لتطوير وهيكلة التعليم التقني، فلا يعقل أن الجامعة تعمل كل جهدها لإعادة الألق للتعليم التقني وهيكلته، ليأتي مجلس التعليم العالي من خلال قرارات ارتجالية لتفريغ التعليم التقني من مضمونة وسحب البساط من تحت أقدامها، ولا أنسى الدعم الهزيل للتعليم التقني الذي أعلنته الوزارة قبل أيام.
أقولها بأمانة ومن باب الحرص على بلدنا، مستقبل الأردن في الاستثمار في التعليم التقني وتطويره، وأقولها بصراحة لمجلس التعليم العالي إنكم تخالفون رؤى جلالة الملك واللجنة الوطنية لتنمية الموارد البشرية، لا تكرروا ما فعله من سبقكم، بسياساتهم ، فالتراجع عن الخطأ فضيلة، والإمعان في الخطأ رذيلة، وفشل لا نريده لبلدنا وشعبنا الطيب، ورسالتي القادمة ستكون لجلالة الملك إن لم يعود مجلس التعليم العالي عن قراراته بتخفيض معدل القبول في الجامعات وتبني وقف التجسير. ...حمى الله الأردن.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)