TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
مجلس النعليم العالي وسحب ترخيص جامعة العلوم الطبية..
21/09/2014 - 1:15pm

طلبه نيوز
من السذاجة أن نرى الأمور واضحة، دون ان نعلم ما يغلّفها من أهداف وما يدور حولها من خطط وترتيبات، وكيف تلتقي السياسات وتتنافر، وخاصة بين القوى المؤثرة فى قطاع التعليم العالي حين يكون ميدانَ حرب المصالح والمكتسبات هو الاستثمار في مجال تعليم "العلوم الطبية" فى القطاع الخاص!

فتعليم الطب فى الاردن لا يمكن اقتصاره على الجامعات الرسمية بما تملكه من موارد مادية وطاقات بشرية ساهمت فى تخريج الالاف الاطباء والممرضين والصيادلة، وإنما بما طرأ على دراسة الطب فى الدول العربية والعالمية من متغيرات اصبح معها من المتعذر على الطلبة الاردنيين ان يتابعوا دراسة الطب فى الخارج: اما لارتفاع التكاليف فى الدول الغربية، او لتعذر الامن والاستقرار فى غالبية الدول العربية التى تدرس الطب، مما جعل الاردن هدفا لدراسة الطب للاردنيين ولغير الاردنيين من الطلبة العرب والاجانب الذين يتقدمون بطلبات الالتحاق لدراسة الطب فى الاردن باعداد كبيرة.

من يتذكر البدايات المتواضعة والصعبة لتعليم الطب فى الجامعة الاردنية كما ورد فى كتاب الدكتور كامل العجلوني " تاريخ كلية الطب بالجامعة الأردنية" حتى إن رئيس الجامعة الاردنية الدكتور عبد السلام المجالي اصر على البدأ فى تدريس الطب فى ظل النقص الكبير فى اعضاء الهيئة التدريسية، وانشأ كلية لتعليم الطب في بلد فقير ليس لديه أي بنية تنموية إلاّ ما اختزلته ثقافة تلك المرحلة لاعضاء هيئة التدريس الاردنيين العائدين من امريكا واوروبا الذين عقدوا العزم على المضى قدما فى هذا الطريق بارادة وعزيمة ومشاعر اختلطت فيها ضعف الامكانات مع حماسة الشباب، يعي ويعرف صعوبة البدأ فى تدريس العلوم الطبية سواء أكان ذلك فى الجامعات الرسمية او فى جامعات خاصة..

اليوم اختلفت الظروف والمعطيات وتنوعت موازين القوى وتغيرت المفاهيم داخل المهتمين بالتعليم الطبي فى الاردن بحيث شهد تطوراً في الوعي العام، وربما يكون قد اكتسب مناعة في مواقف صعبة ومعقدة من أن ينزلق إلى القطاع الخاص تحت سيطرة مراكز قوى لا يهمها سوى "الربح المادى"، وهي منعة تُعزى للمحتمع الاردني ذاته، وليس لمن يغرونه بالمغامرات والاستقطاب الحاد، حتى إن صعوبة الحصول على مقعد طب فى الجامعات الاردنية لم يكن دافعاً للاندفاع للموافقة على فتح الجامعات الخاصة لللاستثمار فى هذا المجال فى محاولة سابقة، غير أن تراكم أحداث المنطقة ومحيطها الإقليمي، وعدم قدرة الطلبة الارنيين على الالتحاق بكليات الطب فى الدول العربية المجاورة، ناهيك عن الاقبال الكبير على دراسة الطب فى الاردن، جعل بعض المستثمرين يفكرون مرة اخرى فى انشاء كليات طب وعلوم صحية فى القطاع الخاص على غرار ما حدث فى مصر وسوريا و اليمن، وفي تقديريى أن العملية بذاتها ليست أكاديمية بل هي اقتصادية واستثمارية بالدرجة الاولى ، فجاءت فكرة "الجامعة الملكية للعلوم الطبية"، وكان خيارها الأول على الخدمات الملكية التى دخلت معها فى شراكة مباشرة..
وبدلا من ياخذ القائمون على الجامغة المنحنى الصحيح لتاسيس كليات طبية جديدة فى القطاع الخاص، من حيث الاستعانة بشخصيات قوية ومعروفة، والتعاون المباشر مع الجامعات الاردنية التى تدرس الطب، عمدوا الى اتباع طرق "غير مناسبة" و"غير فعالة" فى تحقيق أهدافهم، فضلا عن فتحهم الأبواب للاستعانة بمدرسين من جنسيات عربية في العلوم الطبية الأساسية،وعمادة بعض الكليات،مما اعتبر تجاوزاً لجميع الأعراف والتقاليد الأكاديمية المعمول بها فى الأردن أو من وجهة نظرالمعارضين لانطلاقة هذه الجامعة ان الهدف الرئيسي من هذه الجامعة هو "تحقيق الربح" على حساب جودة ومستوى الخريجين مما وضعها في موقع الدفاع المستمر، وحول رئيس مجلس أمنائها إلى شخصية جدلية غير معروفة التوجهات...

ومع ذلك فجامعة العلوم الطبية لها مؤيدين وأنصار ليس فقط من اعضاء هيئات التدريس، وإنما من جماعات منتفعة دخلت مزادات التعليم الطبي بمغريات المال، ومع ذلك ورغم ما جري من دعم وتاييد وضغوطات على مجلس التعليم العالي وهيئة الاعتماد للحصول على الاعتماد الخاص ،ومحاولة بعض النواب فتح حوار عام لكل العناصر المعنية، من هيئة الاعتماد والتعليم العالي والجامعة حتى لا تصل الأمور إلى اتخاذ قرار سحب الترخيص، لكن جميع هذه المحاولات باءت بالفشل وجاء القرار الاخير لمجلس التعليم العالي بالغاء الترخيص النهائي لجامعة العلوم الطبية الخاصة الخميس الماضي ضربة موجعة لهذه المحاولة التى لم يكتب لخا النجاح ..
من المؤسف حقا ان تنتهى قصة جامعة العلوم الطبية على هذه الشكل، وهى التى كانت مهيأة لان تكون أول جامعة خاصة تدرس الطب،والعلوم الطبية في الأردن ، وهى الجامعة الوحيدة التى حظيت باللقب "الملكي" فى بداية انشائها، و ارتبطت بشراكة مميزه مع الخدمات الطبية الملكية وهذه ميزات لا تملكها أي من الجامعات الأردنية الخاصة ، لكنها انطلقت انطلاقة مربكة ومرتبكة بسبب سياسات إدارية لا تتفق وطبيعة المهمة التي كان من المفترض أن تقوم بها جامعة طبية جديدة، وعلة اخرى ترسخت في إدارتها حين تحولت عملية اختيار قيادات الصف الأول في الجامعة إلى أهواء ونزعات شخصية لدى المستثمر مما تركها عرضة للنقد والتجريح من المجتمع الأكاديمي، وهنا لابد من وقفة حقيقية لا تراعي منطلقات الأشخاص وأهدافهم، ولا من يحركهم، وإنما فهم حساسية التعليم الطبي فى القطاع الخاص، وما يمكن ان يقود اليه عندما يكون الحافز المادى هو الاساس كي نستمربالمحافظة على صحة المجتمع و امنه واستقراره.

جامعة العلوم الطبية لم تكن بحاجة إلى منة هذا، ولا إلى فزعة ذاك؛ لأجل تسهيل مهمتها للحصول على الاعتماد والترخيص النهائي، فمشكلتها ليس ضعف الإمكانات المادية أو التجهيزات الفنية، او المختبرات التعليمية والعيادات الطبية ولا حتى الابتعاث و المستشفى ، وإنما الطريقة والعقلية التي اديرت فيها الجامعة خلال مرحلة التأسيس!..

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)