TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
مفردات المطر في لغة تتدفق فينا
14/02/2017 - 8:45am

طلبة نيوز- د. ابتسام ابو محفوظ / جامعة القصيم 

كثيرًا ما أقف على مفردات اللغة فأعجب من تلك الدقة في انتقاء مفرداتها التي كرستها للتعبير عن الغيم والمطر ، فأقول : الله هي تلك لغتنا   وهل كمثلها لغة   ؟  ولكن أين هي منا بل أين نحن منها  ؟  نحن الذين تغيرنا فبعدت الشقة بيننا وبينها ، وبات من يسمع مفرداتها غريبا عنها وكان بالأمس لها عاشقا يركض وراء غيومها ، فكان فيها الباكور والغمام والديم والهتان والوابل الهاطل  ، وأمسى اليوم يسير وراء جهام ما له فيه طائل .
                  هذه اللغة العظيمة  أمدتنا بالكثير من المفردات الدالة على المطر جعله الله صيبا نافعا أينما حل في ربوع بلادنا ، فلا يكون راعبا يملأ  كل شيء ،  بل يكون الثجيج الذي نطق به القرآن العظيم  فقال : " وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا ".
      في كل غيمة قدرة لا تنضب على العطاء إنه " كمثل جنة بربوة أصابها وابل  فآتت أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل " ذلك الوابل هو العطاء وذاك الطل هو العطاء ، قل أو كثر ، إنه ما يسمو بالإنسان ، وهو الجود الذي ذكره المتنبي فقال : 
فدى مَن على الغبراء أولهم أنا     لهذا الأبيّ الماجد الجائد القرم 
   كيف لا نفكر بمفردات المطر لتدفعنا إلى أن نؤمن أن الحياة لا يحركها السكون بل يدفعها شيء ما كامن في الأعماق يكون كالهزيم يوقظ القلب ويسعف الروح فيكون لها ريّقا نافعا ، تشعره بالأمل في عالم كله طغاة .
    المطر آخر الليل  يقرع النوافذ والطرقات  ..ينطلق حرًا  ..لا يقيده ليل   ولا تهزمه عقبات ..ينفك من عقاله  ،  تحمله الأحلام لتحطّ به على ظهر غيمة تجود بجودها أين ما شاء لتبرهن من جديد أن العطاء  لا حدود له بزمان أو مكان. 
      ترى هل نحتمي بالكلمات من المطر  ؟ وكيف نحتمي من هذا الدفاق المتدفق المنساب إلى جوارحنا ليثير فينا حالًا من التفاؤل يهمس لنا بالقادم البعيد .. ذاك المختبئ تحت الصخور وتحت المدر  ليعانق فينا شوق الحياة وجوها المندثر .

 

 

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)