TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
منظومة التعليم في اليابان سبب عظمة اليابان (1)
01/09/2015 - 3:00am

طلبة نيوز-

الاستاذ الدكتور محمد ابودية معتوق-رئيس الجمعية الاكاديمية الاردنية اليابانية
ان التعليم في اليابان يستحق ان نطلع عليه ونرى كيف استطاعت اليابان ان تتطور بعد الحرب العالمية الثانية وان تنطلق من الرماد ولا زلت اذكر عندما كنت في اليابان صورة محفورة في ذاكرتي في الاحتفالات السنوية التي تقوم في بداية شهر اب في هيروشيما عندما تم قصف مدينة هيروشيما بالقنلبة الذرية وهدمت البيوت قام معلمون بتهيئة مكان بالهواء الطلق وعلى انقاض ما دمرته الحروب مقاعد للدراسة وجلس الاطفال يتلقون العلم في اسوا ظروف شهدتها البشرية الانسانية وان دل هذا على شي فانما يدل كم كانت اليابان تقدس العلم وان بناء اجيال قادرة على القراءة والكتابة هي اهم مكونات المجتمع الانساني فلا غرو ان نعرف لن نسبة الامية في اليابان هي صفر فكل الشعب الياباني يقرا ويكتب حتى بعد الحروب والدمار كانت اليابان تعطي اهتماما كبيرا للتعليم . وضربت اليابان اسلوبا ونموذجا رائعا جديدا في التعليم لعب دورا اساسيا في تطوير المجتمع الياباني .

ان من اهم اولويات التعليم في اليابان التركيز على الجانب العملي التطبيقي قي جميع المراحل التعليمية سواء كانت المرحلة الابتدائية او حتى المراحل العليا مثل الجامعي ، كما أن قدرة المعلمين مهنيا وثقافيا لعبت دورا في خلق جو تعليمي محبوباً لدى التلاميذ لقدرات المعلم الإبداعية ، فالمعلم على قدر كبير من العلم وبكل ما يدور حوله من التقدم التكنولوجي فمعدل الذكاء لدى المعلم عالي جدا فلا مكان لاي معلم ليس لديه القدر الكافي من الذكاء اضف الى ذلك تملكه القدرة على جذب الانتباه و استخدام التقنية الحديثة مما انعكس على مكانة المعلم واحترامه سواء داخل المدرسة او الجامعة او المجتمع . ولعل اهم محور في نجاح العملية التعليمية هو المعلم فاذا كان المعلم على قدر كبير من العلم والمعرفة لا شك انه سيخلق اجيال ايضا لها مستوى من العلم فنلاحظ هنا ان اليابان ركزت على انشاء جيل من المعلمين على قدر كبير من المعرفة لان اي خطوة نحو التقدم لن تكون ناجحة اذا لم يتم خلق جيل جديد

ولتعزيز مكانة المعلم في اليابان قام المجتمع الياباني بوضع المعلم بمكانة اجتماعية خاصة باعتبار مهنة التعليم أفضل مهنة عند اليابانيين وربطها بمنظور ديني محض وان التعليم رسالة الهية وليست مجرد مهنة ووسيلة للعيش والتكسب فقد بلغت درجة تقديس المعلم ظهور ما هو متعارف عليه بين الطلبة ” اجعل المسافة بينك وبين المعلم سبع خطوات حتى لا تخطو فوق ظله“ فكان المعلم مبجلا محترما لا بل كاد ان يكون رسولا ، اضافة الى ذلك ظهر مصطلح او كلمة (سينسيه) اليابانية التي تطلق على المعلم وهي تحمل من المعاني ما يمكن ترجمته الى اي لغة لما لها سحر ووقع على المجتمع -وعندما عدت الى الاردن ووانخرطت بالتدريس بالجامعة لا ينادي افراد الجالية اليابانية او طاقم السفارة وحتى السفير الا بمعتوق سنسيه –شاكرا لهم هذا التقدير الذي اعتز به- لا بل هي واحدة من أرفع درجات التبجيل والاحترام الذي لا يمكن أن يضفى على شخص ما في اليابان فلا غرو ان اتخذ الساموراي نفس المصطلح للمعلمين او حتى افرا النينجا، اضف الى ذلك الديانة الكونفوشيسية التي له دور مهم في تعزيز دور المعلم وكما هو واضح ايضا في المجتمع الصيني . وهنا نرى ان اهم خطوة في المنظومة التعليمية هي المعلم ورفع مكانته مجتمعيا كانت الخطوة الاولى في رفع سوية التعليم .

اما على الصعيد المهني فانه يتم اعادة النظر في سلم الرواتب من كل عام للمعليمين ومقارنتها بارتفاع الأسعار وغالبًا ما يمنح المدرسون علاوات سنوية أو كل سنتين بناءا على الوضع الاقتصادي في حينه، وهنا يتميز المعلم الذي ادواؤه عاليا خلال السنة بان يميز بمنحه او علاوة تشجيعية او الترقية إلى درجات أعلى. واضافة الى ذلك يتم دفع تعويضات وبدلات اخرى مثل مكافأة نهاية الخدمة وهي عالية جدا وتستطيع ان تضمن مستوى حياة اجتماعي للمعلم بعد التقاعد له ولعائلته عدا عن الحفلة المميزة التي يحظى بها المعلم المتقاعد بان يلقي اخر محاضرة له ويتم دعوة طلابه الذين حظيوا بمكانة مرموقة لتذكيرهم بفضل معلمهم عليهم وكم هو منظر مهيب عندما ترى المدرجات والقاعات تعج بالحضور والازهار والورود تهل من كل مكان تملا المكان جمالا وعبارات من الشكر والتبجيل من الطلبة لمعلهم. ويحظى المعلم كذلك على الاقل بمكافأة على راتبه تسمى بونس تدفع مرتين في العام وبمقدار راتب ثلاث شهور وقد تصل إلى ما يعادل خمسة أضعاف راتبهم الشهري اسوة بالقطاع الخاص الذي لديه ايضا نفس النظام في الرواتب.
.
وهنا يتبادر سوال مهم نتيجة لهذه الحوافز والمكانة الاجتماعية هل يعني ان الك سوف يتجه نحو مهنة التعليم؟ الاجابة لا لان مهنة التعليم تخضع الى عدة اختبارات ومؤهلات ومن هذه :
المعلم يجب ان يكون لديه القدرة على إيجاد علاقة قوية بين المعلم والطالب والتفاني في عمله والإنكار للذات لذلك تجد ان المعلم غالبا ما يغادر مدرسته او جامعته بعد السابعة مساءا – علما بانه لا يوجد نظام ختم او توقيع مغادرة للانتهاء من العمل- اضف الى ذلك حتى في ايام العطل الاسبوعية تجد المعلم يتابع طلابه في النشاطات اللامنهجية مثل تعليم الموسيقى ، كرة المضرب ، الجودو ، الكراتيه ، قرع الطبول ، ..الخ من النشاطات لا بل تصل انه فعليا لا يوجد عطلة صيفية –كما هو في الاردن- للمعلمين فالعطلة تعني ان يلتحق المعلم بدورات تاهيلية في تخصصه والتحضير للعام الدراسي الجديد او الالتحاق بالجامعة للحصول على دورات تعليمية مطلوبة منه في مجال تخصصه، اوالتنقل بين المحافظات للاطلاع على تجارب المدارس الاخرى او حتى اذا لزم الامر االاطلاع على مدراس خارج اليابان للاكتساب من مهارات جديدة في التعليم . اي ان المعلم على مدار السنة في جهد دائم ومتواصل. ومن ايضا واجبات المعلم الاتصال بولي الأمر الطالب فهناك لقاءات دورية وقد تصل احيانا الى زيارة منازل أولياء الأمور والتحدث معهم حول مستوى الابن الدراسي . وعلى المعلم اضافة الى عمله الانضمام الى رابطة المعلمين المحترفين وحضور نقاشات من وقت لآخر حول طرائق التدريس والمشكلات التربوية التي قد يواجهونها في حياتهم الاجتماعية للوصول الى ارقى الوسائل في التعامل مع الطلبة وطريقة التدريس لان المدرس يجب ان يكون على معرفة تامة بكيفية اعطاء المحاضرات وتحفيز الطلبة على الدراسة.

وبما أن المعلم يعتبر هو العنصر الأهم في العملية التعليمية فإن إعداده يعتبر من الأولويات لنجاح العملية التعليمية، وعندما استطاعت اليابان أن تتقدم وتنافس الدول الكبرى صناعيًا لم يكن ليحدث ذلك لولا وجود معلمين أكفاء يؤدون واجبهم على أفضل الوجوه وأحسنها، ولم يكن ليحدث ذلك لولا الإعداد الجيد للخريجين علميًا ومهنيًا وقد مرت اليابان بعدة مراحل لتطوير المعلم الى ان وصلت الى مهو عليه الان : ولعل مرحلة ما قبل الحرب العالمية الاولى هي اهم هذه المراحل فكانت أول بدايات ظهور الاهتمام بالمعلمين وتدريبهم من أجل التعليم في عام (1872م) عن طريق تعليم المعلمين الأسس التي يتمكن بها من إعداد نفسه. وفي نهاية الإعداد يتمكن المعلم من الحصول على رخصة تمكنه من التدريس في المدارس الابتدائية . وأصبح إعداد معلم المرحلة الابتدائية يتم في مؤسسات التعليم العالي على المستوى الجامعي ويعد له برنامج خاص مدته أربع سنوات وفق برنامج فئتين : فئة أولى وفئة ثانية ، ولا يرقى إلى وظيفة ناظر إلا الحاصل على الفئة الأولى ، وتمنح المحافظة –مستوى مديرية التعليم في الاردن- شهادة صلاحية بعد الممارسة الفعلية الناجحة لمدة ستة شهور ، وبذلك يصبح حاملها صالحاً للتدريس.

ولم يكتفى بذلك من باعداد المعلم بل تم وضع شروط للمعلم ليحصل على قبول للتدريس في اي مدرسة او جامعة فعلى سبيل المثال لكي يصبح الفرد معلماً في المرحلة الابتدائية ، عليه أن يحصل على شهادة تدريس يمنحها مجلس التعليم –وزارة التعليم- التي وضعت عددا من الشروط التي يتم على أساسها انتقاء المعليمين . وهذه ما يميز مرحلة ما بعد الحرب وهي المرحلة التي يتم بها تحديد المعلمين الاكفاء المتميزين ، وغالبا ما يكون مثل هولاء المدرسين هدفا للمادرس او الجامعات المرموقة ، وتم التوسع في شروط الاعداد للمعليمين الى الطلب من المدرسين الحصول على الدرجة الجامعية لكل معلمي المرحلة الابتدائية والثانوية .وأن يجتاز اختبار التأهيل للتدريس . ومن يرغب بتدريس المرحلة الثانوية العليا عليه أن يدرس سنة إضافية بعد التعليم الجامعي أو يحصل على درجة الماجستير،ولجذب أكبر عدد ممكن من المعلمين الأكفاء ، فقد أصبح النظام مفتوحا لكل طلاب الأقسام الجامعية ، وقد تم تأسيس نموذج للدراسات العليا في مجال إعداد المعلم عام (1978 ) ، وبدأ هذا النموذج في ثلاث جامعات وطنية تهدف إلى الارتقاء بجودة المعلمين في المرحلة الابتدائية من خلال استكشاف العلوم العملية والخبرات التجريبية ، ويتميز هذه النظام إلى أنه يمنح درجة الماجستير للمعلمين مما يحسن جودة هؤلاء المعلمين ، كما يتطلب منهم القيام ببحث علمي في الموضوعات التربوية ، وبهذا تسنح الفرصة للمعلمين أن يطوروا معرفتهم المهنية وتنمية شخصياتهم.

وبعد حصول المعلم على درجة الجامعية التي تؤهله للتدريس وشهادة تعترف بها وزارة التربية والتعليم وحتى يصبح الشخص مؤهلاً للتعليم لا بد أن يمر بثلاث مراحل اساسية يجب اولا ان يكون قد انهى عليمه الاساسي ومدة الدراسة فيه (12) عامًا –المرحلة الابتدائية وحى الثانوية العامة- ثم الدراسة بجامعة متخصصة للتعليم : ومدة الدراسة فيها (4) سنوات ، ثم يخضع المتخرج الى المرحلة الاخيرة وهي التدريب بالجامعة التي تخرج منها ومدة التدريب فيها (4) أسابيع و بعد التخرج وممارسة العمل لستة أشهر بنجاح يمنح المعلم رخصة تدريس تؤهله لممارسة المهنة، وبعد أن يتم اجتيازه لامتحان مجلس التعليم الذي يعقد سنويًا لتعيين المعلمين، ويتم تجديد الرخصة بعد كل (12) شهرًا.

وتعد هذه التجربة اليابانية من ابرز التحارب على مستوى العالم والأنموذج الأبرز على مستوى العالم في مستوى إعداد المعلم ، حيث يوجد في اليابان أكثر من جامعة تربوية متخصصة في إعداد المعلمين والمعلمات، وهذه الجامعات متخصصة فقط في اعداد معلمين وكان لي الحظ اثناء اقامتي في اليابان ان زرت احدى هذه الجامعات وهي جامعة ايتشي وتهدف إلى تأهيل الطلبة للمساهمة في السلام العالمي، وتدريب معلمين أكفاء يدرسون للتلاميذ جوانب تتعلق بأمن وسلامة المجتمع المستقبلي، وإعداد متخصصين في التربية في مجالات: تدريس العلوم، الإنسانيات، العلوم الاجتماعية، العلوم الطبيعية، الفن، التربية البدنية، علوم البيئة، العلوم التربوية التطبيقية. ومثال اخر على مثل هذه الجامعات جامعة نارا وجامعة كيوتو. يتبع تدريب المعلم بعد الالتحاق بالخدمة......

 

التعليقات

د كمال غرايبه (.) الثلاثاء, 09/01/2015 - 08:41

الاستاذ الدكتور محمد ابو ديه فقد الموضوع بريقه لكثرة اخطاء الطباعه.

الدكتور شريده العمري (.) الثلاثاء, 09/01/2015 - 17:28

نعم عزيزي الدكتور محمد: لقد تقدمت الدولة اليابانية في هذا الوقت القصير، لأن الدولة اليابانية بدأت من حيث انتهى الآخرون، وتعلّمت الدولة اليابانية من أخطاء الامم وتجاربهم، وأعطي المعلّم حصانة الدبلوماسي، وراتب الوزير: حقوق مادية, حقوق معنوية ... مهنية ,منافع قصيرة وطويلة المدى, والنتيجة حتمية عطاء تربوي وتعليمي متميز ,فالمعلم أمين مع المتعلّمين، مرن في اختيار طرائق التدريس, مخلص في عمله، ولا سيما الولاء للمهنة، والالتزام بالقواعد ، والاهتمام بنمو الطلاب في مختلف النواحي الاكاديمية والتربوية وهدا ما سعت اليه كثير من الدول مثل سنغافوره والدول الغربيه... فقط نريد ان يحظى المعلّم – في المدارس -بالرعاية والاهتمام والاحترام وان يكون هناك قواعد وقوانين عادلة تضمن هيبة المعلم وكرامته.....للاسف المعلم يفتقر الى تلك الامتيازات لا اعني جميعها بل اكثرها وما يحصل الان وان كان لا يعمم قد يكون مؤشرا الى ما سبق.

مجهول (.) الثلاثاء, 09/01/2015 - 19:56

تشكر د. محمد على هذه المعلومات القيمة للتجربة اليابانية في إعداد المعلمين والاهتمام بالعملية التعليمية، والتي يفترض أن نكون نحن العرب والمسلمون وفق هذه المنهجية. أتمنى عليك أن تجوب جامعاتنا الأردنية وأن تعطي محاضرة في طلبة كليات التربية لدينا لنشحذ همم طلبتنا في هذا الحديث الطيب.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)