TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
منهج المستهلك المسلم
26/11/2014 - 1:45am

طلبة نيوز- د. محمد أحمد عبابنة

 لقد فطرنا الله سبحانه وتعالى على حب التمتع بملذات الحياة وإشباع الحاجات الإنسانية كالطعام والشراب واللباس والمركب والمسكن، وهي بلا شك ضرورية ولا تقوم الحياة إلا بها، قال الله تعالى: (قل من حرَّم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق)، [الأعراف 32] وقد أمرنا الله بذلك في قوله سبحانه : (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد)، [الأعراف 31] غير أن الإسلام ضبط مقدار وحجم الاستهلاك في ذات الآية حيث قال سبحانه: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) [الأعراف 31]، وقوله تعالى أيضاً: (والذين إذا أنفقوا لم يُسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما) [الفرقان 67] إلى غير ذلك من النصوص الشرعية التي مفادها ترشيد الاستهلاك وضبطه وفق مقاصد الشريعة الإسلامية، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما انه قال: (إِنَّ المُؤْمِنَ يَأْكُلُ فِي مَعيٍّ وَاحِدٍ، وَإِنَّ الكَافِرَ أَوِ المُنَافِقَ - فَلاَ أَدْرِي أَيَّهُمَا قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ - يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ) [ البخاري 5394 باب المؤمن يأكل في معي واحد كتاب الأطعمة ج7 ص71]

وَالْمَعْنَى أَنَّ مِنْ شَأْنِ الْمُؤْمِنِ الوقوف عند مَقْصُودَ الشَّرْعِ مِنَ الاستهلاك بما َيُعِينُه عَلَى الْعِبَادَةِ،  وَلِخَشْيَتِهِ أَيْضًا مِنْ حِسَابِ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ، وَالْكَافِرُ بِخِلَافِ ذَلِكَ كُلِّهِ فَإِنَّهُ لَا يَقِفُ مَعَ مَقْصُودِ الشَّرْعِ بَلْ هُوَ تَابِعٌ لِشَهْوَةِ نَفْسِهِ مُسْتَرْسِلٌ فِيهَا غَيْرُ خَائِفٍ مِنْ تَبَعَاتِ الْحَرَامِ [ابن حجر العسقلاني فتح الباري ج 9 ص539]

ولذلك فإن الإسلام يُعلِّم المسلم منهجية في حياته وهي الاعتدال في جميع شؤون حياته ومنها الاستهلاك، فينظر أولاً إلى إشباع ما هو ضروري، فإذا حقق هذا المراد ينتقل إلى ما هو دونه من الحاجيات التي تُعينه على استقرار حياته، فإذا اكتفى من ذلك ينتقل بعدها إلى التحسينيات التي تُضفي على حياته متعةً أكثر وأكبر، ويجب على المسلم أن يراعي هذه الأولويات ولا يتجاوزها، فإن فعل ذلك استقامت حياته وأرضى ربه والتزم بمنهج الاعتدال الذي أمر الله به، وقد حدد سيدنا عمر رض الله عنه قاعدة بضبط الاستهلاك بقوله: (أفكلما اشتهيت اشتريت).

وإن من المستغرب على المسلم أن يعيش دون منهجية في الحياة بحيث نراه يستدين لإشباع حاجة ليست بضرورية في حقه على الأقل بل ليشابه غيره من أبناء مجتمعه، ولا يدرك أن الله فضَّل بعضنا على بعض في الرزق للابتلاء والاختبار، وقد يلجأ أحياناً إلى الحرام لإشباع حاجته، كالربا والرشوة والسرقة أحياناً من المال العام أو الخاص وكل ذلك طبعاّ تحت مبررات يمليها الشيطان ومنها (الضرورة)، فهو يُقدر الضرورة بحسب ما تمليه عليه حاجته وليس بحسب ما تُقدره الشريعة.

وأخيرا فإن من المفترض أن تكون منهجية المسلم في الحياة هي الوقوف عند حدود الله وضوابط شرعه التي رسمها وحددها بما فيه السعادة للأمة أفراداً وجماعات، يقول تعالى: (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم) [الأنفال 24]، فلا حياة طيبة إلا في ظل الإسلام وشرعه.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)