TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
من يحكم الدولة ..الشعب عبر صناديق الاقتراع ام العسكر عبر البنادق والدبابات؟
19/07/2016 - 5:15am

طلبة نيوز

من يحكم الدولة..الشعب عبر صناديق الاقتراع ام العسكر عبر البنادق والدبابات؟

الأمن الوطني مشكلة كبيرة عندما يصبح عرضة للاختراق من خلال الجيش الذى يفترض ان يكون حاميا للشرعية، وتركيا التي تعرضت لاربع محاولات انقلابية سابقة جاءت بالعسكر للتحكم بمقاليد الحكم كانت سببا فى تراجع الدوله وازدياد حدة الفقر والفساد، وبرزت فيها سمات دولة الخوف والفوضى كبديل عن دولةالاستقرار والتطور اضرت بالحياة السياسية والاقتصادية، وكبدتها خسائر غير مسبوقة، وعززت الخلافات الداخلية لتسود حالة القمع والظلم، حتى اصبح ذلك الدرس عظة لكل تركي سواء اكان مؤيدا ام معارضا للحزب الجاكم.

تخلصت تركيا من تركة العسكر الذين حكموها لعقود طويله، واصبح واضحا للعيان انها ومنذ دخولها فى مرحلة التحول الديمقراطي التى قادها حزب العدالة والتنمية بكل اقتدار، راحت تتعافى من أمراضها، ومشاكلها الاقتصادية، إلاّ أن مخلفات تلك السنين يبدو انها تركت عقولا "متحجرة"اعتقدوا أنهم اوصياء على مصلحة الشعب التركي، وان بامكانهم اعادة اعقارب الساعة الى الوراء ، ولذلك خططوا لهذا الانقلاب الكبير الذى كان من الممكن ان يؤدى الى نتائج تنذر بانزلاق تركيا إلى اوضاع امنية واقتصادية كتلك التى سادت فى العقود المتاخرة من القرن العشرين..

مفاهيم الحرية والعدالة والديمقراطية أضحت ملتبسة في أذهان اولئك الاشخاص ، ولم يعدون يميّزون بين فكر حضاري ديمقراطي يتكئ على ميراث طويل من التقاليد والعراقة التركية، وبين متطرف علماني يبحث عن مخرج في فتوى لامام سلفى صوفي ، ولذلك جاء تحالف العسكر مع رجال الدين صورةً وضعت تركيا على خط النار الذى كاد ان يحرق كل منجزاتها الاقتصادية خلال العقدين الماضيين، فضلا عن وجودجماعات مدنية لا يروقها مستوى العدالة الاجتماعية التى وصل اليها المجتمع التركي وسياساته التي شكلت قصة نجاح على المستويين المحلي والإقليمي ، وجماعات اخرى على ارتباط باجندة خارجة أو بجماعات ارهابية لم تكن تريد لهذا البلد اي نوع من الامن والاستقرار شاركت هى الاخرى فى التخطيط و التنفيذ لهذا الانقلاب الكبير.

مليشيات اختطفت رئيس هيئة الاركان ، واخرى كانت فى طريقها لاختطاف او قتل رئيس الدولة التركية ، وطائرات عسكرية تقصف مقرات الامن العسكري والاستخبارات تسببوا فى قتل المئات من المواطنين، مجرمون تجاوزا القوانين والأعراف فتحولوا إلى قوة لا تدين إلاّ لغرائزها وما تفرضه، حاولوا ادعاءالشرعية المطلقة في التخلص من رموز الحكم الذى اراده الاتراك عبر صناديق الاقتراع، أي تخطي الدستور والأمن وكل مؤسسات الدولة، فى محاولة بائسة لاعادة تركيا الى الوراء، فكان لهم الشعب التركي بالمرصاد عندما خرج بطريقة عفوية وسريعة للدفاع عن وطنه وحريته وعن مؤسساته، وليس عن القادة والزعماء وهي صورة لم نعهدها فى معظم دولنا العربية التي لا تزال تعاني منتداعيات الربيع العربي..
ليست القضية كما يظن البعض تصفية حسابات بين خصوم على السلطة فى تركيا، بين حراس العلمانية ودعاة الديمقراطية، فالمشكلة هنا لا تقتصرعلى الفاعل والضحية، وإنما على الالية والاسناد وخطوط الامداد والدعم التى عملت من خلالها تلك الاعداد الكبيرة من الانقلابيين للاطاحة بنظام ديمقراطي منتخب من الشعب فى انتخابات حرة نزيه فى منطقة مشتعله، نظام كان بمثابة الامل للشعوب المقهورة التى عانت وتعاني من القهر والظلم والاستبداد، كيف تمكن هؤلاء من ترتيب كل هذه التفاصيل لقلب نظام سياسي ناجح يعد نموذجا فى المنطقة؟ ولعل منجزات الدولة التركية فى العقد الماضى فى ظل الحرية والديمقراطية بعيدا عن تدخل الجيش واصحاب الامتيازات والمصالح ساعدت فى اذكاء مشاعر الحقد الاعمى ضد الحكومة التركية التي فازت بالانتخابات لثلاث دورات متتالية في بلد ما زال يدور الصراع فيه على العديد من المحاور والاستقطابات.

فى وطننا العربي تعودنا على انجازات الجيوش الوهمية واختراعاتها من صواريخ الظافر والقاهر الى صباع الكفته ، ومبتكراتها التي سنّت نظام الانقلابات تحت أي ذريعة، والدخول في سلسلة من التخوين والإدانات التي تؤدي إلى تصفيات الحكومات او المعارضين ،والتخلص من الزعامات المدنية تارة بالاغتيال او بأسلوب عزل القائد عن جميع مناصبه، لكن أن تندفع قوات عسكرية فى تركيا الحديثة، تركيا الاقتصاد السادس عشر على العالم، تركيا السياحة والبنية التحتية المتميزة، لخطف رئيس هيئة الاركان ومحاولة خطف أو قتل رئيس الدولة المنتخب من وسط فندق اثناء اجازته السنوية والتسبب فى قتل المواطنين وترويعهم ، وقصف مبنى البرلمان رمز الديمقراطية، بحجة الحفاظ على “الديمقراطية” فهذا امر بمنتهى الغرابة لا تقوم به الا العصابات لا الجيوش المؤتمنه على امن الوطن وحمايته من الاعداء..

المأزق كبير إذا لم يجد عقلاءالجيش والامن والحكومة، أن الديمقراطية والتعددية واحترام الدستور، وشرعية صناديق الاقتراع أهم من تقاسم المغانم والاتكاء على منظق "القوة" التى وقفت على الدوم عائقا فى طريق بلد راح يركض نحوالمستقبل بخطى سريعة وثابتة.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)