طلبه نيوز

إن أ.د نضال يونس
صدقت نتائج امتحان الكفاءة التي أعلنتها هيئة الاعتماد مؤخرا التي أشارت إلى أن الجامعات التي تخطت حد القطع "ثلاثة" منها جامعات "خاصة" والجامعة الأردنية وبعض كليات جامعات البلقاء التطبيقية، فيما أن توزيع الجامعات حسب نسب النجاح في التخصص الواحد كانت في معظمها تشير إلي تميز الجامعات "الخاصة" علی الجامعات الرسمية، وإذا ما أضفنا لذلك المواقع المتواضعة للجامعات الأردنية على تصنيفات الجامعات العربية والعالمية، فان ذلك يعني أن الجامعات الرسمية تتراجع للوراء عاماً بعد آخر، وأن كل الخطط الإستراتيجية للتحول نحو العالمية أو البحثية لم تكن إلا إحدى اثنتين؛ فمرة تكون وسيلة لرفع معنويات الوسط الأكاديمي الذي يعاني من الإحباط والترهل، ومرة أخرى تكون وثيقة تأكيد عملي على فشل التخطيط الإداري والأكاديمي الصحيح.

وبحسب النتائج فقد احتلت كلية العلوم التربوية والآداب الاونروا المرتبة الأولى بنسب إتقان طلبتها للمستوى العام لامتحان الكفاءة الجامعية، بينما حصلت جامعة الأميرة سمية للتكنولوجيا على المرتبة الثانية والجامعة الأردنية ( أم الجامعات) التي كنا نتطلع لها أن تتطور وتقفز قفزات بعيدة بعد خمسين عام من إنشائها، ومنذ شرعت في وضع الخطط للتحول نحو العالمية حصلت على المرتبة الثالثة مع الجامعة العربية المفتوحة!

الحديث عن بقية التخصصات التي تقدمت بها الجامعات الرسمية لها وضعها الخاص وبعضها أصلا غير مطروح إلا في الجامعات الحكومية .وبالتالي فهي لا تقدم ولا تؤخر في التقييم العام، وهو ما يجعلنا نشد على يد رئيس هيئة الاعتماد الدكتور بشير الزعبي من أجل متابعة هذه المؤشرات التي تدل على أن السمعة الأكاديمية وسلامة المخرجات لا تقتصر على الأسماء والصفات أو التاريخ الطويل، و إنما على جدية الإدارات الأكاديمية وقدرتها على ضمان أدوات فعالة في توفير بيئة جامعية وآليات تدريسية تهتم بتطوير الكفايات العلمية والأكاديمية للطالب الجامعي الذي يعاني من إرهاصات العنف وارتفاع الرسوم وعدم القدرة على المنافسة، وهو ما يجعلنا في قلق من أي خلل قد يعطل قطار إصلاح التعليم الأردني .

ما تعيشه الجامعات الرسمية من أوضاع صعبة، ومعه المنظومة التعليمية في الأردن لا يقتصر عليها بل هو ذات الواقع السيئ الذي تمر به الاستراتيجيات التعليمية برمتها، والذي لا يقتصر على مرحلة دون أخرى، بل على كل المراحل الدراسية دون استثناء بما فيها سنوات الدراسة الابتدائية والثانوية التي كنا ننظر لها على أنها مسحوق التجميل الذي بات يغطي علامات الهرم المبكر في وجه التعليم في الأردن، وامتحان الثانوية العامة الذي ظل كبقايا الماء الذي يغطي على جفاف هذا الوجه؛ غير أن الواقع اليوم ليس كذلك، فالجميع يعاني من الترهل والتراجع والضعف وإن اختلفوا في المستوى الذي وصلوا إليه.

هذه النتائج تحتم علينا التساؤل عن مآلات "إستراتيجيات إصلاح التعليم" التي أُعلن عنها العام الماضي، والتي يفترض لن يكون قد بدأ العمل في تنفيذها، لأننا سنتعاطى معها كمشروع إنقاذ وطني للتعليم في الأردن وسمعته إقليميا وعالميا، ولن نقبل بأي خطأ قد يعيدنا لمربع الإخفاقات من جديد، لسببين؛ أولهما أن جسد التعليم الأردني لم يعد يحتمل أي تجارب خاطئة، وثانيهما أن من وقف على المشروع هو رئيس الوزراء بنفسه!!...

المؤمنون بإستراتيجية إصلاح التعليم في الأردن المتجاوزون لأصحاب الآراء السلبية والنظرات الضيقة والأفكار السوداوية، باتوا يتطلعون "لربيع التعليم الأردني" الجديد والذي من المنتظر أن ترسم فيه القيادات الأكاديمية فصلاً رائعاً مزدهراً بالانجازات والتقدم على التصنيفات العالمية، ونتائج مذهلة في امتحانات الكفاءة، لكننا في نفس الوقت ننتظر إستراتيجية واضحة، وخططاًعملية، وبرنامجاً زمنياً دقيقاً ليكون الجميع أمام مشروع نهضوي بامتياز بعيداً عن المشاريع التي ظلت تتحدث عن التراجع ولا تعالجه...