TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
نظرية "الكوسا وورق الدوالي"!
02/07/2015 - 5:00am

طلبة نيوز- جمانة غنيمات

تمتلك وزيرة الثقافة لانا مامكغ، نظريتها الخاصة حول محاربة الفكر المتطرف، ربما هي الأولى من نوعها.
فالوزيرة تؤمن أن طبخة الكوسا وورق العنب/ الدوالي، هي طبخة بائسة لا تستحق العناء؛ كونها تستغرق ساعات طويلة في الإعداد، لكنها تختفي عن وجه الخليقة في خمس دقائق. والنظرية التي عرضتها خلال برنامج حواري على التلفزيون الأردني، مفيدة في توفير الجهد على ربات البيوت، وتحريضهن على هذا الطبق.
 مواقع التواصل الاجتماعي امتلأت، يوم أمس، بالتعليقات على ما قالته الوزيرة؛ بين ساخر وغاضب، وموافق ورافض.
الوزيرة أيضاً، ومن ضمن نشاطاتها، ترعى دورة للحماية من الغرق. لكن، وللأسف، ليس الغرق في الفكر المتطرف، والغرق في أحادية الموقف ورفض الآخر ورفض التعايش، وهي التي تغرق فيها مجتمعاتنا فعلاً.
مع هذه النظرية والنظرة السطحية لدور وزارة الثقافة، نكتشف أن الوزارة لا تقوم بالدور المطلوب منها في هذه الأيام العصيبة، بل تخلي الساحة للفكر المتطرف لينهش شبابنا، فيما نغرق نحن في الحديث عن ورق العنب والكوسا.
ورغم أن المعركة ضد الفكر المتطرف والإرهابي هي معركة فكرية بالدرجة الأولى، وليست دينية، إلا أننا نكتشف أن بوصلة مختلف المؤسسات تائهة في هذه القضية الحاسمة والمصيرية.
فالعبء الأكبر في مواجهة التحدي الجاثم على قلوبنا، والذي يهدد حاضرنا ومستقبلنا، يقع على كاهل وزارة الثقافة، وليس "الأوقاف والشؤون الدينية" كما يظن البعض. فالمطلوب ليس خطابا دينيا يؤكد لنا الثوابت بأن ديننا هو دين اعتدال ووسطية، فهذا أمر معروف.
أما من يظن أن الحل يتمثل في خطاب ديني يغير هوية الدولة الأردنية؛ من مدنية إلى دينية، فهو لا يدرك بؤس هذه النظرية، لأن هذا الطرح فشل في تحجيم الدواعش ومنع استقطاب مؤيدين لهم، تقدرهم بعض الدراسات اليوم بحوالي 8 ملايين عربي، فيما يتجاوز العدد في الأردن خصوصاً، بين أنصار ومؤيدين ومتعاطفين، مئات الآلاف.
دور وزارة الثقافة أن تؤدي دور القائد في هذه المعركة الحاسمة برغبة قوية، مع إدراك من مختلف المؤسسات بأن الخطاب الديني على تطرفه من قبل الجماعات الإرهابية، جاذب كالمغناطيس لشبابنا، وأن استعادة هؤلاء ربما بات أمرا صعبا، لكن يظل الحل في تحصين الآخرين بخطاب تنويري، وبحل سياسي ديمقراطي.
البداية ربما تكون بإعادة هيكلة وزارة الثقافة، لتكون وزارة الشباب والثقافة؛ لنسلح شبابنا بالفكر العصري الذي يقيهم شر الانجذاب لفكر متطرف، رغم كل ما نراه من جرائمه، إلا أنه لم يفقد بريقه بعد.
سواء نجحت جهود وزيرة الثقافة في محاربة طبخة الكوسا وورق الدوالي أو فشلت، بأن ظلت الأمهات يشقين لساعات وهن يجهزنها؛ وسواء تعلمنا فن السباحة أم لم نفعل، فإن الخطر الحقيقي يظل في أن نغرق جميعا نتيجة الفشل في معركة التنوير التي نفتقد الأدوات الحضارية لخوضها.
فالأدوات اللازمة لهذه المعركة، فكرية تنموية سياسية، وليست -مرة أخرى- دينية أبداً، لأن ما تفعله كل المؤسسات في طرحها الديني معروف، لكن ما لا يعلمه الناس فلا يدركون نتائجة النافعة، هو المضي في بناء الدولة المدنية العادلة والممثلة لشرائحها وفئاتها كافة، لتنعكس خيراتها على الجميع.
بصراحة، أنا ضد نظرية "الكوسا وورق الدوالي" الخاصة بالوزيرة، لأن تحرير المرأة وتغيير صورتها النمطية لا يرتبطان أبدا بمدة إعداد هذا الطبق الشهي.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)