TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
نعم .. لدولة سيادة القانون أ.د. محمد القضاة
19/10/2016 - 6:45am

الرأي :الورقة النقاشية السادسة تنماز بفكرها الجديد، ورقة توزن بماء الذهب لرؤيتها المتقدمة في نهج الاصلاح والتغيير الذي يتبناه الملك شخصيا في معظم نقاشاته وحواراته ولقاءاته، وتفتح آفاقا رحبة أمام السلطات الثلاث لرسم خريطتها الجديدة في العمل التشريعي والتنفيذي والقضائي، بعيدا عن التسويف والمماطلة وقلة الاهتمام، ورقة تؤكد على ثوابت القانون وسيادته في ارجاء الدولة كلها، ويجب ان يكون هذا هدف معلن لدى السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية؛ لبناء دولة القانون كي تنعكس في الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والحياتي للمواطن الاردني . ولنقرأ بعمق الورقة النفاشية: " أعرف من التجربة أن كل فرد يقبل ويتبنى مبدأ سيادة القانون من الناحية النظرية، ولكن البعض يظنون أنهم الاستثناء الوحيد الذي يُعفى من تطبيق هذا المبدأ على أرض الواقع. بغض النظر عن المكانة أو الرتبة أو العائلة، فإن مبدأ سيادة القانون لا يمكن أن يمارس بانتقائية". واورد جلالته أمثلة من واقع المجتمع حتى يعرف القاصي والداني انه يتابع بحصافة ودقة كل ما يجري؛ يقرأ ويعرف ويتأمل ويشاهد، وهذا يجب ان يضع الجميع امام مسؤولياتهم وواجباتهم كي تمضي مؤسسات الدولة في نهجها القويم لصالح الدولة المدنية التي تعامل الجميع بسوية واحدة، بعيدا عن قصر النظر التي أشار لها في نقده لمن يعتقدون أنهم محصّنون دون غيرهم، مع ان القانون وجد لخدمة الجميع ولتنظيم شؤونهم على مبدأ تكافئ الفرص بين كافة طبقات المجتمع؛ اقلياته واكثريته.

  إن سيادة القانون يعزز الديمقراطية والشفافية والعدالة والنزاهة والانفتاح والتواصل، ويرسخ مكانة الدولة الاردنية امام دول العالم، ومن المفيد ان نقرأ مقاصد جلالته لسيادة القانون، ولماذا الآن؛ لأن القانون هو الركن الحقيقي في أركان الدولة، وهو الضمانة الحقيقية للمسيرة الديمقراطية ورديف الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي وبه يتخلص المجتمع من آفات الواسطة والمحسوبية والتجاوزات غير المسؤولة، نحن مدعوون لدعم فكر جلالته لتحقيق سيادة القانون بحزم وشجاعة ومسؤولية وشفافية؛ خاصة أننا نشاهد اتساعا في قاعدة العنف والمشاجرات والتجاوز على القانون، وهذا ما أشار له بوعيه وفهمه العميقين "والتطبيق الدقيق لمواد القانون يعد من المتطلبات الضرورية لأي عملية تحول ديمقراطي ناجحة. كما أن سيادة القانون تضمن ممارسة أجهزة الدولة لسلطاتها وفق الدستور والقانون. فلا يمكن لدولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان أن تعمل خارج هذا الإطار". اذاً، يجب ان ينصاع الجميع  لمفهوم الدولة والقانون، بعيدا عن الهبّات الموسمية والأفكار الهلامية والانتلجنسيا الذاتية؛ لأن تطبيق القانون بوتيرة واحدة على الجميع دون تهاون أو محاباة أو استرضاء يؤسس للاستقرار والسلام، مما يفوت الفرصة على قوى الظلام التي ترغب بسرقة مجتمعنا الى العنف والفوضى، ولذلك، غير مقبول لأي فئة كانت أن تتمرد على القانون أو النظام العام أو تعتدي على هبية الدولة، والعنف مرفوضٌ بكل اشكاله وألوانه، ولا يُقبل من اي جهة كانت، ولا يحق لأي جهة أن تستقوي على الوطن واستقراره.

   احترام القوانين يعيد للدولة هيبتها، وهو طوق النجاة من الخلل والفساد والمحسوبية، وسبيل صلاح المجتمع واساس دولته المدنية التي ينادي بها جلالته: "الدولة المدنية هي دولة تحتكم إلى الدستور والقوانين التي تطبقها على الجميع دون محاباة؛ وهي دولة المؤسسات التي تعتمد نظاما يفصل بين السلطات ولا يسمح لسلطة أن تتغول على الأخرى، وهي دولة ترتكز على السلام والتسامح والعيش المشترك وتمتاز باحترامها وضمانها للتعددية واحترام الرأي الآخر، وهي دولة تحافظ وتحمي أفراد المجتمع بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو الفكرية، وهي دولة تحمي الحقوق وتضمن الحريات حيث يتساوى الجميع بالحقوق والواجبات'"، هذا القول الفصل في أسس بناء الدول العصرية التي يعيش فيها الجميع باحترام وانسجام وتعددية، وهنا يجب تحويل الذهنية العشائرية والقبلية والطائفية والعنصرية والإقليمية والجهوية إلى ذهنية متحضرة كي يتحول هذا النسيج إلى مجتمع مدني يعتمد سيادة القانون والمساواة. لأن المزاجية والأهواء وغياب مفهوم المؤسسات وسلطة القانون قد يؤدي إلى بروز مفاهيم قائمة على العصبية والنعرات الغريبة والحقد الاجتماعي، والاستهتار بكل شيء، والحل أن نغير سلوكنا في المنزل والمدرسة والمجتمع والسوق والشارع، والتغيير يبدأ من الداخل، من الجوهر والسلوك. والإبداع في الحياة لا يتم في بيئة الفوضى، والأوطان لا ترتفع وتتفوق في أجواء اللامبالاة وعدم الاكتراث، فهل نعي قيمة سيادة دولة القانون والأمن والسلم الاجتماعي وروح التسامح، وهل نقرأ بعمق افكار جلالته ورغبته الحقيقية في بناء الدولة المدنية الحديثة، وجملة القول إن الدولة المدنية هي دولة القانون التي تستند إلى حكم الدستور وأحكام القوانين في ظل الثوابت الدينية والشرعية، وترتكز على المواطنة الفاعلة، وتقبل بالتعددية والرأي الآخرى. وبعد؛ فهذه كلمات لها وزنها وأهميتها في تجاوز الأوضاع السائدة، والمنعطفات الخطرة التي ترغب فيها قوى الشد العكسي وأعداء الوطن؛ كلمات واضحة تحقق الاصلاح الشامل وتقدم خريطة واضحة المعالم لكيفية سيادة القانون وتطبيقه بشفافية ونزاهة وعدالة؛ كلمات في الصميم تستشرف آفاق الدولة المدنية وهدفها الاسمى سيادة القانون كي يعيش بلدنا بآمان واستقرار وسلم اجتماعي اساسه الكرامة والإنسانية والديمقراطية وحرية الرأي والرأي الأخر.

 mohamadq2002@yahoo.com

نقلا عن "الرأي" الاردنية

.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)