TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
هل "نعلّم" أم "ندرّس"؟
19/04/2018 - 10:00pm

الدكتور علي المستريحي

واحد من أهم أسباب تراجع أمتنا العربية عن اللحاق بركب الحضارة الإنسانية هو تركيز مناهجنا ومدرسينا على التعليم (education) أكثر من التعلّم (learning). فلا يكفي أن "نعْلم / نعرف" فقط، بل علينا أن ننقل المعرفة الى آفاق أرحب وذلك باستخدام تلك المعرفة بما يمكن أن يفيد. لا يكفي أن نجعل طلبتنا يعرفون الفرق بين المادة القاعدية والحمضية ثم ننتهي هنا .. فالسؤال الأهم هو: ماذا بعد هذه المعرفة، وكيف يمكن الاستفادة منها بتطبيقها، ثم تطويرها وإنتاج معرفة إنسانية جديدة؟ والا أصبحت المعرفة من ذلك النوع من العلم الذي لا يضر ولا ينفع!

ما يحزن النفس أن الكثير ممن درّسونا بكل مراحلنا التعليمية غالبا ما كانوا من صنف "المدرسين" أكثر من كونهم "معلمين" أو "مربين" أو "قادة" مؤثرين .. فالمدرس يهتم بنفسه وبمرتبه نهاية الشهر، والمعلم يكرّس نفسه ليبني الطالب .. المدرس مسؤول منفّذ، أثره قصير، والمعلم قائد مؤثر وأثره طويل .. المدرس يعد طالبه لامتحان نهاية العام، والمعلم يعده لامتحانات الحياة .. المدرس يدخل الى الصندوق حيث يقبع الطالب ويبقيا هناك، والمعلم يدخل ذات الصندوق ويخرج ويده بيد الطالب لاستكشاف ما بخارج الصندوق وحوله ... المدرس موظف والمعلم انسان!

كم من المعلمين الذين لا زلنا بعد ردح من الزمن نذكرهم بالاسم وبكل جميل؟ وكم منهم من أحدث فرقا وتأثيرا إيجابيا فينا لم يتلاشى أو يخبو بمرور الزمن؟ وكم منهم، مهما علا بنا المقام، نفخر به ونقدم له كل الاحترام والتقدير، ونجلسه بمجلسنا ان كنا بالصف الأمامي، وذلك امتنانا منا له واعترافا بالجميل، وليس فقط لمجرد أنه درّسنا يوما ما؟ وكم ممن درسونا نعمد الى تجنبهم بالمواقف العامة ولا نشعر حتى برغبة لإظهار الاهتمام بهم (اللهم الا إذا كان محركنا لذلك أخلاقنا وقيمنا الخاصة بنا)؟

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)