TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
هيئة اعتماد لمؤسسات التعليم ما قبل الجامعي
22/11/2015 - 8:45pm

طلبة نيوز

هيئة لاعتماد مؤسسات التعليم ما قبل الجامعي
أ.د. محمد الوديان
جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية
ليس أدل على تجديد وتأكيد الإهتمام الخاص الذي يوليه جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين المعظم للتعليم مما جاء في خطاب العرش السامي الأخير حيث تطرق جلالته فيه لشأن التعليم في المملكة الأردنية الهاشمية داعياً المعنيين كافة لإحداث نقلة مهمة والبدء بعملية إصلاح جذرية تليق بهذه الأولوية الوطنية التي تعد من أهم وسائل –إن لم تكن الأهم عى الإطلاق- في إعداد المورد الأردني الأهم وهو المورد البشري. ومن هنا فقد تطرقت من على هذا المنبر الحر في مقالات قليلة سابقة لقضايا وتحديات محددة تتعلق بالتعليم العالي من الناحية "الفنية" وفي كل مرة طرحت مقترحاً محدداً كمشروع حل قابل للدرس لكل منها. وفي هذه المقالة وكما جرت العادة, أتناول قضية محددة تمس التعليم الأردني ذات صلة بمضامين الجودة فيه مع مقترح محدد قد أبدو مضطراً فيه للجوء مجدداً لمقولة العربة والحصان التي وردت في مقالة سابقة بخصوص التخطيط الإستراتيجي والجودة في التعليم العالي الأردني. 
بداية, فإن حجم الحديث والخوض في قضية التعليم العالي الأردني وخصوصاً في السنوات القليلة الماضية وتحديداَ ما يتعلق منه بأبعاد الجودة كبير بما يكفي للفت النظر لهذا الشأن الهام على مختلف المستويات وما ورد في خضم كل ذلك من ترديد مستمر وتكرار واضح لمصطلحات ومفردات بعينها ذات صلة بمحور الجودة في مختلف المحافل والمناسبات ومن مثل ذلك وفي المقدمة منها تأتي مصطلحات تدهور جودة المخرجات وقلة تنافسيتها مقارنة بدول الجوار وموائمة تلك المخرجات لمتطلبات سوق العمل وما إلى ذلك. وكان ملفتاً للنظر الشكوى الدائمة من قبل الخائضين في الموضوع- ومن باب محاولتهم تفسيرتراجع مستوى جودة المخرجات- أقول الشكوى من تدهور جودة المدخلات لمؤسسات التعليم العالي والتي ما هي, بطبيعة الحال, إلا مخرجات ونواتج التعليم ما قبل الجامعي, أي التعليم المدرسي, وهي برأيي شكوى وجيهة وفي محلها, بلا أدنى شك. ولكن ما كان يثير استغرابي في تلك الأحوال هو أن جل الحديث كان يتمحور وفق ما رأيت على توصيف مشكلة انخفاض مستوى المدخلات والخوض في نتائجها وأعراضها وتأثيراتها الممكنة على مستقبل التعليم في المملكة دون طرح حل أو حلول محتملة للمشكلة, وهي ممارسة في ظني أنها معضلة يعاني منها الكثير منا ثقافياً واجتماعياً على نطاق ليس بالضيق. وكي لا أبدو متناقضاً, ومن باب التعامل مع التشخيص الذي أوردته للتو – أقصد, تدهور جودة المدخلات- فإنني أطرح هنا في مقالي هذا مقترحاً يصلح كحل محتمل لجزء من المشكلة على الأقل يضاف إلى ويدعم ما تم عمله من قبل وزارة التربية والتعليم خلال السنوات الثلاث الفائتة من جهد محمود تمثل في أهم صوره حتى الآن بضبط امتحان الثانوية العامة, على سبيل المثال. ويتضمن مقترحي هذا ببساطة المبادرة ببدء مشروع مدروس لتشكيل هيئة وطنية تحمل إسم "هيئة اعتماد مؤسسات التعليم ما قبل الجامعي" تعمل على غرار هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي وتكون مساندة ورديفاً لها ومكملة لدورها لتقوم بضمان الحدود الدنيا المقبولة للجودة في مؤسسات التعليم ما قبل الجامعي (المدارس) والتي كما أسلفت تشكل المدخلات التي ترفد مؤسسات التعليم العالي, وإن كنت من حيث المبدأ أومن أن مثل هذه الهيئة كان من الأسلم أن تأتي من حيث التسلسل المنطقي للأمور بالتزامن مع أو حتى قبل الهيئة الموجودة بالفعل, ومن هنا يأتي ذكر العربة والحصان في هذا المقام. ذلك, أنه على ما أعرف لا يمكن ضمان مستوى متقدم من جودة المخرجات –أياً كانت تلك المخرجات- دون أن تتمتع المدخلات بالحد الأدنى من معايير الجودة وليس العكس, فجودة المدخلات تشكل ركيزة أساسية سابقة لضمان جودة مخرجاتها.
على أية حال وبالرغم من ذلك, فإنني أرى أن وجود هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي والتي تعد من وجهة نظري قصة نجاح في نطاق عملها وذلك في ضوء مدى مساهمتها في السنوات الأخيرة في نشر ثقافة الجودة ورفع مستوى التعليم العالي وفق منهجية شفافة ومنضبطة يشكل حافزاً يدفع باتجاه توقع النجاح لمثل هذه الهيئة الجديدة المقترحة وذلك من خلال إمكانية بدء هذه الهيئة المقترحة بنقطة انطلاق متقدمة بالإستعانة بالخبرات والتجارب المتراكمة في الهيئة الموجودة والبناء عليها وتحديداً من حيث المنهجية مع وعينا باختلاف التفاصيل في الحالتين. وكي أدفع بمزيد من القوة باتجاه تبني دراسة جدية لهذا المقترح أود أن أشير إلى نقطة أخرى غاية في الأهمية تتمثل بوجود منظمات عربية متخصصة بدأت بالفعل بالعمل الجاد باتجاه اعتماد المدارس ووضعت لذلك معايير محددة وانطلقت حتى في مجهود ميداني حقيقي على مستوى الدول العربية. لكن يبقى المطلوب منا أخذ زمام المبادرة وعدم التردد فيها وإثراء التجربة كي لا نتأخر عن الركب العربي ونواكب التطور في محيطنا القريب على الأقل وهو ما يتطلب في حال تشكلت الهيئة المقترحة وضع معايير اعتماد مدرسية خاصة ملائمة لواقعنا أو عمل دراسة وافية للمعايير الواردة لاعتماد المدارس الموضوعة من قبل المنظمات العربية أو حتى العالمية للإستفادة منها وتجييرها لخدمة ظرفنا وحاجاتنا الخاصة لضمان عدم تناقضها مع الرؤية والرسالة والتوجهات الإستراتيجية لوزارة التربية والتعليم الأردنية هذا إذا ما أردنا تحقيق الاستفادة القصوى من الفكرة المطروحة هنا. وفي كل الأحوال, أعتقد جازماً أن من شأن مثل هذه الهيئة أن تدفع باتجاه رفع مستوى التعليم بكافة مستوياته في المملكة الأردنية الهاشمية وفق منهجية واضحة وتوفير المصادر اللازمة لذلك حسب معايير معروفة إضافة إلى تقليص الفجوة الموجودة في مستوى التعليم المدرسي بين مختلف مناطق المملكة. هذا, ويبقى كل ذلك رهناً بالتطبيق الواعي للمقترح المطروح والإخلاص في العمل فيه خدمة لأهم الميزات التنافسية التي تتمتع بها المملكة وخدمة للقادم من أجيالنا.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)