TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
وباء الإقصاء في العالم العربي
06/02/2016 - 8:15pm

طلبة نيوز

الأستاذ الدكتور عبدالكريم القضاة

وباء الاقصاء أهم مرض فتك بالأمة العربية على مر تاريخها. انه الشاهد على فتنها وتفككها وتعثر مسيرتها الحضارية. هذا المرض وصل ذروته في تاريخ الأمة العربية الحديث، وهو مرشح للاستفحال مستقبلا نتيجة ظروف قطرية وعربية وعالمية. يحمل المصابون بهذا المرض في امتنا العربية أسماء كبيرة مليئة بالمفاسد وقلة الانجاز. قمة العتب لابل الغضب ليست فقط عليهم، ولكن على المسحجين لهم الذين عاشوا على الولاء الموسمي والمصالح الزائلة.هؤلاء الاقصائيون متطرفون بطبعهم وموجودون باليسار واليمين , وقد يكونوا أقل ذكاء ويسحج لهم الأذكياء, وأكثر سلطة ويحترمهم النجباء , وأقل صدقا ويكرمهم الصادقون , وأكثر فسادا ويرحب بهم ويوجبهم الأمناء المخلصون المنتمون لوطنهم وعروبتهم ودينهم وانسانيتهم. الاقصائيون قابيليون في سلوكهم ,عشعشوا في مواقع القرار وتركوا مسافات بعيدة بينهم وبين الصادقين المتميزين المنتمين الأوفياء الشرفاء, واستقطبوا الضعاف اللاهثين وراءهم لينفذوا لهم رغباتهم صاغرين. الرأي الاخر عند الاقصائي محترم ما دام لا يعارض رأيه, انتقاده مرفوض مهما كان بناء, أخطاؤه وخطاياه هي أخطاء غيره, والمقربون منه هم من يحتاجهم , ومن غير ذلك يدوس عليهم وحتى على خيالهم. نشر الاقصائيون الذعر والخوف في كل بيت , فرموا فتات ما يملكون من سلطة واموال على الناس ليضمنوا صمتهم ومصادرة حسهم. يطلبون بلا تردد، الترحيب بهم والتقدير لهم , ليس فقط لأسمائهم الكبيرة ومناصبهم المتعددة, ولكن لألقابهم التي يستحقها غيرهم من المتميزين المبعدين. لقد تطرف الاقصائيون في كل شيء الا في الاستقامة والنزاهة والكفاءة. لو لم يطلبوا من الناس احترامهم لسكتنا , ولو لم يطلبوا تمجيدهم لتناسينا, ولو لم يهينوا كرامتنا لتسامينا. تجدهم في كل موقع وفي كل فرح وترح وفي كل خلاف وصلح, ولسان حالهم يقول: نحن قادتكم الى الأبد لا يهمنا عقولكم النيرة ولا ضمائركم الحية ولا يهمنا ان لم يبق منكم أحدا.لقد شكل هؤلاء الاقصائيون مجموعات تشبه العصابات في ادائها. موجودون في مواقع عديدة , مبدؤهم الأول لا بل مرضهم الأول والأخير هو الاقصاء الذي يحقق لهم مكاسب لايستحقونها. هدفهم ومرضهم هو اقصاء الكفاءات التي تفتخر بما قدمت لأوطانها لا ما أخذت, التي تعتز بما أنجزت لا ما ورثت.مؤهلات الاقصائيين هي: أموالهم التي لا يعلم الا الله من أين أتت, أوانتماءاتهم لجهات غامضة المرجعيات, او عضويتهم في مجموعات تعبث بمصير أمة, أو اقربائهم ومعارفهم في موقع القرار, وأهم من كل ما ذكر فهمهم المشوش لأسباب خلقهم على هذه الشاكلة التي شوهت صورة خير أمة اخرجت للناس.مهارتهم متألقة في اصطياد اناس شرفاء متميزين مستقيمين ليستعملوهم دروعا بشرية يجملون بهم صورتهم القبيحة, فيضعوا هؤلاء الشرفاء المتميزين في مواقع قيادية مؤقتة لا يلبثوا ان يتخلصوا منهم بالسرعة الممكنة. مهاراتهم عظيمة في التواجد بعدة مواقع قيادية في وقت واحد ليكملوا طوقهم الاقصائي.كشف الربيع العربي(1) الكثير من عورات الاقصائيين, فمنهم من أخذه الموج , ومنهم من ينتظر عسى ان يعود الى مجده الذي صادرة ضمير أمه , ومنهم من نجا أو قد ينجو وربما يطورأساليب جديدة في الاقصاء. الربيع العربي (2) قادم لامحاله بوجودهم ولكن المؤسف أنه قد لا يكون الربيع الأخير لأن كل ربيع سينتج مزيدا من التحديات لامتنا ومزيدا من الاقصائيين الذين نسأل الله لهم الهداية والشفاء من مرضهم.هنا يقع الحمل على الأغلبية الصابرة (الصامتة سابقا) في التعامل معهم. هذه الأغلبية هي حاضنة الاعتدال والتحضر, حاضنة الكفاءات والنزاهة, حاضنة المتحضرين المحافظين على ارث هذه الأمة لغة ودينا وانسانية وحداثة. هذه الأغلبية الصابرة هي الكتلة الحرجة لضمير الأمة العربية رمز الأمة الوسط, ولن تبدل اسمها الحضاري لأنها الأم الوالدة

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)