TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
أبطال من بلدي : معالي الفريق أول المتقاعد مصطفى القيسي/أبو مازن 
10/03/2019 - 4:00am

بقلم الدكتور عارف بني حمد 
نواصل الكتابة عن سيرة رجال الظل الأوفياء المخلصين، الذين ما بدلوا عن محبة الاردن وقيادته تبديلا، والذين اقسموا بجلال الله وتراب الاردن بأن يبقي الأردن وطنا عزيزا شامخا .
بطلنا اليوم هو معالي الفريق أول المتقاعد مصطفى القيسي / أبو مازن (مواليد ذيبان/ مأدبا عام 1938 ، خريج كلية الشرطة الملكية، عمل ضابطاً في الأمن العام، ثم التحق بدائرة المخابرات العامة، وتدرج في المناصب القيادية حتى تولى إدارة الجهاز في الفترة مابين 1989 - 1996، حين اختاره المغفور له الملك الحسين مستشاراً لجلالته ومقرراً لمجلس أمن الدولة برتبة وزير، وفي العام 2001 عضوا في مجلس الأعيان الأردن التاسع عشر، ثم وزير دولة لشؤون رئاسة الوزراء ما بين 2002- 2003) .
هذا الرجل المكافح والعصامي المخلص لتراب الوطن والمنتمي لقيادته الهاشمية ، الحازم في العمل ، كتلة النشاط والحيوية في الجهاز، لكنه في الجانب الإنساني كان متواضعا وقريبا لقلوب كل الضباط ومتابعا لأحوالهم وظروفهم وعملهم في المكاتب والميدان ، ويعرف كل الضباط صغيرهم وكبيرهم أسمائهم وعشائرهم وقراهم ومدنهم وبواديهم . 
ومن القصص الشخصية التي تدل على رفعة أخلاق هذا الرجل وكرمه وإيمانه بعادات وتقاليد العشائر الأردنية ، أن السيد مازن (نجل الباشا) كان زميلا لنا وإشترك معنا بدوره أمنية في بدايات خدمتنا بالجهاز عام 1987، وعمل لنا بعد التخرج من الدورة وليمة في مزرعتهم في مأدبا ، وذهبنا الى هناك وتفاجئنا بوجود معالي الباشا أبو مازن يستقبلنا على المدخل مرحبا بنا ، وأصابتنا الرهبه والخوف الشديد ، فكيف لنا ضباطا صغار الرتب أن نجلس مع الباشا الذي كان يشغل وقتها نائبا للمدير وله من الهيبة ما يجعلك ترتجف ، وحاول بذكائه أن يكسر حاجز الخوف لدينا بالإستفسار عن أحوالنا وعن الدورة والإستفادة منها. وعندما تم إحضار المنسف قام الباشا بتشريب اللبن لنا ورفض أن يأكل معنا كضيوف وقال بأنه معزب وأنه خادم لنا في بيته وسيأكل لاحقا ، لكنه أشار الى أنه في العمل سيكون الأمر مختلفا وسيكون شديدا علينا . هذا هو الباشا الكبير بأخلاقه وتواضعه .
وأما إنجازات الباشا الأمنية فهي كثيرة ، ولا يمكن ذكرها لحساسية المعلومات ، وقد عمل في الجهاز كضابط عمليات محترف في فترة من تاريخ الأردن الصعب خاصة في السبعينيات من القرن الماضي ، والتي كانت الدولة كلها مهددة بالدمار والزوال جراء الأحداث الأمنية الداخلية والتدخلات العربية ، لكن بجهود الجهاز الجبارة تم إنقاذ الأردن من كل المؤامرات التي إستهدفته .
وقد تولى الباشا إدارة جهاز المخابرات ( 1989- 1996 ) في مرحلة صعبة وخطيرة أيضا من تاريخ الأردن الحديث ، وعمل مع ضباطا أقوياء بشكل مؤسسي ومهني وبروح الفريق الواحد . وكانت أبرز التحديات التي واجهت الأردن خلال هذه المرحلة : 
1. تحدي الأزمة الإقتصادية والتحول الديمقراطي بعد أحداث معان عام 1989 ، والإنتقال من مرحلة الأحكام العرفية الى مرحلة ديمقراطية وإنفراج سياسي ، حيث نجح الجهاز بقيادة الباشا بتنفيذ رؤى وتوجهات جلالة الراحل الكبير، بإدارة هذه المرحلة بإقتدار وتم إستئناف الحياة الديمقراطية بإجراء إنتخابات نيابية شفافة ونزيهه شاركت فيها كل القوى والأحزاب السياسية ، وأنتجت أفضل مجلس نيابي منذ تأسيس المملكة. كما أشرف الباشا على اجراء الانتخابات البرلمانية في الدورة التي تلتها في عام 1993 .
2. التحدي الإقليمي وتداعيات إحتلال الكويت من قبل العراق عام 1990، وحرب الخليج الثانية 1991 ، وسوء الفهم حول الموقف الأردني الذي رفض إحتلال الكويت وطالب بحل عربي للأزمة . وما تبعها من حصار الأردن والعقوبات العربية والغربية التي فرضت على الأردن ، وعودة مئات الآف الأردنيين من دول الخليج . وقد نجحت جهود وقنوات الجهاز الخاصة في إقناع الغرب بتفهم الموقف الأردني وتخيف حدة العقوبات الغربية على الأردن .
3. تحدي السلام ،حيث فرضت الولايات المتحدة بعد حرب الخليج الثانية 1991 مؤتمر مدريد للسلام في الشرق الأوسط ، ولعب الجهاز دورا مهما في هذه العملية من خلال توفير المعلومات الإستخبارية ومتابعة ما يحاك ضد الأردن ، الى أن توصل الأردن لاتفاقية سلام عام 1994بأقل الخسائر الممكنة في تلك المرحلة ، في ظل إختلال توازن القوى أصلا لصالح إسرائيل، وفي ظل المؤامرات العربية التي إستهدفت الأردن.
4. التحدي الإرهابي : تم إستهداف الأمن الوطني الداخلي خلال هذه الفترة من قبل تنظيمات متطرفة معارضة لعملية السلام متواجدة في سوريا ومدعومة من إيران . وقد تصدى الجهاز بقيادة الباشا بإقتدار لكل تلك المحاولات وأحبط كل هذه المحاولات .
هذا بطل من أبطال الظل في بلدي يستحق التكريم ،عمل بصمت وخرج بصمت ويعيش بصمت ، فكل الإحترام والتقدير لمعالي الباشا أبو مازن وآدام الله عليه الصحة والعافية وأطال الله في عمره .

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)