TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
أبناء الشوارع وأبناء الذوات!
08/12/2018 - 1:30pm

كلما خرج واحد على الملأ ممن تقلدوا المسؤولية في وطني، وصدم الأردنيين بتصريحاته، وأشغل الشارع بغريب كلامه، أقول في نفسي لعلها الأخيرة، فما الفائدة من استفزاز الناس، وإثارة جمر النار المشتعلة في كبدهم على ما تبقى من وطن ساهم من اعتلى المسؤولية بصورة أو بأخرى في تراجعه إلا القليل منهم؟! وكنت أتوقع في المقابل أن كثيرا من المواطنين لن يكترثوا لأي استفزاز بعدما وصلوا حد الإشباع الذي يجعلهم يكتفون معه بالحوقلة، وغيرها من العبارات التي تكشف عما وصل إليه الأردني من الاستهجان والإحباط.
لن أدافع عن الوزير الغرايبة المهندس اليرموكي أو ظروف توزيره، فإخلاصه لوطنه، وإنجازه ونظافة يده هي التي ستصنع تاريخه، وهي التي ستدافع عنه في المستقبل، وإلا سيلحق بركب غيره، لكن القول بأنه من أبناء الشوارع، فهذا كلام يحتاج إلى نقاش، فمصطلح (ابن الشارع) في الثقافة الأردنية هو من يهيم على وجهه في الشوارع فسادا أخلاقيا، وضياعا للوقت، وتحرشا بالمارة ...الخ، ولكنه بعد الربيع العربي اكتسب معاني جديدة، فأصبح يشير لمن يشاركون في حراك الشارع ضد ما يعتقدونه ظلما أو تهميشا أو غلاء أو فسادا ...
وإذا أخذنا بالتعريف الثاني من باب حسن الظن، فهو ينطبق على رؤساء وزارات ووزراء سابقين، وضباط متقاعدين، ونقباء، وصحفيين وكتاب ومدرسين...الخ، فحراك الشارع يمثل معظم أطياف الأردنيين، فهل هؤلاء جميعا أصبحوا من أبناء الشوارع المذمومين المدحورين لا يحق لهم أن يصيروا وزراء أو رؤساء؟!
فات الوزير المتفاخر بأنسبائه أن معظم الأردنيين هم أبناء شوارع يعشقون شوارعهم، فيها قضوا طفولتهم وشبابهم، بل جل عمرهم، وهي وطنهم الذي تبقى لهم رغم كثرة مطباتها وحفرها نتيجة لإهمال الوزراء لها، وهم الذين صدوا المعتدين عنها في الماضي وسيفعلون ذلك في المستقبل، فنحن جميعا خرجنا منها ومشينا في دروبها في عمان أو الزرقاء أو إربد أو الكرك... ولم يأت أحد من الفضاء.
كنت سأوافق الوزير على جزء من أقواله لو جعل عبارة ( ما بطلعلهوش يصير وزير) للأردنيين جميعا، فقال مثلا: حامي الديار، الذي قضى في عمله أكثر من 30 عاما يحمي الحدود في الليل القارص أو تحت وهج الشمس؟! ومعلمو المدارس، وأساتذة الجامعات، مربو الأجيال الذين خرجوا كواكب العلماء، وتدرجوا في مواقعهم إلى أن أصبح بعضهم رؤساء جامعات ؟! والمزارع الذي حرث أرضه ورواها بعرقه، وعرف أسرارها لسنين طوال بطلعلهوش يصير وزير زراعة مثلا؟! ومثله التاجر الناجح والاقتصادي البارع الذي أسس أعمالا ناجحة بطلعلهوش يصير وزير اقتصاد مثلا؟! لا سيما بعد أن فشلنا في الاقتصاد، وضيعنا الزراعة. وحتى الشباب العاطل عن العمل ل8 بطلعلهوش يجد وظيفة مثلا؟!
بات اعتقاد أي مواطن اليوم أن من حقه أن يصبح وزيرا، بل رئيس وزراء أيضا بعد ما ثبت لديه أن كثيرا من الوزراء لم يقدموا له إلا الديون، وفشل السياسات وأنهم لا يأتون الا لنهب المال العام من رواتب، وتقاعد، ومعلولية تسحب من قوت يومه، ودفء أبنائه، فلماذا لا يكون إذا هو وزير أيضا بدلا من السفير أو وكيل الوزارة اللذين أخذا حقهما على الأقل من باب العدالة الاجتماعية؟!
إن مزاج الشارع لم يعد يحتمل أي تصريح أو استفزاز؛ لأن المواطن لم يعد يحتمل فقرا وتهميشا، وتعاليا.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)