TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
أسـباب تراجع الجامعات الأردنيه في التصنيف العالمي
11/07/2020 - 1:30pm

لقد ظهر حديثا تصنيف QS العالمي للجامعات والذي يشـير الى تراجع تصنيف الجامعات الاردنيه للوراء، مما يبعث على الحزن والأسى، حيث يأمل الجميع بأن يكون التقدم للأمام حليفها.
وقد يعزو البعض، من المعنيين والمختصين في التعليم العالي في الأردن، أسـباب التراجع هذا لسوء اختيار الرجل الاول في تلك الجامعات، وأخرون يرون بعدم تجديد خططها الدراسيه أو ضعف الدعم المادي للبحث العلمي سـببا أخر، او أن الخلل في نسب الطلبة للمدرسين والى برامجها الدراسيه السـاكنه، او برامجها الموازيه، والتي استنبطت مخالفة للعدالة والدستور للتقليل من اعباءها الماليه، أســبابا مباشره لتراجع مراكز تصنيفها العالميه.
لا اختلف ابدا مع هذه الاسباب والتي قد تصف الجرح من خارجه، ولا تتعمق في الاسباب الاكثر ضررا وتاثيرا، مما دفع بالاف الاردنيين الأكفاء للهجرة لخارج الوطن ليبحثوا عن المفقود، سواء كان ذلك لاسباب ماديه او علميه، فعلى سبيل المثال، يتواجد أكثر من 14 الفا من هؤلاء الأردنيين ممن فقدهم الوطن في بلدان الخليج العربي، والذين ينعتو بال#المغتربين#، وكأن حاجزا زجاجيا قد بناه صناع القرار، سواء كان ذلك وصفا ظاهرا للعيان على جدران وزارة الخارجيه، أو حتى بين العامة من الناس، ليميزوا هذا الاردني من ذاك.
بالاضافة للاسباب المذكورة اعلاه، أرى بأن هناك أسبابا أخرى وأكثر دقة لهذا التراجع المؤلم أوجزها كالتالي:
اولا) ان الجامعات الاردنيه الحكوميه بيوت "سفيانيه" آمنه لكل من دخلها، سواء باستحقاق او غيره، فلا محاسبة لاحد على ضعف أنتاجه(ها) العلمي أو التعليمي، مما خلق بيئة متكاسله ومتباطئة في البحث والاستنباط بين كوادرها الأكاديميه. وغياب المنظومة الأخلاقيه ابتداء بقاعدة الهرم، وهو الطالب، وانتهاء بأعضاء هيئة التدريس، آخذين بمبدأ الغاية تبرر الوســيله، الا من رحم ربي.
ثانيا) عدم وجود رؤيه واضحه متطوره وخلاقه ومستنيره لمعظم رؤساء الجامعات لقراءة المستقبل المتطور كل يوم، والدليل على ذلك عدم تطوير القوانين والتعليمات والتشريعات المتعلقه في البحث العلمي والخطط الدراسيه في كثير من تلك الجامعات، فما فتئت تعليمات تطويرالبحث العلمي تظهر في بعظها، حتى تجد من يجهظها قبل مولدها، أو وضع العراقيل لمن تبناها، لتجد بعضهم يغادرون الوطن بحثا عن التجديد أو عن المفقود. ناهيك على أن كثيرا من الخطط الدراسيه الحاليه ومحتوياتها لم تتغيرمنذ زمن بعيد، حتى اصفرت أوراقها، فترى المحاضرات والكلمات والحروف هي نفسها لم تتغير منذ القرن الماضي، فانحسر عملهم على تصريف الواجبات الأداريه كتوقيع البريد الصادر والوارد، واستقبال، وتوديع، وجاهة ووجاهات، فتقوقع عملهم على رؤية محدوده لم تخترق حدود الوطن الى العالمية.
ثالثا) ارى في وزارة التعليم العالي عقبة في تطور التعليم العالي في الاردن لأسباب كثيرة، منها:

(1) عدم تحديث وتطوير القوانين المتعلقه بمسائل الاستلال من رسائل الدكتوراه، فما برح حديثوا التخرج من حملة درجة الدكتوراه أن يتخصصوا ويتعمقوا في علم ما، وهي في أغلبها مسائل مفتوحه open-ended problems) ) ليصطدموا بواقع مرير وفي قوانين بالية قديمه تحتم عليهم تغير مجال أبحاثهم من جديد حتى لا يتهموا بالأستلال من أبحاثهم لغايات الترقيه والتثبيت "في الخدمة الدائمه"، وهذا أدى وما زال يؤدي لتدني مستوى البحث العلمي عند اكثرهم، مع عدم افتراض ســوء النيه فيما يتعلق بسرقة الأبحاث العلميه، أو عدم الأمتثال بالأمانة العلميه في نشـر ألأبحاث ألعلميـه.
(2) ألسماح بانشاء جامعات خاصة، وكثير منها أنشئ لأسباب تجاريه، وعدم التركيز على النوعيه والتميز والارتقاء للاعلى.
(3) السماح للجامعات الحكوميه باستنساخ التعليم المادي للجامعات الخاصه وذلك في استنباط التعليم الموازي، وهو في رأيي غير عادل وغير دستوري على الاطلاق، ويميز بين ابناء الوطن الواحد حسب الدخل المادي لكل فرد أو أسره، فلا يعقل أن يقبل طالب معدله في الثانويه %97.99 في كلية طب في البرنامج الموازي ونظيره بمعدل %98 يقبل في البرنامج العادي في نفس الجامعه ليدفع الطالب في البرنامج الموازي ثلالثة أضعاف ما يدفعه الأخر. انه برنامج غير عادل ويجب الغائه تماما.
(4) معادلة شهادات الدكتوراه بالأنتســاب من جامعات مختلفه واغراق سوق العمل بحملة شــهادات دكتوراه لا حصر لهم مما أضطر كثيرا من الجامعات قبولهم لتغطية النقص الهائل الناجم عن هجرة الأكفاء لخارج الوطن، وهذا بدوره أثر وبشكل مباشر على حجم ونوع الأنتاج العلمي بشكل عام.
(5) فشــل الوزاره بتطبيق فعال للأمتحان الكفاءة للأسـباب عدة قد يكون للجامعات يد بها، وعدم اســتبداله بالية أخرى أكثر صـرامة وفاعليه، كامتحان مســتوى يؤهل كل من ينجح به الحصول على شــهادته الجامعيه الأولى، فاســتكمال متطلبات التخصص لا يجب أن يكون شــرطا كافيا، من وجهة نظري، لمنح الطالب الشــهادة الجامعيه الأولى الا من خلال اجتياز هذا الأمتحان، وانهاء متطلبات الدرجه العلميه يجب أن يتوج بهذا الأمتحان. عندها يعلم القاصي والداني، في داخل الأردن وخارجه بأن المســرحيات التي قد يمارســها الطالب والأســتاذ على حد ســواء لا تغني عن امتثال الطالب لتجربة نهائيه تؤهله الى ما بعد ذلك، كامتحان الكفاءة التي يخضع لها طلبة الطب وطب الأسـنان حتى يتمكنوا من مزاولة العمل كل في تخصصه.
ثالثا) انعدام العداله بين أعضاء الهيئات التدريسيه وعدم الأهتمام بهم، سواء من الناحية الماديه (والتي يجب ان تكون على اساس الكفاءة والتميز في الأداء)، او من حيث العبء التدريسي للفصل الواحد، والتي تحد وبشكل مباشر من كمية ونوعية البحث العلمي المطلوب انتاجه من كل عضو هيئة تدريس في العام الأكاديمي.
رابعا) زيادة نسبة الموظفين الاداريين لأعضاء هيئة التدريس في الجامعات الحكومية بشكل غير طبيعي، فمعظم تلك الجامعات اصبحت وسيلة سهلة لحل مشكلة البطالة لمجتمعاتها المحليه، مما زاد في الاعباء الماليه لها، وحد من ميزانية البحث العلمي بشكل مباشر، فكثير منها غارق في الديون لزيادة النفقات الثابته والتي يجب ان تعاج بشكل جذري.
خامسا) تواضع متطلبات البحث والانتاج العلمي لغايات الترقيه في الجامعات الأردنيه مقارنة بأقرانها من الجامعات العربيه، فتجد الكثير ممن يحملون درجة الاستاذيه قد نشروا عددا محدودا ومتواضعا من الابحاث العلميه منشورة في مجلات علمية متواضعه او غير معروفة عالميا، وقد أستثني من ذلك جامعة أو اثنتين منها، أو ثلة من الباحثين الأردنيين المتميزين في جامعات اخرى.
سادسا) التوزيع غير المدروس للجامعات الحكوميه في الأردن، والتي أنشـئت في معظمها لخلق بؤر توظيفيه للحد من نســب البطاله في مختلف مناطق الأردن، فقد طالبت عام 1988 برسـالة كنت قد بعثتها، وأنا على مقاعد الدراسه، مع الدكتورالأمريكي Gery Heydt لجلالة المغفور له بأذن الله الملك الحسين رحمه الله، والذي كان صديقا لجلالته أثناء زيارته للأردن لمقابلة جلالته آنذاك، طلبت فيها بضرورة تجميع الكليات الهندسيه والعلوم التطبيقيه في الأردن بمكان واحد، وتحديدا في الجمعيه العلميه الملكيه، وذلك بانشــاء معهد متخصص للدراسات العليا في العلوم التطبيقيه، وبهذا تستجمع الطاقات العلميه في مكان واحد بدلا من تفتيها في مختلف مناطق الأردن (اسوة بمعهد MIT في أمريكا أو معهد IIT في الهند )، الا أن الرســاله كانت قد وصلت لمكتب الأمير الحسن، وبدلا من ذلك فقد تم انشــاء كلية الأميره ســميه في الجمعيه العلميه الملكيه، والتي تحولت بعدها الى جامعة عام 1991.
سابعا) انعدام او ضعف التمويل الخارجي للبحث العلمي لعدم وجود الثقه في نوعية البحث العلمي المحلي، والذي في مجمله ينصب لغايات الترقيه، وقد تستثنى منها حالات فرديه لم تلق التشجيع والدعم الكافي لأستمراره.

وبعد هذا العرض المبسط، اقترح الحلول التاليه:
ا) الغاء جميع قرارات تعيين اعضاء هيئة التدريس كاملة واستبدالها بعقود بأجل، قد تكون سنتين او ثلاثه على الاكثر، وتجدد حسب الكفاءة ونوعية البحث العلمي، ويسبق هذا تقليل العبء التدريسي لعضو هيئة التدريس مما يسمح له بالتركيز على البحث والاستنباط.
ب) تقليل نسبة الموظفين لأعضاء هيئة التدريس وتحويل معظم الاجراءات الاداريه الى انظمة رقميه، مما لا يكون هناك حاجة لهذا الكم الهائل من الموظفين الاداريين، وتحويل رواتبهم لدعم البحث العلمي، والذي يجب ان يخصع للمسائلة خلال مراحله، مما يتطلب استنباط قوانين وتعليمات متطوره وديناميكيه.
ج) يجب على كل من يحمل درجة الاستاذيه نشر ثلاثة ابحاث علميه في مجلات متخصصه عالميه، في حال عدم وجود طلبة دراسات عليا لديه، واربعة ابحاث علميه او اكثر في حال وجودهم في كل عام اكاديمي.
د) يجب على كل من يحمل درجة استاذ مشارك ان ينشر بحثين اثنين في مجلات عالميه في حال عدم وجود طلاب دراسات عليا لديه، واكثر من ذلك في حال وجودهم في كل عام اكاديمي.
ه) يجب على كل من يحمل درجة استاذ مساعد ان ينشر بحثين اثنين في مجلات عالميه في حال وجود او عدم وجود طلاب دراسات عليا لديه في كل عام اكاديمي.
و) تطوير وتحديث انظمة ودوائر الحاسوب في الجامعات كاملة كالتالي:
(1) انشــاء شــبكه عنكبوتيه مركزها في الجمعيه العلميه الملكيه، حتى لا تكون مرتبطة مع أية جامعه، وربط جميع الجامعات الحكوميه والخاصة وتزويدها بالبرامج المتخصصه للبحث العلمي، بحيث يســتفيد منها كل باحث في أي جامعة أردنيه، لتشجيع البحث العلمي، ولا نكتفي بانشــاء اللجان أو الهيئات أو الجمعيات الأكاديميه والتي قد لا تكون لديها الية التغيير المباشر في كل جامعة.
(2) استقطاب خبراء حاسوب عالميين، من دول كالهند مثلا، لتطوير منظومة الشبكات الحاسوبيه وانظمتها السريعه والمتقدمه(super computers) لربط جميع الجامعات الحكوميه في الشبكه العنكبوتيه.
(3 ) توحيد جميع التعليمات والقوانين في تلك الجامعات للتأكد من ارتقاء التعليم العالي في الاردن، وليس من خلال جامعة واحده او اخرى.
(4) تقليل عدد الساعات المعتمده للحصول على شهادة البكالوريوس لبعض التخصصات، مثل الهندسه مثلا ، وجعل مدة دراسة الهندسة سنوات وليس خمسه، والتركيز على النوع في محتوى الخطط الدراسيه وتفريغها من كثير من المواد التي لم يعد لها ضروره ابدا، والتأكيد على التواصل مع الصناعه من خلال تلك الخطط.
(5) خلق بيئة للابداع والتطوير للطلبه من خلال استنباط مسابقات علميه تنافسيه محليه، ودعمهم للمشاركه بمسابقات عالميه ترفع اسم الجمعات الاردنيه ضمن نظيراتها في العالم.
(6) انشاء مراكز بحث متخصصة ذات رؤية جديده ومتجدده.
(7) أما مخرجات الثانوية العامه فهي مشكلة أخرى يجب معالجتها من قبل الأمناء ذوي الأختصاص المعنيين به لنعود الى تلك الأيام التي كنا نتغنى بمسـتوى التوجيهي الأردني وبذلك ترتقي مستويات مدخلات التعليم العالي في الأردن.
قد يختلف الكثير معي في بعض من تلك الحلول والتي قد يراها البعض بحلول ثوريه يحتاجها التعليم بمختلف مراحله في ألأردن الغالي، بلد الأردنيين جميعا، بلد النشامى، الذي يجب أت لا ينعت فيه الأردني بأكثر من مسمى كمغترب أو غيره.

د. رياض الخزعـلـــي
جامعــــة خليــفه
الأمـارات العربيــه المتــحده
10 / 7 / 2020
khazalirm@gmail.com

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)