طلبة

د.مفضي المومني.

عرض التلفزيون الأردني في نشرته الإخبارية المسائية تقريرا عن سيدة أردنية تعيش حالة فقر مدقع ، وبطريقة تثير المشاعر والشفقة وتكسر القلب حد البكاء، ولا أنكر أن الدمع غالبني وتحشرجت في داخلي غصة وخجلت من نفسي نعم مع أني لا اعرفها ولكني عرفت أنها تعيش بيننا في بلدة ما أو مدينة ما أو في حي ما وأننا مقصرون معها، تفترش هذه السيدة بقايا فراش متهالك، تعيش في شبه تسوية قديمة لا تصلح لعيش الحيوانات، لا ماء لا كهرباء ولا شيء من مقومات الحياة، وجالت الكاميرا حولها لا شيء ينم عن أن ادمي يسكن هذا الخواء، تخيلت بعد كل هذا العرض لحالة أم علاء ووحدتها بعد أن فقدت ابنها والوضع المزري الذي تعيشه وحيده، وللحظه ظننت أن أم علاء بعد كل هذا ستستجدينا وستطلب المعونة من وزارة التنمية الاجتماعية إلا أن أم علاء فاجأتني، فبدل أن تشكي أطلت بوجهها الملائكي الممزوج بوجع السنين وشقاء الزمن الذي خذلها وجحود مجتمع فيه الكثير من المتخمين غناً سردت ملحمة التضحية وكيف أنها باعت كل ما تملك لتعالج ابنها ولتراه أمامها أطول فترة ممكنه، قالت على استحياء إنها كانت تملك أثاثا وبيتا وربما حياة سعيدة لكنها ضحت بكل شيء من اجل أن تنقذ ولدها من المرض، لكن القدر كان أسرع وأخذه منها وتركها لوحدتها وفقرها وحزنها العميق الغائر في كبريائنا وعجزنا ونقصنا وقصورنا إفرادا ومؤسسات، وجلست من بعده تكتب بيدها المرتجفة ، لم تكتب لمعالي وزيرة التنمية الاجتماعية، ولا لأولي الأمر تستجدي شفقتهم وبعض فتاتهم، بل كتبت معلقات الحزن على ولدها تشكو له حالها وكيف جار عليها الزمن من بعده على قصاصات ورق بخط متعب،وبعبارات بسيطة تفيض بكل مشاعر أم يسكنها حزن ابدي على فراقه، لم تشكو عوزها وقلة حيلتها وعيشة الضنك التي تكابدها.
أوجعتني يا أم علاء فأنت سيدة تضحيتها وكبريائها بحجم وزارة التنمية الاجتماعية، كيف تقر عين مسؤول في بلدي، وكيف لا نستحي من أنفسنا أن تكون بيننا أم علاء وأمثالها، ونحن نتنعم بكل وسائل الراحة والرفاهية ،ونتغنى بأننا مجتمع متراحم ومتكافل، لك الله يا سيدة الحزن والوفاء يا أم علاء ولنا تخاذلنا لأننا نسينا أمثالك حين تخمة ولأننا جميعا أبناؤك العاقين، تركناك تصارعين الفقر والجوع والوحدة، لك الله يا أم علاء وعلى وزارة التنمية الاجتماعية وعلينا السلام....حمى الله الأردن.