TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
إصلاح التعليم المهني الذي نريد!
03/08/2016 - 6:00am

طلبة نيوز- د.مفضي المومني.

نتفق جميعا ونستمع كثيرا في الفترة الأخيرة عن مواضيع تطوير التعليم وبالذات التعليم المهني والتقني، وما يؤسف ان التطرق للتعليم المهني والتقني أصبح ديكوراً وديباجة أو خاتمه أو حشوا في كلام البعض وتصريحاتهم من مسؤولين أو منظرين أو تربويين أو غيرهم، واجزم أن بعضهم لا يعرف من التعليم المهني والتقني إلا اسمه وكان القضية من كماليات الأشياء او ألمحسنات اللغوية! والواقع ان هذا النوع من التعليم واقصد التعليم المهني والتقني إضافة للهندسي هو أساس التكنولوجيا، التي تدير حياتنا، وتمدنا بالمنتجات والخدمات التي نحتاجها في مجتمعنا المتقدم المعاصر، وسأقتصر حديثي هنا عن التعليم المهني والحالة الأردنية ولن استخدم لغة الأرقام التي اتركها للجان التطوير، لكني سأعرض وجهة النظر التربوية وما هو مطبق عالميا علنا نأخذ بتجارب الآخرين ونصل إلى تعليم مهني فعال يغذي ويزود سوق العمل بعمال مهنيين مهرة بمختلف درجات المستويات المهنية الأساسية لهرم القوى العاملة.
أولا ومن حيث البرامج وحتى يكون لدينا حلقة متكاملة من التعليم المهني فيجب أن يقدم النظام التعليمي (التدريبي) وللعلم فأنا أتحاشى ذكر التدريب العملي مقرونا بالتعليم، لان النظم العالمية تعتبر التدريب وتعلم المهارة جزء لا يتجزأ من عملية التعليم والتعلم الموجه للمجال النفس حركي عند الإنسان، مع الجانبين المعرفي والوجداني، واكرر يجب على النظام التعليمي أن يقدم ثلاث برامج متكاملة تغطي المراحل العمرية كافة، فالتعليم المهني يبدأ من المدرسة في المرحلة الأساسية، ومن خلال برامج التعليم المهني كجزء من التعليم العام، والتي تسهم في توعية الطالب بالمهن ومن ثم تهيئته للتعامل معها وإدراكها ومن ثم استكشافها والتعامل المباشر معها من خلال جوانب نظرية وعملية وتدريب يراعي المراحل النمائية لطالب مرحلة التعليم العام، وأيضا فمن أهم أهداف هذا البرنامج في هذه المرحلة أن نكون لدى الطالب موقفا و رغبة وميول و توجه نحو مهنة المستقبل، تكتسب من خلال التعامل مع المهن كما أسلفت وغير ذلك من الفوائد لهذا البرنامج. وثانيا برنامج التعليم المهني الذي يعد الفرد لمهنة ضمن مستويات المهن الأساسية المختلفة وهي المرحلة الثانوية أو من خلال مراكز التدريب المهني أي بعد الصف العاشر وتسمى مرحلة الإعداد وهي المرحلة المهمة لسوق العمل والتي يجب أن تؤهل الطالب بحيث يخرج لسوق العمل ولديه الكفايات اللازمة لأداء المهنة التي تعلمها ضمن مستوى مهني معين من المستويات المهنية الاساسية التي تبدأ بمحدود المهارة ثم شبه الماهر ثم الماهر ثم المهني والمهني المتقدم، او حسب معايير تصنيفية عالمية اخرى غير نهج الشرائح والحزم مثل نهج التدرج او المختلط، وتعتبر هذه الفئة هامة جداً لان المهني هو المنفذ لكل الأعمال التي تزودنا بالخدمات والمنتجات. وثالثا برامج التعليم المهني المستمر أو ما يسمى ببرامج رفع الكفاءة أحيانا، وهذا النوع من البرامج هو مسؤولية النظام التعليمي ومسؤولية القطاع الخاص لأنه يعمل على رفع وتطوير كفاءة المهنيين في المهن التي يمارسونها بما يتواءم مع التطور التكنولوجي المتسارع في عالم المهن ويعد هذا النوع من أنواع تعليم الكبار.
وبعد أن نتأكد من وجود هذه الحلقة المتكاملة من البرامج ومناهجها التدريبية ذات المستوى المتقدم والشامل لكل المهن، علينا التأكد من النقاط التالية حتى نضمن تعليم مهني فعال يخرج مهنيين يقبلهم سوق العمل ويكونوا على سوية ويمتلكون الكفايات التي تدخلهم سوق العمل بجدارة وهي:
1- استراتيجيات تعليم مهني وطنية محكمة ينفذها ويضعها ويطورها ويراقب تنفيذها جسم مستقل هيئة او غيره من المسميات مشابهة لمجلس التعليم العالي من المختصين في ظل تعدد الجهات الوطنية المشرفة على التعليم المهني وتعدد الاستراتيجيات ووجهات النظر وتكرارها وتشتت الجهود.
2- ربط استراتيجيات التعليم المهني مع استراتيجيات التعليم التقني والهندسي من جانب بناء القوى البشرية لضبط الكم والنوع من منظور وطني كلي متكامل.
3- إصلاحات تشريعية مستعجلة مواكبة للتقدم الهائل في مجال المهن ومرنه بما يتناسب مع طبيعة المهن وتغيرها، تجمع كل ما يخص التعليم المهني في بوتقة واحدة وتوزع الأدوار للجهات المزودة للتعليم المهني سواء كانت وزارة التربية او مؤسسة التدريب المهني او القطاع الخاص وغيرها وتزيل التقاطعات فيما بينها.
4- توفير التمويل اللازم وهو مكلف بالمناسبة إذا أردنا تعليم مهني فعال ذو كفاءة عالية، اذا عرفنا ان طالب التعليم المهني يكلف من 8-10 أمثال طالب التعليم العام تقريبا ، وكذلك العمل على تشجيع القطاع الخاص لتبني التعليم المهني من خلال حوافز تشجيعية فعالة ومحكمة وقابلة للتطبيق وكذلك الاستفادة من الدعم الدولي لهذا النوع من البرامج وأؤكد هنا أن واحدة من أساسيات التعليم المهني التي تعلمناها ( هنالك حد أدنى من الكلفة الكلية للتعليم المهني إذا هبطت الكلفة عن هذا الحد فلا يمكن الحصول على تعليم مهني فعال وناجح) أي لا يجوز التقتير في قضية مستلزمات وأجهزة وأدوات التدريب وهنالك نظم ومعايير عالمية لذلك يمكن الرجوع لها.
5- التركيز على توفير مدربين ومعلمين مهنيين بمستويات متقدمة ولا مانع لا بل يجب إبتعاث المعلمين المهنيين في دورات تدريبية في مختلف بلدان العالم المتقدم لاكتساب آخر المهارات المهنية ولكي لا نبقى نعلم ونتعلم مهارات تقليدية عفا عليها الزمن إذا علمنا أن قاعدة المسؤولية لدى معلم التعليم المهني أوسع واكبر منها لدى معلم التعليم العام.
6- توفير بيئة تدريبية تركز على اكتساب المهارات داخل المؤسسة التعليمية وكذلك في مواقع العمل بحيث يشكل التدريب في مواقع العمل جزءَ هاما من الإعداد لمهني المستقبل من خلال مناهج وخطط دراسية وتدريبية محكمة يشارك بها القطاع الخاص.
7- التركيز على تعيين إداريين للتعليم المهني على درجة من الوعي والمرونة والكفاءة، لان هذا النوع من التعليم لا تتماشى معه إدارات تقليدية منغلقة على ذاتها وغير مرنة.
8- والنقطة الأهم ، ما الفائدة من تخريج مهنيين بسوية عالية مع عدم وجود سوق عمل يستوعبهم وذلك لقصور المسؤولية الحكومية في تنفيذ حماية إغلاقية على المهن ضمن منافسة غير شريفة وغير متعادلة للعامل الوافد مع العامل الأردني!! إذا علمنا أن بلد مثل لبنان كمثال لديه إغلاق تام على ما يزيد عن 86 مهنة بحيث يقتصر التشغيل على المواطن اللبناني فقط ، وقد يقول قائل ان ذلك موجود في الأردن(وهذه إجابة عطوفة أمين عام وزارة التخطيط على تساؤلي هذا في مؤتمر التطوير التربوي ) لكن أقنعني عطوفتك إذا كنا جميعا نتعامل يوميا مع مهنيين في شتى أنواع المهن من جنسيات عربية وافدة أو مهاجرة ألينا!! فإذا كان التشريع موجود فهو غير مطبق أو منفذ وهذه مصيبتنا لدينا أفضل القوانين في العالم وفي التنفيذ نحن مقصرين.
9- نقطة أخرى يجب عدم إغلاق نهايات أنظمة التعليم المهني كما ينادي بذلك البعض، لان ذلك سيحد من الإقبال عليها، ولكن يمكن تقنيين عملية الانتقال إلى مستويات تعليمية أعلى من خلال ضوابط وتعليمات مقننة لعملية الانتقال وضمن شروط معينة.
10- تحديد وهيكلة المهن التي يجب أن تكون ضمن المسار المهني الأكاديمي المؤدي إلى الثانوية العامة والمهن التي تحتاج إلى دورات قصيرة المدى تؤهل الفرد لمستوى عمل مهني محدد وتحديد الجهات التي يجب أن تقوم بذلك، وكما اعرف فإن وزارة التربية قد انتهت من ذلك من خلال لجنة لهيكلة التخصصات المهنية وهي في طور التنفيذ.
11- إيجاد حوافز للملتحقين في التعليم المهني ولدينا تجارب للمدارس المهنية في البدايات والتي بناها الألمان لدينا، حيث كان يصرف للطالب مصروف جيب وكانت المدرسة توفر للطلبة من الأماكن البعيدة السكن الداخلي والوجبات وغير ذلك، ولا أنسى انه يجب على التشريعات ان تحدد على الأقل حد أدنى لرواتب المهنيين يختلف ويزيد عن الحد الأدنى للرواتب في قانون العمل.
هذه مجموعة من النقاط التي أسعفتني بها الذاكرة والتجربة وهنالك غيرها ، وعلينا تجميع الجهود في إصلاح التعليم المهني لأني اعرف أن هنالك عدة لجان تعمل بهذا الاتجاه شكلتها وزارة التربية وأنا أشارك وشاركت في بعضها وكذلك هنالك توصيات لمؤتمر التطوير التربوي الذي عقد مؤخراً،ولا أنسى مقررات اللجنة الوطنية لتنمية الموارد البشرية والتي أخذت بمجموعة كبيرة من النقاط التي ذكرتها، ونحن بانتظار أن تخرج توصيات اللجنة إلى ارض الواقع في اقرب وقت، فالصورة واضحة لكن يجب ان نبدأ مسيرة الإصلاح الفعال للتعليم المهني فقطار التقدم يسير بسرعة ولا ينتظر أحداً....حمى الله الأردن.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)