TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
إلى من أسرته الهموم
24/03/2015 - 7:15pm

طلبه نيوز

الهموم من أعظم المكاره التي تصيب المسلم في الحياة، فتضيق عيشه، وتخنق نفسه، وتطأطئ رأسه، وتنكث منه قوته ونشاطه وبأسه!

فهي جالبة الأحزان ما حلت ببيت إلا أذهبت منه السرور والفرح، وكسته الكآبة والترح، من ابتلي بها فقد ابتلي بعظيم! ومن أعدي بها فقد ناله وباء جسيم!

فيا لله كم أرقت من نائم ! وأتلفت من عاقل فاهم! وأجهلت من حكيم عالم! وأضعفت من قوي حازم.. فهي جند قوي بطشه وعراكه.. قاتل صوله وضرابه!

تذهب نضارة الوجه.. وحلاوة البسمة.. ونقاوة النظرة، وتبدلها سوادًا وعبوسًا، وحسرة!

فكيف السبيل إلى الفكاك من أسرها؟ والتخلص من شرها؟
أسباب الهموم

أسباب الهموم كثيرة ومتنوعة، وهذه الأسباب بعمومها منها ما هو ذاتي، ومنها ما هو موضوعي، كما أن منها ما هو سلبي، ومنها ما هو إيجابي.

فالأسباب الذاتية للهموم: هي الأسباب التي تنبعث من الإنسان ذاته وتصدر من تصرفاته الحسية والمعنوية لينتج عنها الهم والغم والأحزان ومن ذلك: الغفلة عن ذكر الله، والمعاصي والسيئات وقلة القناعة، وتوجس الشر ونحو ذلك.

وأما الأسباب الموضوعية: فهي الأسباب التي تصدر من جهة لا تأثير للإنسان فيها وهذه الأسباب كأن يكون ظلم قد وقع عليه، أو موت قد لحق بأحبابه وأقربائه أو مرض ألم به، أو مصيبة في ماله أو ولده أو أهله، أو أسف وحسرة على قومه لضلالهم، أو ضياعهم أو نحو ذلك من الهموم التي سببها صادر من خارج الذات.

والسلبي من هذه الهموم هو: ما كان لغير الله جل وعلا، وكان على نحو مفرط لا يرضى به الله، والإيجابي منها هو ما كان لله سبحانه، وما لم يتعد حده، واتخذ المسلم الأسباب، وإليك أخي الكريم، الأسباب الأساسية للهموم:
المصدر: .:: منتديات الوليد ::. - من قسم: مواضيع اسلامية دينية

Share

رد مع اقتباس رد مع اقتباس
SeIfElLaH 20-Mar-2015 04:19 PM

1- الغفلة:
فإن الغفلة عن الله جل وعلا هي مورد من موارد الهموم والأحزان، وما استجلبت أغلب الهموم والبلايا إلا بالغفلة عن أداء فرائض الله جل وعلا، وهتك حرماته وحماه، فمن غفل عن ربه سكن الهم في قلبه.

ولذلك فإن عامة الشرور والأوهام النفسية الموجبة للهموم والأحزان سببها عدو الله إبليس، وهو يكون أقوى ما يكون حينما يغفل المسلم عن الله جل وعلا؛ فلا يؤدي أمره ولا ينتهي بنهيه ولا يلهج بذكره، فحينئذ يتربص به الشيطان، ويملأ قلبه صورًا مريبة، ووساوس عصيبة، تهون أمامها العزائم والقوى.

وفي الحديث الصحيح الطويل قال صلى الله عليه وسلم عن يحيى عليه السلام: «وآمركم أن تذكروا الله فإن مثل ذلك مثل رجل خرج العدو في أثره سراعًا حتى إذا أتى على حصن حصين؛ فأحرز نفسه منهم، كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله»([1]).

يقول ابن القيم الجوزية رحمه الله: "فلو لم يكن في الذكر إلا هذه الخصلة الواحدة؛ لكان حقيقًا بالعبد أن لا يفتر لسانه من ذكر الله تعالى، وأن لا يزال لهجًا بذكره؛ فإن لا يحرز نفسه من عدوه، إلا بالذكر، ولا يدخل عليه العدو؛ إلا من باب الغفلة، فهو يرصده، فإذا غفل؛ وثب عليه وافترسه، وإذا ذكر الله تعالى؛ انخنس عدو الله، وتصاغر وانقمع، حتى يكون كالوصع ([2]) ، وكالذباب ولهذا سمي الوسواس الخناس، أي: يوسوس في الصدور، فإذا ذكر الله تعالى؛ خنس أي: كف وانقبض.

وقال ابن عباس رضي الله عنهما: «الشيطان جاثم على قلب ابن آدم، فإذا سها وغفل؛ وسوس، فإذا ذكر الله تعالى، خنس».

وقال رحمه الله: «فمن كانت الغفلة أغلب أوقاته، كان الصدأ متراكبًا على قلبه، وصدؤه بحسب غفلته، وإذا صدئ القلب لم تنطبع فيه صور المعلومات على ما هي عليه، فيرى الباطل في صورة الحق، والحق في صورة الباطل، لأنه لما تراكم عليه الصدأ أظلم، فلم تظهر فيه صورة الحقائق كما هي عليه، فإذا تراكم عليه الصدأ واسود، وركبه الران؛ فسد تصوره وإدراكه، فلا يقبل حقًا ولا ينكر باطلاً وهذا أعظم عقوبات القلب وأصل ذلك من الغفلة واتباع الهوى، فإنهما يطمسان نور القلب ويعميان بصره» قال تعالى: }وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا{ [الكهف: 28] ([3]).

وثمرة هذا الكلام النفيس أن الغافل عن ذكر الله جل وعلا أكثر الناس عرضة للهموم والغموم والأحزان؛ فمناعته أضعف المناعات على الإطلاق لأنه لم يحصن نفسه بذكر الله جل وعلا، فأمكن منه الشيطان فهو يقهره بالوساوس والأوهام والتخويف والتشويش، وينفث فيه الأحزان والآلام.

فالغافل عن الله، وعن ذكره وفرائضه وواجباته مهموم بمجرد غفلته، ثم هو إذا أصابه مكروه قلَّ أو كثر تجده أجزع الناس وأضعفهم صبرًا وأقلهم جلدًا وعزمًا، ومن هذا كله كان البعد عن الغفلة من أهم الوسائل لدفع الهموم جميعًا.
وإذا مرضنا تداوينا بذكركم

ونترك الذكر أحيانًا فننتكس

([1]) رواه الترمذي، والحاكم، وابن حبان.

([2]) طائر أصغر من العصفور.

([3]) الوابل الصيب من الكلم الطيب لابن القيم (73، 80).
Share
رد مع اقتباس رد مع اقتباس
SeIfElLaH 20-Mar-2015 04:20 PM
2- المعاصي والسيئات:
وهي ثمرة الغفلة عن الله جل وعلا، والاستجابة للشهوات والشبهات، فللمعاصي والآثام، آثار مؤلمة على النفس والقلب والبدن، فهي ظلمة في النفس وسواد في الوجه، ونكتات في القلب، ووهن في البدن.
ومن المعاصي ما يعجل الله عقاب صاحبها في الدنيا فتنقلب عليه همومًا وغمومًا وأحزانًا وقد يكون العبد فعلها ونسي، فأخذه الله عز وجل على غرة من جنس فعله.
ومن المعاصي التي يعجل الله غبها وعقوبتها في الدنيا:
1- البغي وقطيعة الرحم واليمن الفاجرة: فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس شيء أطيع الله تعالى فيه أعجل ثوابًا من صلة الرحم، وليس شيء أعجل عقابًا من البغي وقطيعة الرحم واليمين الفاجرة تدع الديار بلاقع»([1]).2- أكل الربا: فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أحد أكثر من الربا، إلا كان عاقبة أمره إلى قلة» ([2]).
3- أخذ الدين بنية تلفه: فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله» ([3]).
4- سؤال الناس استكثارًا: ففي الحديث الصحيح، قال صلى الله عليه وسلم : «وما فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر».
5- حب إشاعة الفاحشة في المؤمنين: قال تعالى: }إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ{ [النور: 19].
ومن المعاصي الموجبة للعقوبات المعجلة أيضًا الكذب وتتبع عورات المسلمين، وإيذاؤهم والخيانة، وغيرها.
والشاهد أن للمعاصي آثارًا وخيمة على صاحبها في الدنيا، فبها تزول النعم وتحل النقم، وتتنحي الكرامات وتتنزل العقوبات.
قال تعالى: }وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ{ [فاطر: 45].
قال ابن عباس رضي الله عنه: "إن للحسنة ضياء في الوجه، ونورًا في القلب، وقوة في البدن، وسعة في الرزق، ومحبة في قلوب الخلق، وإن للسيئة سوادًا في الوجه، وظلمة في القلب، ووهنًا في البدن، ونقصًا في الرزق، وبغضًا في قلوب الخلق.
وقال عثمان بن عفان: "ما عمل رجل عملاً؛ إلا ألبسه الله تعالى رداءه، إن خيرًا؛ فخير وإن شرًا ؛ فشر" ([4]).
فالمعصية من موجبات الهموم والأحزان، وإن دقت؛ لأن الله جل وعلا يقول: }وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى{[طه: 124] وعلى قدر الإعراض يكون الضنك والهموم والأحزان.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)