TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
إن علينا ان نفعل شيئا آخر؟
16/12/2018 - 7:15am

طلبة نيوز-
د. مفضي المومني
العنوان اقتبسته من مسرحية اردنية لا اذكر اسمها، اخذت والدتي جولة في عمان مطلع تسعينيات القرن الماضي، ومررت من امام مسرح وزارة الثقافة في جبل الويبده، فلمحت الفنانين الاردنيين عبد الكريم قواسمي وهو صديقي والفنان خليل مصطفى وهو استاذي وصديقي، فاوقفت سيارتي ونزلت للسلام عليهما فلمحا والدتي واصرا عليها ان تنزل لحضور المسرحية، وبعد جهد مني ومنهم نزلت واجلسونا في الصف الأول ، ثم بدات المسرحية ولكن ليس من خشبة المسرح بل دخل الممثلون جميعا من الخلف وهم يصرخون ويحركون ايديهم في اوجهنا… قائلين ومكررين (إن علينا ان نفعل شيئا آخر…. ) فاستغربت والدتي القروية والتي لم تدخل مسرح في حياتها وقالت بالعامية(مال غدرتهم… )، وتركتها لاندهاشها ولم اجب، لان المسرحية بدأت!
نعيش منذ فترة ليست قصيرة اجواء مشحونة، ضبابية، يسودها التشكيك وعدم الثقة بين أطراف المعادلة الاردنية، ونترقب جميعا هذا المخاض، ونسأل انفسنا كل مساء وكل صباح، الى اين نحن ذاهبون؟ الى اين يقودون الوطن؟ ثمة في الأفق مجهول قادم، ولا نحسبه مطمئن، الامور والازمات والاحتقانات تتزايد وتكبر مثل كرة الثلج المتدحرجة، اذا ما العمل؟
اعتقد اننا جميعا بحاجة لوقفة تامل، سريعة قبل ان يفوتنا القطار، تبدأ من راس الهرم جلالة الملك، فهو إجماع الاردنيين ونقطة الإلتقاء للجميع… الكل ينتظر من جلالة الملك الحل، وهنا يجب ان لا نحمل الملك اكثر مما يحتمل، فالحكومة لديها واجبات ومسؤليات تنفيذية، مثلما على المواطن مسؤليات اذا ما العمل؟ اعتقد انه يجب ان نعترف ان كل ما تم من اصلاحات ليست الا ذرا للرماد في العيون ولم تقنع المواطن، بلدنا بحاجة الي اجراءات جراحية قوية يقودها جلالة الملك، لا تقبل التهاون ولا التأجيل، ومعروف هنا ان مأساة بلدنا هو الفساد والمقصود هنا المالي والاداري، واعتقد ان البلد يزخر بكفاءات كثيره مخلصة في شتى المجالات، ولا يكتفى بذلك بل تفعيل قوانين الرقابة والمحاسبة، وتعطيل ما تعودنا عليه (وودانا الدار السودا بالعامية)من واسطات ومحسوبيات وفساد ، وهنا لدينا خيارات، اما ان نقلب الصفحة ونقول لكل من سرق يكفي ونكف يده، ونبدأ صفحة جديده، واما نقول لكل من ترزق من المال العام بدون وجه حق ادفع نسبة يتم تحديدها حتي تعود مواطن طبيعي غير فاسد، والحل الثالث مصادرة الاموال المنهوبة والزج بالفاسدين ايا كانوا في السجن، واعتقد ان بلدنا متسامح وهذا الحل له تبعات ومعطيات قد لا نحتملها.
بعد ذلك يجب ان تشكل حكومة كفاءات علي اسس علمية فنية متخصصة صحيحة، تعمل ضمن برامج وخطط واقعية قصيرة وبعيدة المدى، وان تكون تحت الرقابة والمحاسبة، والعمل على ازالة جميع اشكال الخلل وعدم العدالة في الإدارة الحكومية، ولا ضير من استيراد وتطبيق تجارب ادارية عالمية ناجحة، مثل تركيا وسنغافوره وكوريا الجنوبية والصين، حتى لو جلبنا خبراء من هذه الدول، فلا حاجة لإضاعة الوقت والبدء من الصفر، فهذه التجارب العالمية احدثت نقلة نوعية لبلدانهافي سنوات قليلة والتجربة التركية والنمور الاسيوية خير مثال، لنبدأ مرحلة جديدة تقود بلدنا نحو التقدم والإزدهار، لأن تجاربنا السابقة وتغيير الاوجه والكراسي المتحركة والتوريث، اوصلتنا الى فشل ذريع في كل الجوانب، فاقتصادنا من سيئ الى اسوأ ، والاوضاع جميعها لا تسير كما يجب، انا اقترح ولا انظر… هكذا فعلت الدول التي تطورت فلماذا لا نقتبس تجاربها، وهنا لا تنقصنا الخبرات بل ينقصنا الإرادات، الى جانب خلق ثقافة الانتاج والعمل بين افراد الشعب، والتخلص من مظاهر الإسراف وتبديد الموارد بطرق ليس لها مثيل بين شعوب العالم، فالمسؤلية مشتركة بين الحكومات والمواطنين، فمثلما نطلب من الحكومة خدمات، يجب ان نقوم بمسؤلياتنا، كذلك اذا تم الاخذ بما تقدم فسنكون امام حكومات برامجية لديها خطط استراتيجية لبناء الإقتصاد من خلال المشاريع الريادية وتفعيل دور المواطن وجميع مؤسسات الوطن.
الموضوع الآخر وما يدور حاليا من تجاذب عبثي بين الحكومات والشعب، حكومات عاجزة ليس لديها ابداعات غير جيب المواطن، ومواطن مثقل بالهموم والمسؤليات يقاوم حتى اخر فلس في جيبه، ووقفات واعتصامات هنا وهناك، واحتقانات كما اسلفت،كل ذلك يمكن التخلص منه بسهولة، فقط إذا اقتنع المواطن ان النهج تغير، واننا نسير بالاتجاه الصحيح، مواطننا الاردني متفهم يستطيع التعلم بسرعة، وتفهم الواقع، ولو كانت الازمات الاقتصادية ضمن معطيات تخلو من الفساد، لتحمل وتحمل ودفع اخر ما لديه لمصلحة وطنه، لكننا نلاحظ كل يوم استفزازات تقض مضجع الجميع، توريث مناصب، عدم تكافؤ في الفرص، فساد مستمر شخوصه معروفين، لا محاسبة للفاسدين، واعني الكبار منهم، وانا هنا لا ارمي التهم جزافا، فالمؤشرات العالمية للشفافية والنزاهة تقول اننا في مراكز متأخرة، اضف الي ذلك الاجواء العبثية التي تحدثت عنها ليس بمقدورها خلق اجواء من الحرية، لان كل طرف يريد ان يهيمن ويكسر الطرف الآخر ، ولو كنا نعيش دولة مؤسسات وقانون ونطبق ذلك تماما، لما حدث ما يحدث، اضافة الى ان هنالك انتهازيين ومستفيدين يريدون للوضع ان يستمر الى الاسوء، في معادلتنا الحالية والى حين اجراء الجراحة المطلوبة والتي يأمل الجميع ان يقودها الملك، فلا بد من التاكيد على انه يجب على الحكومة في ظل اخفاقها ان تحتمل خروج الناس للشارع، والتظاهر وحرية التعبير، وعدم التضييق عليهم، ولو من باب التنفيس على الاقل، لاننا نعرف ان الحكومة وضمن النهج الحالي لا تستطيع عمل شيء غير التوغل في جيب المواطن، لانها لا تملك مشاريع ريادية تنهض بالاقتصاد، وليس لدينا موارد طبيعية تركن اليها، ايضا على المواطنين التظاهر بسلمية تامة وحضارية دون اللجوء الى افساد واتلاف مقدرات الوطن فهذا مرفوض، وكذلك مطلوب من الحكومة عدم استخدام اذرعها وادواتها لشيطنة الحراكات والمتظاهرين لان هذه الاساليب اصبحت مكشوفة، الاحتواء والتحاور افضل، وعدم زج ابناءنا من الأجهزة الامنية في صدام مع المواطنين لان ذلك لا يخدم احدا، ثم انه على الجميع ادراك ان الأجهزة الامنية هي درع الوطن وحامية الشعب ولن تكون في يوم من الايام حامية للفساد، هذا ما يجب ان ندركه جميعا وان لا نلجأ الى كسر العظم، فعندما يكون الوطن عنواننا فالكل رابح، واما اذا ذهب كل منا باتجاه فرض نفسه وهيمنته والعمل بعقلية الغالب، نعم قد تصبح جهة غالبة الحكومة او الشعب لكن سيخسر الوطن، وهذا ما لا نريد، نريد وطنا لنا جميعا يحمينا ونحميه، وطنا يشبعنا كرامة ونشبعة إخلاص وعمل، ليس صعبا ما اقول تجارب الشعوب تقول ذلك، لكن بكل الأحوال الوضع الحالي غير صحي، واقتبس من المسرحية الاردنية، إن علينا أن نفعل شيئا آخر. … ...حمى الله الأردن.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)