طلبة نيوز-د. مفضي المومني

اصلاح التعليم العالي ضرورة ومصلحة وطنية لا ينكره اي مطلع على وضع التعليم العالي في الاردن، والمناداة في الاصلاح هو من سمات النظم الحية وضرورة للاستمرار والتقدم، نجحنا كماً وقد وصل عدد الجامعات اكثر من 30 جامعة، ونجحنا نسبيا نوعاً قبل سنوات وكنا في مقدمة الدول العربية، الا ان المنحنى آخذ في التراجع لاسباب اصبحت معروفة للجميع.
ما يدور الآن من دعوات لاصلاح سياسات التعليم العالي يحكمه تجاذب بين مجموعة قلبها على الوطن وتريد اصلاحاً نوعياً ومجموعة اخرى تحركها سطوة المال والقطاع الخاص، ولا اعيب هنا ان لدينا جامعات خاصة ونعرف انها مؤسسات وطنية وان بعضها حققت نجاحات نوعية وتحترم العمل الاكاديمي والبعض الآخر يدار من اصحاب المال بعقلية التاجر الذي يهمه الربح والربح فقط، ضحكو علينا عند بداية الترخيص للجامعات الخاصة بانها غير ربحية، وتبين فيما بعد انها تدر الملايين على اصحابها واصبحت استثماراً مطلوباً في ظل فلتان السياسات التي تضبط التعليم العالي.
منذ مدة ليست ببعيدة حدثت هجمة على جامعة البلقاء وبالذات على كلياتها الجامعية والتقنية، حيث كان قادة هذه الهجمة يتباكون على التعليم التقني وان الجامعة غيرت مسارها واصبحت تهتم بالتعليم الجامعي على حساب التقني مع ان نص الارادة الملكية بانشاء الجامعة وقانونها يتضمنان بالنص الواضح انها جامعة تهتم بالتعليم الجامعي والجامعي المتوسط والتقني، وخرجو علينا باقتراحات (مرةً هيئة ومرةً اكاديمية للتعليم التقني) ولاننا في الميدان ونعرف حق المعرفة ان جامعة البلقاء تنهض بعبئ دعم التعليم التقني نيابة عن الحكومة لان طالب التعليم التقني لا يغطي 2-3% من كلفته، وهذا وضع غير موجود باي جامعة حكومية اخرى، وعند البحث تبين لنا ان وراء التجييش لالغاء البكالوريوس في الكليات هم اصحاب الجامعات الخاصة وكبار المساهمين ومنهم وزراء سابقون وعاملون، ليتسنى لهم جلب طلبه لا بل ( زبائن) لجامعاتهم التي كانت تعاني من قلة اعداد الطلبة المسجلين، وان التباكي على التعليم التقني هي كلمة حق يراد بها باطل.
والمؤسف ان قراءة حصيفة لسبب عدم الاقبال على التعليم التقني مرده سياسات التعليم العالي التي خضعت لضغط راس المال وخفضت معدلات القبول في الجامعات الخاصة حيث يذهب الطالب صاحب المعدل الادنى من معدل القبول في الجامعات الرسمية الى الجامعات الخاصة بدل ان يذهب للتعليم التقني.
ومن لا يعرف سطوة المال واصحاب الجامعات الخاصة اسوق مثالا بسيطا، فقد شاركت قبل سنوات في مؤتمر لاتحاد المهندسين العرب في جمهورية مصر العربية، وكان موضوع المؤتمر التعليم الهندسي الخاص وانعكاساته في الوطن العربي، وقدمت ورقة بحثية دراسة مقارنة للتعليم الهندسي في الاردن بين الجامعات الرسمية والخاصة وكانت نتائج الدراسة لمصلحة الجامعات الرسمية، وعند انتهائي من تقديم ورقتي جوبهت بهجوم ولوم من بعض المشاركين من الجامعات الخاصة من الاردن وعلى راسهم وزير سابق، وبكل بساطة اجبتهم ان دراستي اكاديمية تعتمد على ارقام رسمية واحصائية من وزارة التعليم العالي،ويجب ان تفتخروا بتقدم جامعات الوطن الرسمية.
ما لا يسر ولن يصنع اصلاحاً، ان يرتبط الاصلاح للتعليم العالي بالاجندات الضيقة لبعض اصحاب المال ملاك الجامعات الخاصة التي تبحث عن ملايين زيادة في حسابات الارباح بدلا عن الاحتكام للمصلحة الوطنية العليا وبناء استراتيجيات تنفيذية نوعية لا تبقى في ادراج الوزراء تعبر من وزير لآخر يضعف او يغرر به من اصحاب النفوذ والمصالح الضيقة، الاردن وابناؤه يستحقون اكثر من ذلك....حمى الله الاردن.