د. ايمن ابو الرب
لا بد لجائحة كورونا، وقانا الله وإياكم من شرورها، من أن تغير أسلوب حياتنا. 
فالأمور بعد زوال هذه الجائحة، بإذن الله تعالى، لن تعود كما كانت قبلها. 
فمفاهيم جديدة ستظهر وأخرى ستختفي. ومن هذه المفاهيم التي ستختفي ما يظنه البعض من أن أموالهم وأماكن وأسلوب معيشتهم وقوتهم قادرة على أن تمنع عنهم المرض والخطر.
ومنها ما يصر عليه بعض "المنظرين" من أن كثرة ساعات العمل والدوام في المكاتب هما من يحددا درجة النجاح، ويرفضون فكرة إنجاز العمل عن بعد، أو تقييم العمل بالإنجاز وليس بساعات الدوام.
كما ستتغير طريقة تعاملنا مع التقنيات الإلكترونية في التعلم والتعليم وإنجاز المعاملات والتسوق والتواصل مع العالم. وسيزداد الاعتماد على وسائل الدفع الاكتروني وهي الطريقة التي كان يرفضها عدد كبير من الناس سواء مشترين أم أصحاب محلات، ولكنها باتت اليوم الوسيلة الأكثر أمانا وتوفرا. ولن يستطيع أصحاب المحلات بعد اليوم رفض التعامل ببطاقات الإئتمان. كما سيكون المستقبل للتسوق الإلكتروني حتى على مستوى حاجاتنا اليومية.
ها نحن نرى جميع سكان الأرض يتعرضون لنفس الخطر بغض النظر عن مستواهم المادي أو الثقافي أو الاجتماعي، ونرى كيف أن المجتمعات المتقدمة تتأثر بنفس درجة المجتمعات الأقل تقدما، إن لم يكن أكثر. وكيف تأثرت بشدة أقوى الاقتصاديات العالمية مما دفع رؤساء هذه الدول للتحذير من انهيار وشيك لاقتصادات دولهم.
طبعا نحن ندرك أن العالم لن يتوقف بعد جائحة كورونا، وأنه لابد أن يتعافى ويعود قويا مجددا حتى لو تطلب الأمر بعضا من الوقت وكثيرا من الجهد، فهو لم يتوقف بعد فترة الكساد العظيم في عشرينيات القرن الماضي، ولا بعد حربين عالميتين دمرتا كل شيء تقريبا. 
ولكن من الأكيد أيضا أن اقتصاديات جديدة ستظهر وستختفي أخرى مع ظهور قطاعات صناعية وتجارية وتقنية وعلمية جديدة وأفول قطاعات أخرى لم تستطع أن تقاوم ضغط كورونا. والثقل الاقتصادي العالمي بدأ حركته التغييرية القوية وستظهر نتائجها قريبا.
علينا أن نستعد لتغييرات كبيرة في اقتصادنا وعملنا، بل وفي أسلوب حياتنا، وعلينا أن نتجهز للمرحلة القادمة ونعد لها العدة، حتى لا تتجاوزنا حركة التغيير القادمة لا محالة.
نسأل الله عز وجل السلامة