TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
الأردن وفلسطين ... مرة اخرى
19/10/2021 - 11:45am

بقلم الدكتورعارف بني حمد
أستاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك

اثارت مقالة بعنوان "وحدوا الأردن وفلسطين مرة أخرى" موقعة بإسم رجل أعمال مشبوه يقيم في الإمارات يدعى (حسن إسميك) ونشرت في مجلة فورين بوليسي الأمريكية ، جدلا واسعا في الأوساط الأردنية والفلسطينية ،يدعو فيها إلى ضم الضفة الغربية وقطاع غزة للأردن ومنح الجنسية الأردنية للفلسطينيين والمستوطنين اليهود في الضفة، وتسمية هذه الدولة الجديدة بـ”المملكة الأردنية الفلسطينية الهاشمية”،باعتبار ذلك أفضل حل للصراع العربي الإسرائيلي.
ويبدو أن هذا الطرح هو بالون إختبار وجس نبض ومن بنود (صفقة القرن) السرية لتصفية القضية الفلسطينية وتخليص الكيان الصهيوني من أزمته، على حساب الأردن وفلسطين في أن واحد، ضمن مشروع سلام إقتصادي يخدم المشروع الصهيوني. ومن المؤكد بأن هذا الطرح سيكون مرفوضا أردنيا وفلسطينيا وحتى إسرائيليا (اليمين الإسرائيلي المتطرف ).
وفي ظل هذا الجدل ، لا بد من الإشارة الى النقاط التالية بخصوص العلاقات الأردنية – الفلسطينية :
أولا : الأردن هو أوثق الأقطار العربية ارتباطاً بفلسطين، فهو الأقرب لها من حيث التاريخ والحدود والعلاقات والمصالح والتداخل السكاني، علاوة على روابط العروبة والدين.وكان للأردن الدور الأبرز عربيا في القضية الفلسطينية منذ بداياتها، وشاركت في كل معاركها، وتحملت الجزء الأكبر من عبئها وتبعاتها باعتبار ذلك واجباً قومياً ودينياً .
ثانيا: هناك حقائق لا بد من ذكرها بخصوص العلاقات الأردنية - الفلسطينية :
1. أن القيادة الهاشمية قيادة وحدوية كانت تطمح( وفقا لمبادئ الثورة العربية الكبرى ) لإقامة دولة قومية عربية مشرقية واحدة تضم كل بلاد الشام والعراق والجزيرة العربية واليمن ، ولكن هذا الطموح إصطدم برفض الدول الإستعمارية الكبرى آنذاك (بريطانيا وفرنسا )، ومقاومة بعض الزعامات العربية لطموحات الهاشميين .
2. حاولت القيادة الهاشمية في الأردن توحيد الضفة الغربية مع الأردن بشكل قانوني ودستوري ، وتمت فعلا بإرادة الشعبين الأردني والفلسطيني عام 1950. وجاءت وحدة الضفتين كحاجة فرضها قرار تقسيم فلسطين عام 1947 ونتائج حرب 1948 وقيام الكيان الإسرائيلي .
4. جرت انتخابات في الضفتين بتاريخ 11/4/1950 فاز بها عشرون نائباً من الضفة الشرقية ومثلهم من الضفة الغربية، وجرى تشكيل مجلس الأعيان بالمناصفة، وعقد مجلس الأمة الممثل للضفتين بالتساوي جلسة بتاريخ 24/4/1950 ووافق بالإجماع على قرار الوحدة بين الضفتين.
5. لم تعترف أي دولة عربية بوحدة الضفتين نتيجة الصراعات والخلافات العربية – العربية والصراعات على الزعامة العربية ، ووصل الأمر أن عقد مجلس الجامعة العربية اجتماعاً حاولت فيه عدد من الدول العربية (مصر والسعودية ولبنان وسوريا) طرد الأردن من الجامعة العربية .
6. برز طموح فلسطيني منذ الخمسينات لإقامة دولة فلسطينينة مستقلة، بعيدا عن أي علاقة وحدوية مع الأردن ، وتشكلت منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964 وحركة فتح عام 1965 بدعم مصري وعربي ولتكون المنظمة المتحدث بإسم الشعب الفلسطيني، في إشارة فلسطينية لرفض علاقات الوحدة القائمة بين الأردن والضفة الغربية انذاك. ومنذ ذلك التاريخ دخلت العلاقات الرسمية الأردنية – الفلسطينية مرحلة عدم الثقة والتنافس على تمثيل الشعب الفلسطيني، توجت للأسف بالصدام المسلح بين الأردن والتنظيمات المسلحة الفلسطينية عام 1970. وإضطر الأردن عام 1974 تحت ضغط عربي في قمة الرباط للإعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل وحيد للشعب الفلسطيني، كما قام الأردن بفك الإرتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية عام 1988 لتعزيز الطموحات الفلسطينية بإقامة الدولة الفلسطينية . وقد توجت القيادة الفلسطينية طموحاتها بمحاولة إقامة دولة مستقلة بتوقيع إتفاق أوسلو عام 1993 دون التنسيق مع الأردن .
7. الموقف الأردني الرسمي والإستراتيجي ثابت من القضية الفلسطينية ويتمثل بدعم حل الدولتين ، وقيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وحق اللاجئين بالعودة والتعويض ،وهو مصلحة وطنية عليا للدولة الأردنية لتجنب الحلول على حساب الاردن . ويرفض الأردن مناقشة أي شكل من أشكال العلاقات الوحدوية مع فلسطين ،سواء كانت فيدرالية او كونفدرالية ، قبل قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وبموافقة الشعبين الأردني والفلسطيني بإستفتاء شعبي .
7. الوحدة السياسية بين الأردن وفلسطين مطلوبة وهي قدر ومصير مشترك في النهاية ، لكن توقيتها يجب البحث فيه عند قيام الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على أرضها وشعبها باسترجاع الحق من إسرائيل واعتراف العالم بذلك، فتكون الوحدة بين دولتين وبإرادتهما المشتركة، ويتم التفاوض على صيغة الوحدة وشكلها وسلطاتها من قبل حكومتي البلدين وفق الأسس الدستورية فيهما، وإجراء إستفتاء شعبي في البلدين لبناء قناعة عند الجميع تضمن لها الإستمرارية بعيداً عن ادعاءات الضم والهيمنة.

وحمى الله الأردن وفلسطين من كل المؤامرات

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)