TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
الاعتماد الأكاديمي الدولي و تدويل التعليم
19/05/2020 - 12:45pm

الأستاذ الدكتور يونس مقدادي

لقد شهد العالم بقطاعاته منذ عقدين على الأقل تحولاً حقيقياً نحو العالمية في ظل بما يسمى بالعولمة والتي لعبت دوراً كبيراً في تغير فكر وثقافة حاكمية كافة القطاعات ومنها قطاع التعليم والتعليم العالي على إعتباره من أهم القطاعات الحيوية في تطور المجتمعات وتحضرها وبشكلٍ خاص في ضوء الانفتاح بإبعاده على العالم الخارجي وذلك إنطلاقاً من مبدأ التنافسية مع مثيلاتها من المؤسسات التعليمية العالمية بدلاً من البقاء داخل المربعات الصغيرة. وعليه فإن هذا التحول قد دفع بمؤسسات التعليم ومنها الجامعات بالتفكير جلياً نحو العالمية لتحقيق العديد من المكاسب المادية والمعنوية منها تحسين مدخلات ومخرجات التعليم، بناء السمعة والمكانة الأكاديمية في مصاف الجامعات المرموقة، وتنافسية الخريجين على فرص العمل المتاحة والاستحواذ عليها بسهولة، وسهولة عملية الاستقطاب للطلبة محلياً وإقليمياً ودولياً، مما يشكل بمجموعه الهوية الرفيعة والسمعة والصورة الذهنية والمكانة التنافسية للجامعات مقارنة بمثيلاتها محلياً وإقليمياً ودولياً.

إن التوجه نحو الإعتمادات الأكاديمية الدولية قد أصبح من الضرورات لإستدامة الجامعات وتعزيز دورها الفاعل في تطور أركان المجتمع ومكوناته، مما دفع العديد من المفكرين وأصحاب الإختصاص في التعليم الجامعي بالحديث والمطالبة الصريحة نحو تغيير نمطية التعليم الجامعي والعمل على تطويره والتوجه نحو الإعتماد الأكاديمي الدولي ومعايير الجودة الأكاديمية الدولية بالتنسيق مع العديد من الهيئات العالمية المتخصصة بالإعتماد والجودة الأكاديمية الدولية والتي وبدورها تقوم بمراجعة وتدقيق كافة الملفات الخاضعة للمعايير والشروط للتأكد من مدى إلتزام الجامعات وبرامجها بها ، ويتم ذلك ضمن أليات عمل وجدول زمني معين متفق عليه مع إدارة الجامعات شريطة إن تلتزم الجامعات قولاً وعملاً بتطبيق وترجمة مضامين كافة المعاييرعلى أرض الواقع لتصبح تلك المضامين جزءٍ لا يتجزء من الثقافةالأساسية لمنظومة التعليم والمسيرة التعليمية للجامعات.

وبإعتقادي بإن حاكمية العديد من جامعاتنا الحكومية والخاصة قد أدركت ومنذ فترة من الزمن القريب بأهمية الإعتمادات الأكاديمية الدولية وإنعكاساتها الإيجابية لصالح الجامعات ومنتسيبها من الطلبة والعاملين والحاكمية فيها من ناحية ومن ناحية أخرى للتتمكن من ترجمة رؤيتها الإستراتيجية وصولاً إلى العالمية بدلاً من أن تبقى تلك الرؤى والاحلام والطموحات حبراً على ورق ناهيك عن إبتعادنا كل البعُد عن عالم التطور في التعليم من حولنا.إن هذا التوجه يتطلب العديد من المتطلبات والإجراءات وعلى الجامعات توفيرها ومن أهمها الإراده والتوجه الحقيقي للبدء بالتحضير لهذه المتطلبات قبل البدء بتعبئة الطلبات الخاصة بطلب الإعتماد والمعتمدة لدى الهئيات العالمية المتخصصة بالإعتمادات الأكاديمية الدولية سواء على مستوى البرامج أو على مستوى الكليات أو على مستوى الجامعة ككل.

لقد سمعنا ومن فترة بإن هناك عدد من الجامعات الحكومية قد حصلت على إعتمادات دولية في عدد من البرامج أوالكليات ، وفي الأونة الآخيرة قد سمعنا أيضاً بإن عدد من الجامعات الخاصة قد حصلت على إعتمادات أكاديمية دولية ومن هيئات دولية مرموقة وأخرى قد حصلت على تصنيفات عالمية مرموقة مما يلزمنا رفع القبعات لهم إحتراماً وتقديراً لجهودهم. والتسؤلات التي تطرح نفسها في هذا الشأن وهي: كم عدد البرامج التي حصلت على إعتمادات أكاديمية دولية في جامعتنا الأردنية؟ وما هي نسبتها من العدد الإجمالي لنفس البرنامج في مختلف الجامعات الحكومية والخاصة؟ وما شأن البقية من البرامج والجامعات؟ ما مدى جدية مجالس الحاكمية في جامعاتنا تجاه هذا الملف المصيري والذي أصبح يفرض نفسه على قطاع التعليم الجامعي؟ وما هي حزمة الإجراءات التنفيذية المتخذة للتعامل مع هذا الملف إن وجدت؟ وما هي الحلول المقترحة لمعالجة تحديات هذا الملف؟ وأخيراً هل نحن على مسافة قريبة من إنجاز هذا الملف أم سيبقى ذكره والحديث فيه حبراً على ورق والاكتفاء بذكره في خططنا الإستراتيجية؟

أني أعتقد جازماً بإن ملف الإعتمادات الأكاديمية الدولية للبرامج الأكاديمية في جامعاتنا أصبح في الحقيقة من أهم الملفات والذي يتوجب على الجامعات أخذه على محمل الجد وبعيداً عن الأفكارالمجردة والتنظيرولغة الأنا والتوجهات الضيقة التي لا تغني ولا تسمن من جوع، وأن نكون على مسافة قريبة مما يجري عالمياً على مسرح قطاع التعليم ومستقبله، وخلافاً لذلك ستكون النهاية قاسية على مسيرة التعليم الجامعي وبتصوري سيكون هناك صعوبات في إستدامة بعض الجامعات لا قدر الله لعجزهاعن حسن إدارة هذا الملف في ظل المنافسة الشديدة بين الجامعات والتسابق إلى التميز والمكانة والسمعة الطيبة والمرموقية مقارنة بمثيلاتها من الجامعات المحلية والأقليمية والعالمية. حمى الله الوطن وقيادته الحكيمة وشعبنا من أي مكروه.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)