TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
الببغائية
20/01/2020 - 12:00am

بقلم: المهندس عامر عليوي، جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية
طُبع طائر الببغاء على قدرة عجيبة ومقدرة فريدة في ترديد الكلام دون فهمٍ وإعادة الألفاظ دون وعي، ولم يستطع ذلك الطائر مجاوزة محيطه أو التمايز عن جنسه، لكنه أسهم في اكتشاف نمط من العقول البشرية تتسم ببعض صفاته، وتسرق بعض طبائعه.
كلُ يوم نصادف في حياتنا أناسا ببغائيين، يجيدون النقل والنسخ واللصق، ينقلون الكلام ويصدقون الاشياء (بغض النظر عن صحتها) وبدون اي محاكمة عقلية او اقتناع او ابداء وجهة نظر شخصية، بل تكون من فلان او نقلا عن علان، والغريب ان اغلب هؤلاء يستميتون دفاعا عن هذه الاقاويل والافعال والممارسات دون ان يفهموها، او يفسروها، او يجدوا اي جواب لأهدافها وما حولها.
نعيش زمان محتلون فيه بأفكار غيرنا، ونفكّر عن طريق بعضنا، وننقل آرائهم، وكل منا يتصور أنه يعرض أفكاره وآراءه، وهو في الحقيقة يعرض أفكاراً مغشوشة ومنقولة، حتى انها تفتقد لأمانة النقل، وفضيلة (العنعنة): أي عن فلان، عن فلان أنه قال:(...)، وأحاديثنا كلها مقطوعة وضعيفة المتن والسند، ومصادرنا كلها غير موثوق بها ومجروحة. أصبحنا أسرى أفكار بعضنا، وآراء الآخرين حتى لو ادعينا أننا مستقلون وأحرار، وهذا هو مربط الفرس وبيت القصيد، نحن مع الرائج والسائد والشائع حتى وان كان كاذباً، وهو كاذب فعلاً، فلا رواج ولا ذيوع في مجتمعنا إلا للكاسد والفاسد من الأقوال والأفعال والسلع والأفكار.
الببغائية أمر طبيعي ومقبول عند الأطفال كونها في طريقها للزوال او تصحيح المعاني والأفكار لديهم لاحقا، لكنها مستهجنة ومرفوضة بان تكون لدى الكبار ممن هم محسوبون على المتعلمين والمثقفين، ولهؤلاء أقول تذكروا أنه سبق أن تم عزل ببغاء في محمية بسبب كلماتها النابية التي حفظتها دون أن تدرك معناها كنوع من العقوبة حتى تنسى تلك الكلمات، فلا تكن ببغاء بتفكيرك ومعتقداتك.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)