البرامج الأكاديميّة ومُسوّغات استحداثها
د. صلاح جرّار
عندما تستحدث أيّ جامعة من الجامعات تخصّصاً جديداً، فإنّ أوّل ما تفكّر فيه هو مُسوّغات استحداث هذا التّخصّص، وينظر في العادة إلى مسوّغ مهمّ هو مدى خدمة هذا التّخصّص للمجتمع، ومدى حاجة المجتمع إليه في مسيرته في النّهضة والتّقدّم، بالإضافة إلى نقص أعداد المتخصّصين في مجال هذا التّخصّص.
ولعلّ من المسائل التي لم تخطر على بال الإدارات الجامعية في بلدنا العزيز أنّه ينبغي أن يكون في كلّ قسم من أقسام الجامعة الأكاديمية مساق إجباريّ يتحدّث عن أهميّة التّخصّص الذي يلتحق به الطالب، فيكون مثل هذا المساق قاعدة يبني عليها كلّ قسم خططه ومساقاته، ويكون كذلك حافزاً للطلبة لبذل مزيد من الاهتمام بما يدرسونه من مواد ذلك التّخصّص، فتغدو دراستهم عن اقتناع بأهميّة ما يدرسون، وعند ذلك يكون تحصيلهم في تخصصهم أفضل وتكون قدرتهم على تطوير ما يتعلمونه والإبداع فيه أفضل. وأمّا عندما يكون الطالب غير مدرك لأهميّة ما يدرسه فإنّه في الغالب لا يبالي بأهمية ما يدرسه وما يحصّله من دراسته، ونتيجة لذلك لن يكون مبدعاً في مجال دراسته.
وتنطبق هذه الحالة بصورة أكبر على الطلبة الّذين يضطرون للالتحاق بتخصّص لا يرغبون فيه أو كانوا يريدون الالتحاق بغيره، ففي هذه الحالة فإنّ معرفتهم لأهمية هذا التّخصّص وحاجة المجتمع بمؤسساته وأفراده إليه تجعلهم يستسيغون هذا التّخصّص وتقبّله وتطوير أنفسهم فيه والإبداع فيه.
وفي رأيي أنّ مستوى التّقدّم العلميّ للطالب لا يقاس بنوع تخصّصه بل بقدرة الطالب على التفوق فيه ومواصلة التّحصيل العلميّ فيه والحصول على الشهادات العليا.
وما يقال عن الطلبة يقال أيضاً عن أعضاء الهيئات التّدريسيّة، فإنّ اقتناع عضو هيئة التّدريس بتخصّصه وإدراكه لأهمية هذا التّخصّص على الصّعيد المحليّ والإقليميّ والإنسانيّ، يجعله أكثر انتماءً وإخلاصاً لتخصّصه وأكثر إبداعاً فيه، في البحث والإنجاز العلميّ في جامعاتنا وفي سائر التّخصّصات العلميّة دون استثناء.
وعليه فإنني أدعو جامعاتنا بكليّاتها وأقسامها إلى أن تُعنى بتخصيص مساق في كلّ تخصّص يوضّح أهميّة هذا التّخصّص ومردوداته على صعيد المجتمع المحليّ وعلى الصّعيد الإقليميّ وعلى صعيد المنجزات العلمية والإنسانيّة.
إنّ إدراك أهميّة ما ندرس وما نفعل وما نقول هو أهم سرّ من أسرار النّجاح.
Salahjarrar@hotmail.com