TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
البلقاء التطبيقية...تغيّر العقلية الشعبية تجاه التعليم التقني
20/03/2018 - 4:30am

د. ناصر إبراهيم الشرعه
منذ سنوات والنداء يطلق تلو النداء لتشجيع التعليم التطبيقي والتقني؛ لكن للأسف لم نقطف ثمار تلك النداءات، ولم يكن يتجه إلى هذا المجال (التعليم التقني/ دبلوم) إلا المُكرَه الذي لا يؤهله معدله لغير ذلك، وبالمقابل نرى التهافت على التعليم الأكاديمي، وتتكبد الأسر باهظ التكاليف في سبيل حصول إبنها على شهادة البكالوريوس في التخصصات الأكاديمية المختلفة؛ لينضم بعدها إلى طوابير المتعطلين، منتظرا أن يحالف الحظ طلبه المتكدس في ديوان الخدمة المدنية من بين ما يزيد على ثلاثمائة الف طلب، وتمر السنوات وتتعطل الطاقات، وتتلاشى الأحلام، ويهبط مستوى الطموح.
صحيح أن لذلك أسباب كثيرة منها حب للألقاب الأكاديمية، وعقلية تفضل التعليم النظري على التقني توارثناها منذ أيام الفلسفة الأفلاطونية التي تعلي من شأن التأمل والتنظير، وتقلل من شأن العمل والإنتاج، لكن أيضا هنالك أسباب أخرى أدت لهذه النتيجة، أهمها أن تلك النداءات إلى التعليم التقني والتطبيقي لم تكن مدروسة ومخططة، كأنها تقول للطالب توجه إلى التعليم التقني وبعدها ابحث عن فرصة، دون تحديد لمجالات التعليم التقني المطلوبة في سوق العمل، فضلا عن ضعف كفاياته المتحصّلة من تلك البرامج.
واليوم نرفع القبعات لجامعة البلقاء التطبيقية التي لم تكتف بالدعوة إلى التعليم التقني فقط، بل جاءت هذه الدعوة مقرونة بالخطط المدروسة وبما يتواءم مع حاجات سوق العمل، بناء على مسوحات علمية؛ ليكون التعليم من أجل التشغيل، إذ قامت الجامعة - كما استمعنا قبل أيام وعلى لسان رئيسها الأستاذ الدكتور عبدالله الزعبي عبر تلفزيون رؤيا- بعقد اتفاقيات وشراكات مع القطاع الخاص، بحيث تقوم تلك الجهات بتحديد أعداد الأيدي العاملة التي تحتاجها والمهارات والكفايات اللازمة لهم، وبالمقابل تقوم الجامعة بفتح التخصصات وتدريب وتأهيل الملتحقين بها، وتعديل وتطوير الخطط الدراسية وطبيعة المهارات والنتاجات المستهدفة، وما يميز هذه التجربة أيضا الديناميكية المتغيرة، بمعنى أن التخصصات والخطط والمهارات تتغير بحسب الحاجات المتجددة لسوق العمل وخطط التنمية.
إن الفرق بين النداءات السابقة وما قامت به جامعة البلقاء التطبيقية، كمثل الأب الذي يقول لابنه أدرس كي تنجح، ثم يدير ظهره مكتفيا بهذه الكلمات الوعظية والإرشادية ... وأب آخر يقول لابنه تعال حتى أضع أنا وأنت خطة وإجراءات عملية... كيف تدرس؟ وكيف تكون دراستك فعّاله؟ وماهي طريقة الدراسة الأنسب لشخصيتك وطبيعتك؟... ويبقى معه يساعده ويشجعه، ويقوّم ما تم إنجازه، ويعدل الخطة والأسلوب والطريقة في ضوء التغذية الراجعة.
ونتيجة لهذا العمل المخطط المدروس جاءت النتائج مبشرة بقدرة جامعة البلقاء التطبيقية على تغيير العقلية الشعبية تجاه الالتحاق بالتعليم التقني، فقد تضاعف قبول الطلبة في التعليم التقني للدورة الشتوية 2018 بنسبة 300%، وهناك عديد من الطلبة التحقوا بالتعليم التقني (دبلوم) بعد حصولهم على درجة البكالوريوس بتخصصات أكاديمية مختلفة، وأنا شخصيا لدي طالب في احدى الشعب يدرس دبلوم التصنيع الغذائي وهو حاصل على بكالوريوس في التمريض.
إن هذه الخطوات الجادة المتميزة أعادت الجامعة إلى مسارها الذي أُسست من أجله كجامعة تطبيقية فريدة بين جامعاتنا الأردنية، وهذا مصدر فخر لنا كأبناء للجامعة؛ إذ أن معضلة البطالة لاسيما بين صفوف المتعلمين تؤرق مجتمعنا الأردني، من رأس الدولة إلى الأسرة، ولقد استمعنا بمناسبات مختلفة إلى توجيهات جلالة الملك -حفظه الله- بالتركيز على التعليم المهني والتقني، والذي يدر دخلا ويحظى بفرص أفضل للعمل.
وأجد من واجبي أن أكتب في هذا الموضوع؛ تشجيعا للأسر والأبناء على الالتحاق بالتعليم التقني، وكذلك من باب الشكر والتقدير لجامعة البلقاء التطبيقية وقيادتها الأكاديمية التي تستجيب للرؤى الملكية، وتهتم بمعالجة هموم المواطن الأردني وفي مقدمتها الهم الاقتصادي وبطريقة علمية وعملية.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)