TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
التعليم العالي... إستحقاقات مؤجَلة..!
16/05/2020 - 12:45pm

د. مفضي المومني.
في مقالات سابقة نادينا يثورة بيضاء في قطاع التعليم العالي، ولأن صناع القرار في هذا القطاع منشغلون بأمور إجرائية مرحلية، والعمل لديهم لا يعدوا إطفاء الحرائق وحرق المراحل، فغابت عنهم النطرة الكلية لهذا القطاع الذي لم يلقى العناية الكافية، تغيرات متكررة وسريعة لوزراء التعليم العالي، لا تتيح لأي منهم وضع استراتيجيات وتنفيذها، مما اختزل دور الوزير إلى الإنشغال بأمور إجرائية تنفيذية مرحلية، وحجب الرؤيا عن وضع استراتيجيات بعيدة المدى تخطط لسنين قادمة، ناهيك عن تداخلات ومعطيات وإخفاقات مختلفة وإرث تراكمي سلبي، وغير ذلك، وأحسب أن غالب ما يتم في قطاع التعليم العالي يتم بشكل مُرسل، تفرضه المواقف والتغيرات، بمعنى أن الأحداث تقود صناع القرار في التعليم العالي بدل أن يقود صناع القرار الأحداث والتغيرات والتطورات، لم نعد نجرؤ على ذكر الثورة البيضاء لهذا القطاع، لقناعتنا أن هذا غدا مستحيلا، لعدة أسباب، منها كما أسلفت التغيرات المتكررة وتردد الحكومة في دمج التعليم العالي بالتربية والتعليم مرة والعودة عن ذلك مرة أخرى، ومن ثم طرح ذات الموضوع حاليا لترشيق الوزارات، إضافة إلى أن الثورة البيضاء بحاجة لسياسات وتشريعات وقرارات جريئة تنفض الغبار العالق لسنين من تكرار الأساليب والأدوات في قطاع التعليم العالي، والإنحسار والإنكفاء على الذات، إضافة إلى أن القيادات في التعليم العالي والجامعات لأكثر من مرحلة ليست بمستوى التغيير المنشود، ولا أنسى الضائقة المادية في الجامعات، والتي أختزلت دور رئيس الجامعة ليستجدي كل شهر وزير المالية ووزير التعليم العالي ومدراء البنوك للملمة رواتب العاملين.
في الأفق وكما أُعلن تغييرات وتعيينات لمناصب شاغرة في التعليم العالي، وبالذات هيئة الإعتماد ومنصب أمين عام وزارة التعليم العالي، وأيضا هنالك إستحقاقات لانتهاء فترة بعض رؤساء الجامعات في الأشهر القادمة، وفي الأفق أيضا كلام عن تعديل وزاري، وقد تكون وزارة التعليم العالي هدفا لذلك، خاصة إذا ذهبت الحكومة لدمج التعليم العالي والتربية، فإذا كان الأمر تغيير وجوه وتعبئة شواغر فسيتم ذلك بما تيسر ..!، أما إذا كانت هنالك رؤيا للتغيير وإحداث نقلة نوعية فالموضوع أكبر من ذلك، وربما نحتاج للعودة إلى الإستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية، ونرى مدى نجاح الجامعات في تحقيق أهدافها التنفيذية بنسبة وتناسب للفترة من 2016 - 2025 وهي المدى الزمني للإستراتيجية، بالمقابل حتى نحقق ذلك، هل لدى وزارة التعليم العالي أو مجلس التعليم العالي تقارير رصينة وصحيحة عن مدى تنفيذ الجامعات لمقررات الإستراتيجية وحسب جدولها الزمني وخططها التنفيذية! لا أظن ذلك ولم اسمع مسؤول في التعليم العالي منذ فترة يتحدث عن ذلك، فقد تكون لحقت بمثيلاتها… الأجندة الوطنية، ورؤيا الأردن…وسابقا خطة رؤساء الجامعات الرسمية المتضمنة خطة عمل تنفيذية للنهوض بالجامعات الأردنية الرسمية عام 2008، والإستراتيجية الـوطنيـة للتعليم العـالـي والبحث العلمي 2007-2012، وغيرها من المؤتمرات والأوراف والتقارير والتي اعتلاها الغبار في ارشيف الوزارة والحكومة ولم ينفذ منها الا ما تيسر.
دول عربية حولنا كنا نسبقها بأشواط كبيرة، تتقدمنا، وأقولها ربما لم نتأخر، ولكن الآخرين سبقونا، لهذا ليس لدينا ترف الوقت، التعليم العالي بحاجة لتغييرات جذرية، وبحاجة لقادة وإدارات تحمل رؤيا وأفق للتطور، قادرة على مواكبة التسارع التكنولوجي، والثورة المعرفية، لا إدارات تبحث في التفصيلات الصغيرة وتجعلها آخر أهدافها، فتضيع الجهود وتتشتت، ونعود إلى الوراء بخطوات ثابتة، المرحلة القادمة يجب أن يقودها رجالات معروفون بخبرتهم وعلمهم وحياديتهم وأن يكون ذلك عمل فريق، وليس إستعراض الرجل الواحد الذي تعودنا عليه، فتكاد كل مرحلة تأخذ سمة شخص الوزير أو الرئيس واخفاقاته وتفرده او نجاحاته، مع اننا نتغنى بالمؤسسية، مطلوب عمل فريق يؤسس لتعليم عالي مواكب للعصر، فمرحلة الكورونا وما قبلها كشفت المستور وعظائم الأمور ، ونتفق جميعا أن ضعنا بالنسبة للعالم ليس بأحسن حالاته، ونتفق جميعا على أن هنالك تراجع، لكننا لا نفعل شيئاً، التطور بحاجة لرؤيا شاملة ومتابعة، وتغيير بعض المواقع الفردية هنا وهناك، بأدوات قديمة لن يغير شيئا ولو تعددت اللجان!، الموضوع اكبر من ذلك، وبحاجة لقيادات مرحلة وليس لباحثين عن مناصب، ملف التعليم بشقيه العام والعالي أساس النهضة الإقتصادية والإجتماعية، فلا تدفنوا رؤوسكم في الرمال، فهذا الملف يؤخذ كاملا، ولا يجزأ… فهل انتم فاعلون؟… حمى الله الأردن.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)