TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
التعليم والتعليم العالي والفوضى المنظمية
01/12/2014 - 9:45am

طلبه نيوز
الأستاذ الدكتور سلامه طناش*
أستاذ إدارة التعليم العالي/ الجامعة الأردنية
يواجه التعليم العالي في الأردن تحديات قد يبدو بعضها مرئيا لكل المهتمين بشؤونه. ولكن في كثير من الأحيان لا تبدو هذه التحديات مرئية لكثيرين آخرين. فقيادة التعليم والتعليم العالي قد تواجه حالات من عدم الإدراك للفوضى المنظمية، أو تشارك فيها عن قصد، أو غير قصد. ويتمثل ذلك في جوانب اجتماعية واقتصادية وسياسية. إذ تتمثل الفوضى المنظمية في أربعة أنواع من الغموض: غموض الهدف؛ وغموض القوة أو النفوذ؛ وغموض الخبرة؛ وأخيرا غموض النجاح.
إن هذه الأنواع الأربعة من الغموض بالنسبة لمن يتبنى قيادة التعليم أو التعليم العالي تعتبر أساسية وبقلب التفسيرات العادية لعملية القيادة. إذ عندما يكون الهدف غامضا فإن عملية اتخاذ القرار تصبح مشكلة قابلة للجدل، وتكون عملية مشكوكا فيها. وعندما تكون القوة ( أي النفوذ ) غامضة تصبح نظريات النظام الاجتماعي، والضبط الاجتماعي مشكلة قابلة للجدل أيضا. وعندما تكون الخبرة غامضة وغير متقنة، تصبح نظريات التعليم والتكيف مشكلة قابلة للجدل. وعندما يكون النجاح غامضا، تصبح نظريات الدافعية، والاستماع الشخصي مشكلة مشكوكا فيها.
ووفقا لذلك فإن أي شخص يمكن له أن يتمثل الدور القيادي لمؤسسات التعليم والتعليم العالي، وأن يلقي محاضرة عن كل ما يخطر بباله. لكن ليس بالضرورة أن يستمع له أي شخص بشكل طوعي، لأن مثل هذه الخطب والمحاظرات وحتى المقالات، وما شابهها ما هي إلا تمارين مفهومة جيدا في الخطب الاجتماعية والسياسية الرنانة، ومع تغيير بسيط في محتوى العمليات لإنتاج أهداف إما عديمة المعنى، أو مشكوكا في صحتها. وهكذا ينتج الغموض غموضا آخر أكثر تعقيدا للمشهد الاجتماعي السياسي. وبالتالي للرؤية المستقبلية، واستنباط مكونات النفوذ باعتبارها مصيدة لاجتذاب الآخرين من متخذي القرار. إن فكرة المصيدة في النفوذ منتشرة هنا وهناك، وذلك لاجتذابها البعد الاجتماعي السياسي. ومثلها في ذلك مثل الذكاء أو الدفاع، أو المنفعة، لكونها تميل إلى البساطة اللغوية الظاهرة، بينما هي فعليا خادعة، وعرضة للتقلب والتغير واستنباط للحشو والإذلال.
إن قوة تحريك التعليم والتعليم العالي ضمن هذه الفوضى المنظمية هو أمر في غاية الخطورة على المجتمع ومستقبله. لان متخذ القرار يدعي بامتلاكه القدرة على تحريك مجمل العوامل، وليكتشف لاحقا أن قدراتة ضعيفة، لأنه يرتكز على قوى أخرى، ونفوذا قد يبدي تذمرا من شكوى الآخرين لتلك القوة، وليبحث لاحقا عن مبررات مكتبية. وليصبح المكتب مصدر قوته وليس النموذج الإداري الذي تبنى نفسه. وتصبح بعد ذلك الأفكار والآراء ربطا للعلاقات وهي مصدر القوة والنفوذ. وهكذا تكتنز الخبرة غموضا رغما عن أنفه. لأن الاستنتاجات المكتسبة والمستنبطة ما هي إلا تراكيب مشوهة غير متسقة مع القرار أو الهدف أو العمليات. فالعالم الذي يعيشه في غاية التعقيد، والتغير والتبدل، والتنوع للأهداف والنفوذ. ومهما حاول التبديل والتغيير سيكتشف ضآلة نفسه، وفقا لما يقوم به الآخرين، ولينام مهموما قلقا نتيجة لكثافة الغموض الذي هو جزء منه، ويعيش معه.
وهكذا، وبعد عمر مديد يأتي النجاح مخيبا غامضا غير ملموس. ومجمل النجاح الحاصل هو في الواقع إن وجد ليس من نتائج التقييم العلمي لتخطيطه الاستراتيجي، وإنما وفقا للفرص المتوفرة، والتي توافرت منذ سنين. وهنا يلعب الزمن دوره في عجلة النجاح النسبي أو الفشل الكلي. ويبدو البحث في التخفيف من الأعباء والإعياء فرصة أخرى وقابلة للاحتمال الكاذب. واستجابة القائد في التعليم والتعليم العالي، إما هي مبحث شخصي لبناء أسس يمكن أن تكون معقولة في الواجهة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. فهل السلوك القيادي في التعليم والتعليم العالي يبحث في مجمل غموض الهدف الشخصي، وغموض نفوذه، وغموض الخبرة الشخصية لإنتاج النجاح للمجتمع وتخفيض حدة الفوضى المنظمية؟!!

التعليقات

الدكتور نذير سي... (.) الاثنين, 12/01/2014 - 09:57

ا.د سلامه طناش صاحب الفكر النير والعقلية الواسعه والنظرة الشامله في الرؤية.عرفناك استاذنا وانت صاحب كلمة جريئة ولازلت هكذا.ماتكتبه يجهل عنه الكثير ممن يرسمون سياسات تعليميه افشلت نظم التعليم العالي.بوركت جهودكم استاذنا

الدكتور نذير سي... (.) الاثنين, 12/01/2014 - 09:58

ا.د سلامه طناش صاحب الفكر النير والعقلية الواسعه والنظرة الشامله في الرؤية.عرفناك استاذنا وانت صاحب كلمة جريئة ولازلت هكذا.ماتكتبه يجهل عنه الكثير ممن يرسمون سياسات تعليميه افشلت نظم التعليم العالي.بوركت جهودكم استاذنا

د خالد السرحان (.) الاثنين, 12/01/2014 - 10:39

كل الاحترام والتقدير للاستاذ الكبير د سلامة طناش على هذه الاضاءات في ادارة التعليم العالي وكل التوفيق لخدمة وطننا العزيز

مجهول (.) الاثنين, 12/01/2014 - 13:43

شو كمان بدك يا طناش بيك

ربى الشبول (.) الاثنين, 12/01/2014 - 18:51

لذلك لم تعد المخرجات التربوية ضحية غامضة تختبئ وراء معايير الواقع التي فرضها ذلك الغموض الكبير في اهداف التعليم ونفوذه ولهذا لم نعد نستغرب ونستنكر النجاح المقنع
مقال هادف يستحق النظر وليس بالجديد على أستاذنا الدكتور سلامة طناش أطال الله في عمره ٤

د. زكريا شطناوي... (.) الاثنين, 12/01/2014 - 19:05

سلمت يمينك يا دكتورنا الفاضل.
كلام في الصميم ليتهم يفقهون

د.محمد الزبون/ ... (.) الثلاثاء, 12/02/2014 - 08:11

الاستاذ الدكتور سلامة طناش انت اكاديمي مبدع في كتاباتك التي تنم عن سعة افق واطلاع والعنوان يحمل في طياته الكثير من التساؤلات والأفكار القابلة للنقاش حفظكم الله

فوضى ادارية (.) الثلاثاء, 12/02/2014 - 16:03

واختيار اعضاء مجلس التعليم الاعالي الاخير يمثل الفوضى الادارية المنظمة

قول الحق (.) الجمعة, 12/05/2014 - 11:35

صراحه كلام جدآ جدآ جميل لكن أتمنى رؤيتك في منصب الوزاره !

يا ريت لو يحطو أمثالك ب رئاسه الوزراء يا دكتور سلامه

مواطن عادي (.) الجمعة, 12/05/2014 - 11:37

انت علم من اعلام الامه ّ ! ما شاء الله روعه كل كلمه تنم عن الخبره ّ !

اتمنى لو نشوفك بمنصب كبير و يليق بحجمك يا بروفسيور

خلف بني خالد (.) الخميس, 12/11/2014 - 20:17

أبدعت إستاذنا الفاضل
كل الاحترام والتقدير لشخصك الكريم

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)