TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
التعليم و التفكير الناقد
06/08/2020 - 6:00pm

لا يختلف اثنان ان التعليم الجامعي و الحصول على شهادة جامعية هو حق لكل مواطن، و ان من واجب الدولة ان تنشئ الجامعات و تتيح فرص التعليم الجامعي لكل مواطن. و قد سعت الدول لا بل و تنافست في دعم التعليم العالي و البحث العلمي و التحقق من جودة مخرجات البرامج الاكاديمية من خلال هيئات الاعتماد و و زارات او مجالس التعليم العالي. و قد اولت ألدولة الاردنية التعليم العالي و مؤسساته المختلفة كل العناية و الرعاية، و اتاحت التعليم العالي و الاتحاق بالجامعات و المعاهد العلمية لمعظم خريجي الثانوية العامة. و لكن السؤال الذي يجب ان يطرح: هل الطالب الذي اتيحت له فرصة الالتحاق بالجامعة خاصة الذين دخلوها من خلال برامج الاستثناءات استفادوا من هذه الفرص؟ و هل اثر تعليمهم الجامعي و قضائهم ثلاث او اربع سنوات في الحرم الجامعي و اختلاطهم بالمجتمعات الطلابية المتنوعة ايجابيا على تفكيرهم؟ هل اكتسبوا مهارات التفكير الناقد؟ لا شك ان الغالبية العظمى من خريجي جامعاتنا على درجة عالية من الوعي و حسن التفكير. و لكن ما رأيكم بالطالب الذي يطلب الواسطة عند هذا المدرس او ذاك البروفسور حتى ينجح ؟ هل مثل هؤلاء الطلبة الذين يعتمدون على استجداء علامة النجاح و يتخرجون دونما بذل ادنى جهد من اجل تطوير أنفسهم و تنمية مهارات التفكير الناقد لديهم سيتحملون المسؤولية بعد التخرج؟ و ما رأيكم بالدكتور او المدرس الذي يعطي شريحة معينة من الطلبة (كابناء عشيرته او منطقته) علامات عالية من اجل الشعبية و ربما لاهداف انتخابية نيابية في المستقبل؟ أعتقد جازما ان الدكتور الجامعي الذي يقول ان "فتحة العداد" عنده هي علامة 85 لا يستحق ابدا ان تطأ قدماه الحرم الجامعي و ان الدكتور الجامعي الذي يسمح للطالب ان يغيب عن محاضراته دون مبرر تجاوزا لانظمة الجامعة و تعليماتها النافذة من اجل كسب ود اهل هؤلاء الطلبة و أصواتهم الانتخابية لا يستحق ايضا ان يدخل أبواب الجامعة. لقد آلمني كثيرا ان اسمع الكثير من ابناءنا الطلبه و من ذويهم ان الدكتور الفلاني لم يساعدنا أثناء دراستنا الجامعية، و المقصود هنا انه لم يعطنا العلامة العالية التي لا نستحق او انه رفض التوسط لنا عند زملاءه ليعطونا علامات عاليه او يتجاوزوا عن الغياب الغير مبرر عن المحاضرات.
للاسف ان مثل هذه الممارسات تحدث في جامعاتنا و احيانا بعلم الإدارات الجامعية دون اتخاذ إجراءات رادعة بحق من يعتدي على سمعة التعليم و جودته. لقد أصبح الحصول على الشهادة الجامعية، أي الكرتونة، كما يقول البعض غاية بحد ذاتها. انما الاصل ان هذه الشهادة هي شهادة على تحصيلك على علم و معرفة في تخصص ما و اكتسابك مهارات التفكير الناقد النافعة للحياة بعد التخرج.
لقد كنت يوما في مكتب احد رؤساء الجامعات فجاءه طالب يتوسل ان يتدخل الرئيس لدى مدرس ان ينجحه في مادة لإنه خريج، و مما قاله الطالب للرئيس انه أمضى أربع سنوات في الجامعة و لم يتعلم شيئًا، فقال له الرئيس مستهزءا بتفكير هذا الطالب: "الم تتعلم ان تضع "جل" على رأسك؟" فبربكم كيف نجح هذا الطالب كل هذه السنين التي أمضاها في الجامعة، و لماذا لم يستفد من هذه الفرصة التي ربما أخذها بسسب إستثناءات القبولات و ربما حرم غيره ممن يستحقها.
نحن نقول إن التعليم الجامعي حق مشروع للجميع و لكن النجاح و التحصيل الأكاديمي مسؤولية الطالب، و الدكتور الجامعي او المدرس الذي ينجح الطالب الفاشل و الذي يتوسط عند هذا او ذاك لإرضاء المجتمع المحلي آثم، لا بل مجرم في حق المجتمع و الإنسانية و يضر بالطالب و بتكوينه الفكري اكثر مما ينفعه.

د. محمود الشرعة

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)